المعطيات الخارجية تدفع في اتجاه إتمام الاستحقاق الرئاسيّ وإيصال رئيس توافقيّ لعبة النصاب تستبعد رئيس التحدّي… والتأثير الداخليّ يتمحور حول تسويق الاسم
حسن سلامه
بعد نحو شهر ونصف شهر من الآن، تنتهي ولاية الرئيس ميشال سليمان، إنما يبقى السؤال المركزي: هل ستتمكن البلاد من انتخاب رئيس جديد قبل انتهاء الفترة الدستورية؟ أم أن الأمور ستذهب نحو الفراغ في سدة الرئاسة، ما يفتح الطريق أمام حكومة الرئيس تمام سلام لإدارة شؤون البلاد إلى حين توافر الظروف الداخلية والخارجية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي؟
رغم إعلان الرئيس نبيه بري أنه سيدعو إلى جلسة انتخابات قبل نهاية الشهر الجاري، فالأمور تبدو ضبابية حيال هذا الاستحقاق، كما أن ترشح رئيس «القوات اللبنانية» لن يغيّر في واقع الحال، بل يمكن القول إنّ هذا الترشح أدخل الملف الرئاسي مزيداً من التعقيدات بسبب علامات الاستفهام المحيطة بسياسة جعجع وتاريخه السياسي، ما يعني أن رئيس «القوات» لا يصلح لأن يكون رئيساً للجمهورية، بل إذا حصلت «أعجوبة» ووصل جعجع إلى موقع الرئاسة فسيؤدي ذلك إلى إدخال البلاد في أوضاع خطيرة لم تشهد مثيلاً لها في تاريخها منذ الاستقلال حتى اليوم.
هل تشهد البلاد خلال المهلة الدستورية انتخاب رئيس يحظى بإجماع اللبنانيين، أم يحلّ الفراغ في موقع الرئاسة؟
وفق مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، تتقاطع المعطيات الإقليمية والدولية حول الحاجة إلى انتخاب رئيس جديد، فالروسي أبلغ الذين بحثوا معه هذا الملف أنه يريد رئيساً قوياً يحمي المسيحيين في لبنان والمنطقة وقريباً من خط الممانعة، ويشجع الأطراف اللبنانيين للتوافق على اسم تجمع عليه جميع الكتل النيابية أو معظمها.
كما أن الأميركي، بحسب المصادر، أبلغ الذين بحثوا مع بعض الدبلوماسيين الأميركيين، بما في ذلك السفير الأميركي في بيروت، أنه يشجع على انتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية، وينصح بأن يكون الرئيس الجديد قادراً على تهدئة الوضع الداخلي وتثبيت استقراره، بل قادراً على فتح حوار مع حزب الله، ولذلك يلمح بصورة أو بأخرى إلى رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. لكن المصادر الدبلوماسية تلاحظ أن الأميركي «يبيع ويشتري» وفقاً لمصالحه في المنطقة، ولذا فإن الحديث عن دعم أميركي لوصول العماد عون إلى سدة الرئاسة غير محسوم. فهل الأميركي صادق في ما يقوله أمام بعض المسؤولين اللبنانيين؟
رغم الشكوك حيال الموقف الأميركي، تعتقد المصادر الدبلوماسية أن ثمة بداية تقاطعات إقليمية ـ دولية لإيصال رئيس توافقي، فالعواصم المؤثرة في الوضع اللبناني ترى كلها أن وصول رئيس تحدي في هذه المرحلة الدقيقة في لبنان والمنطقة يأخذ البلاد نحو انقسامات خطيرة. كما أن التقاطعات التي حصلت مع تشكيل حكومة سلام يبدو أنها لا تزال قائمة، وإن يكن موضوع تحديد شخصية الرئيس التوافقي متروكاً للأطراف اللبنانية.
على هذا الأساس، صدر كلام الرئيس بري حول أرجحية التأثير الداخلي في كيفية تحديد المسار الرئاسي، وبالتالي يتمحور هذا التأثير حول تسويق هذا المرشح أو ذاك في اللحظة المناسبة.
إلاّ أن المصادر تلاحظ أن اتجاه الأمور نحو إتمام الاستحقاق قبل 25 أيار أو نحو الفراغ الرئاسي، مرهون إلى حد بعيد بمدى قدرة الأطراف الداخلية على بلوغ اتفاق على اسم معين، فلعبة النصاب في الجلسة الانتخابية تستبعد إمكان انتخاب رئيس جديد غير توافقي، بغض النظر عن عدد دعوات رئيس المجلس إلى جلسات انتخاب.
تشير المعطيات الداخلية إلى إمكان التوافق لا تزال ضبابية، بل إن المواقف لا تزال متباعدة، ليس داخل فريق «14 آذار» فحسب بل أيضاً بين هذا الفريق وقوى 8 آذار، ما يعني أن لا شيء محسوماً حتى الآن حول انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية، بل إن المؤشرات الحالية على المستوى الداخلي تميل إلى حصول الفراغ في موقع الرئاسة. غير أن الأيام العشرة الأخيرة من هذه المهلة هي التي ستحدد المسار الانتخابي، وهذا ما أشار إليه رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط إذ أكد قبل أيام أنه لن يدخل الأسماء قبل الأيام العشرة الأخيرة، قبل المهلة الدستورية.
خلاصة القول إن لا شيء نهائياً في السياق الانتخابي، فالفراغ وارد جداً، بل هو احتمال مرجح في حال بقيت المعطيات الداخلية والخارجية على ما هي عليه، علماً أن ثمة تقاطعاً خارجياً وداخلياً عند منع الوصول إلى الفراغ.