الحريري و«الوقت» غير المناسب للقاء نصرالله..

روزانا رمّال

يؤكد رئيس الحكومة سعد الحريري «المؤكد» أمام اللبنانيين ويعلن أن الظروف غير مناسبة أو مؤاتية لعقد لقاء مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

وذلك في حديث امام الصحافة المصرية، لكنه قصد الإشارة بالوقت عينه الى ان أن الحوار مستمر مع حزب الله حتى ولو كانت الجلسات لا تُعقد بالزخم الذي كانت عليه، لأننا بتنا نجتمع فى جلسات مجلس الوزراء باستمرار.

هذا الزخم المفقود لا يبدو أنه يخيف الحريري الذي استعاض عنه بلقائات مباشرة كرئيس لحكومة ضمّت من تركيبتها وزراء لحزب الله الذي يصنّف بالنسبة لحلفاء الحريري السعوديين «إرهابياً».

يبدو جلياً أن هناك هامشاً منحته المملكة العربية السعودية للحريري يستطيع عبره اللعب بما تتيحه له المهمة التي كلف فيها كرئيس للحكومة الوفاقية التي عايشت ما لم يكن بالحسبان وسط اللهيب المكتمل المعالم اليوم في المنطقة والتصعيد الذي تنتهجه السياسة السعودية والعسكرية من سورية حتى اليمن إلا أن هذا ليس مكسباً خاصاً للحريري، بل هو أحد نقاط المملكة المرتكزة على تجميع نقاط القوة او النفوذ الممكنة ويشكل الحريري أحد أعمدتها في لبنان بغض النظر عن كون وجوده محض اتفاق بين قبول حزب الله لدور سعودي مخفف يعيد إمكانية الشراكة مع الحريري في حكومة واحدة او قبول الرياض برفع الفيتو عن مرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية أخيراً العماد ميشال عون.

يؤكد مصدر متابع لـ«البناء» أن حديث الحريري حول لقاء امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله منسجم بشكل كامل مع الموقف الإقليمي القائم الذي يحصر العلاقة بين الرجلين ضمن منظومة العلاقة بين إيران والسعودية، لكن وللمرة الأولى جرى العكس في لبنان، حيث استطاعت العلاقة الساكنة بين تيار المستقبل وحزب الله والتمسك بنيات المحافظة على جلسات الحوار بين الطرفين برعاية الرئيس بري أن تؤسس لنقطة انطلاق او ركيزة مكّنت المملكة العربية السعودية وإيران اللتين لم تستهدفا هذا الترتيب الشكلي العودة إليه اليوم ومستقبلاً في أي محاولة للتقارب. وهذا الأمر عبر عنه وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في مؤتمر دافوس، عندما قال «نجحنا والسعودية في حوارنا في لبنان»، وهو قصد نجاح الصفقة الرئاسية التي أتت بالحريري رئيساً للوزراء، ويضيف المصدر «يلفت «هدوء» الحريري في حديثه عن اللقاء مع نصرالله فهو لم يردّ بتحدّ يوحي بقطيعة مستمرة وبالوقت نفسه لم يشأ إعطاء آمال لا يملكها حتى اللحظة، فأي خطوة من هذا النوع باتجاه الضاحية الجنوبية هي عبء على الحريري أمام السعودية قبل نضوج الأجواء إقليمياً، كلّ ما يهمّ الحريري اليوم هو تعزيز العلاقة بالسعودية أكثر بعد كل ما طالها من انتقادات وشكوك واستعادة شعبيته قبل الانتخابات النيابية، لذلك فإنه من المستبعَد حصول لقاء قريب بين الحريري ونصرالله، لكن الأكيد من لهجة الحريري أن اللقاء آتٍ، لكن علينا أن ننتظر»، يختم المصدر.

وبهذا الإطار يعمل الوزير يوسف فنيانوس عن تيار المردة وهو المقرّب جداً من الوزير سليمان فرنجية والمقرّب أيضاً من حزب الله على تعبيد الطريق، كما قال، بين الضاحية الجنوبية وبيت الوسط، وأنه أخذ على عاتقه نقل بعض الرسائل الإيجابية لتحسين الأجواء.

الاهتمام المحلي أيضاً الذي يحمل طابعاً قادراً على تثبيت حسابات انتخابية وسياسية للمرحلة المقبلة، هو أيضاً هدف يحاول أكثر من فريق تجييره لمصلحته، فبعض التوافقات تعلي إمكانية الفوز انتخابياً، لكن بعضها الآخر قادر على تعريض أطرافها للخطر.

وبناء عليه، أي وفاق قريب بين حزب الله والحريري قد يؤدي إلى تعريض شعبية الحريري للاهتزاز مرة جديدة، فجمهوره لم يستوعب بعد مسألة الانقسامات الحاصلة ضمن تياره ورؤية العمل وفق أجندة الرئيس الراحل رفيق الحريري الذي يفسّرها فريق الوزير السابق أشرف ريفي عداوة مع حزب الله وإيران، بينما يرى الحريري مبدأ التواصل أو الوفاق أهم شروط المرحلة. كل هذا يتوقف طبعاً على إشارة انطلاق سعودية نحو حزب الله أو طلاق معه.

وإذا كان الحريري غير قادر على مقاومة التصعيد الذي تنتهجه السعودية عسكرياً في سورية واليمن، فإن هذا يعني ان عليه الانتظار لتلقي الإجواء القادرة فعلياً على تذليل العقد التي تحول دون اللقاء بالسيد نصرالله والتي تصبح كلها نثرية او عبثية أمام الأهم في الخطوة رسمياً.

سلوك الحريري منسجم بشكل كامل مع ما يبدو في ثنايا المواقف السعودية نحو شكل العلاقة بإيران، فهي وعلى الرغم من الكباش الحاصل بين الطرفين والذي يشتدّ في الآونة الأخيرة في اليمن كترجمة واضحة للعقدة إلا أن إعلان وزارة الحج السعودية فى بيان لها منذ أيام، بأن الاجتماع الذي عقده وزير الحج والعمرة السعودي محمد بنتن، فى جدة، فى 23 شباط الماضي، مع رئيس منظمة الحج والزيارة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد حميد محمدي قد أسفر عن بحث ترتيبات شئون الحجاج الإيرانيين لأداء مناسك الحج لهذا العام 1438هـ يستحضر الى الأذهان إمكانية «ترطيب ما» للأجواء من بوابة الحج «المبارك»، خطوة تُضاف للقاءات إيرانية خليجية مسبقة كزيارة الرئيس حسن روحاني للكويت وسلطنة عمان خلال الشهر نفسه شباط – الذي اجتمع فيه مسؤول الحج السعودي بالمسوول الإيراني، ليبقى الأهم توقيت إعلان السعودية عن التنسيق بهذا التوقيت. كل هذا يجعل من دائرة الوفاق بين حزب الله والمستقبل في لبنان أكثر إمكانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى