قمة روحاني ـ بوتين ترسم معادلات القوة الجديدة… والقمة العربية تجدّد للعجز الحكومة تقرّ الموازنة… وباسيل ينتزع بند لبنان… وإبراهيم لضربات مالية لداعش

كتب المحرّر السياسي

مزيد من القرى والبلدات في ريف حماة تعود لسيطرة الجيش السوري مع أفول غزوة النصرة التي وقّع على قرارها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفي دمشق يواصل الجيش الضغط على نقاط تمركز الجماعات المسلحة بعد انتصاره في القابون وجوبر، بينما الأنظار إلى الرقة ووعود أميركية بإنجازات سريعة على داعش تجزم موسكو أنها لن تكون نزهة، وتدعو للواقعية والعقلانية والحسابات الدقيقة.

في جنيف ينهي المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا مهمته بجولة راوحت مكانها من المحادثات، بعدما صمّم الهجمات التي خاضتها الجماعات المسلحة وراء جبهة النصرة أملاً بتغيير قواعد التفاوض، بعدما هزم في الجولة السابقة وألزمه الوفد السوري بإدراج بند الإرهاب بنداً موازياً لبنوده الثلاثة المائعة، ليكون البند المزعج الذي أريد لمعارك دمشق طمسه، فجاءت النتيجة عكسية وصارت محاكمة علنية لكل مَن وقف مع النصرة وساندها وقاتل معها بتهمة الإرهاب، وانقلب السحر على الساحر، عندما وقع وفد الرياض في اليوم الثالث للتفاوض في الإيضاح وإيضاح الإيضاح والموضوع هو خبر نشرته القناة التي تشكل الراعي الرسمي للوفد المفاوض، وهي المموّلة والمشغلة من العراب السعودي نفسه لجماعة الرياض، بعدما قالت قناة العربية إن الوفد المفاوض وافق على مرحلة انتقالية بالشراكة مع الرئيس السوري، كما وقع رئيس وفد الرياض في إيضاح مديحه الدور الأميركي لرفضه ما يسميه بالنفوذ الإيراني متفائلا بقرب الدعم الأميركي لجماعته. وفي الوقت نفسه يقف رئيس الوفد أمام معركة الرقة فيرسل شتيمته للأميركيين الذين يريدون محاربة الإرهاب بالإرهاب، وفقاً لوصفه بقصد الإشارة لعلاقتهم مع الأكراد.

بين الميدان وانهماكه وجنيف وارتباكه، تنعقد القمة الإيرانية الروسية مع بدء الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني لموسكو. تتوقع مصادر مطلعة على حيثيات التحضيرات التي سبقتها أن تكون مناسبة لرسم معادلات جديدة للقوة في الشرق الأوسط، دفعاً للمسارات المعطلة للتسويات إلى الأمام بقوة البدائل الأشد صعوبة، خصوصاً في ضوء ترنّح مسار أستانة ومشاركة الفصائل التي ضمّها في حروب جبهة النصرة في دمشق وريف حماة، والدعم التركي السعودي لها، ومشاركة الوفد المفاوض في الدفاع عنها.

بالتوازي مع قمة موسكو يستعدّ الحكام العرب لعقد قمتهم في الأردن، وهم في حال عجز عن بلورة آلية للتعاطي مع القضايا الرئيسية من جدول أعمالهم الرسمي، ففي فلسطين مجازر «إسرائيلية» بحقّ البشر والحجر والحقوق، وأغلب المشاركين يقيمون علاقات سرية وعلنية مع الاحتلال، ومع إيران رغبات بالتصعيد يقابلها تمسّك بالحوار، وفي سورية واليمن عجز عن انتصار وعجز عن التسويات.

في قمّة العجز العربي يحضر لبنان ليرفع صوت القضايا الكبرى، فلسطين أولوية وقضية مركزية، والإرهاب عدوّ لا يمكن مساومته ولا مهادنته، والمصالحات العربية العربية حاجة ماسة، والتسويات للأزمات المتفجّرة ضرورة، والحوار مع الجوار قوة.

وزير الخارجية جبران باسيل المشارك في اجتماع وزراء الخارجية التمهيدي للقمة نجح في انتزاع الموافقة على بند التضامن مع لبنان ورفع التحفظات عليه، لتصير الطريق سالكة أمام رئيس الجمهورية للتفرغ أثناء مشاركته في القمة بإطلاق مبادرات تحاكي الهموم والاهتمامات العربية الكبرى ولو على طريقة اللهمّ اشهد أني بلّغت.

لبنانياً، نجحت الحكومة بإقرار الموازنة العامة للدولة بعد سنوات من دون موازنة، وتوافق الوزراء على خفض النفقات وعلى موارد لزيادة الإيرادات ترك إعلانها، لما بعد القمة العربية في مؤتمر صحافي لرئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المالية علي حسن خليل، بينما أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في حديث لقناة المنار أن ملاحقة الشبكات المالية تشكل عصب الحرب على الإرهاب، واعداً بضربات مالية لقادة تنظيم داعش.

العرب في القمّة وعيونهم على سورية

على حدود سورية، سينعقد مؤتمر القمة العربية هذا العام وسيجتمع الرؤساء والملوك والحكام العرب غداً في إحدى القاعات المغلقة في البحر الميت، لكن عيونهم ستراقب عن كثب ما يجري خلف الحدود الأردنية وسترى بأم العين تبدل موازين القوى الميدانية لصالح الجيش السوري بما لم تشتهِ سفنهم وما يعاكس رغباتهم ومخططاتهم وسيلمسون عن قرب أيضاً سقوط مشاريعهم وتهاوي مجموعاتهم الإرهابية من جبهة النصرة وأخواتها التي تلبس ثوب المعارضة التي أرسلوها الى تخوم دمشق في محاولة لتحقيق اختراق في العاصمة السورية قبل انعقاد الجامعة العربية، فكان الرد زحفاً مضاداً للجيش السوري سيطر خلاله على عدد كبير من القرى.

فشلُ مخطط اقتحام دمشق من جوبر سيفرض نفسه على نقاشات القمة ومداولاتها وبيانها الختامي.

معركة دبلوماسية عشية القمة

وإذ من المرتقب أن يغادر اليوم الوفد اللبناني الموسّع الى مؤتمر القمة برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يرافقه رئيس الحكومة سعد الحريري، شهد اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس، معركة دبلوماسية، بحسب ما علمت البناء بين الدبلوماسية اللبنانية وكل من دبلوماسية قطر والسعودية و«إسرائيل حول اعتبار المقاومة في لبنان حزب الله إرهاباً. وقوبل ذلك برفض لبناني قاطع، بعد أن تشدّدت هذه الدول الثلاث في موقفها لجهة اعتبار حزب الله منظمة إرهابية . كما علمت البناء أن السعودية ودولاً خليجية ستثير موضوع تدخل حزب الله في سورية في ظل مشاركة المبعوث الدولي في سورية ستيفان دي ميستورا ووفد من المعارضة السورية وذلك لإرضاء المعارضة .

وقال أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن الجوني لـ«البناء إنّ إصرار دول الخليج والتماهي مع العدو الإسرائيلي في وصف حزب الله بالارهاب هي مشكلة أساسية بين دول الخليج ولبنان . وأضاف جوني: «الاتحاد الاوروبي لا يعتبر حزب الله إرهاباً، بل يفرّق بين الجناحين العسكري والسياسي، فكيف بمجلس التعاون الخليجي الذي يجب أن تكون علاقته جيدة مع لبنان ويدعم مقاومته ضدّ العدو «الإسرائيلي» وضدّ الإرهاب؟».

وتوقع جوني «تراجع السعودية في معركتها في القمة بالملفين اللبناني والسوري نتيجة موازين القوى الجديدة في سورية، لا سيما بعد معركة جوبر، لكنها ستحاول في المقابل الحصول على مكسب ما في موضوع اليمن كإدانة للحوثيين وأنهم يتلقون الدعم من إيران، ولديها الأكثرية لاتخاذ هذا القرار، لكن لبنان والعراق سيتحفّظان على ذلك»، موضحاً أنّ «الحلّ للأزمة السورية والمنطقة لن يكون في جنيف ولا في الجامعة العربية بل في الاتفاق بين أميركا وروسيا، لا سيما أنّ محور المقاومة يحقق انتصارات في سورية والعراق واليمن ستنعكس على نتائج القمة».

وبعد أن رفض اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في الاردن الأسبوع الماضي في توصياته بند دعم لبنان، أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان أمس، أن «الدول الخليجية رفعت تحفّظها عن بند التضامن مع لبنان خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في عمان وصدر القرار بالموافقة على بند التضامن بالإجماع»، وبحسب البيان، فقد جاء هذا القرار بعد اتصالات أجراها وزير الخارجية جبران باسيل في واشنطن مع عدد من نظرائه ومن بينهم وزراء خارجية الأردن والسعودية والبحرين ونتيجة للسياسة الانفتاحية التي رسمها رئيس الجمهورية والحكومة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «أمرين ثابتين في البيان الختامي للقمم العربية متفق عليهما، هما: دعم لبنان ضد العدوان «الإسرائيلي» وقضية تغيّب الإمام موسى الصدر ورفيقيه».

وتخوفت المصادر من أن تحاول دول الخليج وعلى رأسها السعودية الضغط في القمة على إدخال بند في البيان الختامي يدين حزب الله مقابل بند دعم لبنان ضد العدو «الإسرائيلي» وفي مواجهة أزمة النازحين السوريين، لكن المصادر أكدت أن «الدبلوماسية اللبنانية ستكون بالمرصاد لهذه المحاولات ولن تسمح بتمرير أي بند يحمل اتهاماً كهذا لحزب الله لا سيما أنه جزء أساسي من النسيج اللبناني». وتساءلت المصادر: «كيف تريد دول الخليج وخصوصاً السعودية حكومة قوية في لبنان على رأسها حليفها الحريري وفي الوقت نفسه تريد اتخاذ موقف تصعيدي ضد حزب الله الموجود في هذه الحكومة؟».

وتضيف المصادر أن «الاتفاق حصل بين إيران والسعودية لانتخاب رئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة ضمن اتفاق دولي أكبر على تسوية في لبنان رضخت له السعودية في نهاية المطاف. وهذه التسوية عكست موازين قوى معينة بعد تحرير مدينة حلب». واستبعدت المصادر أن «تخوض دول الخليج مواجهة مباشرة مع لبنان في ظل حضور الرئيس عون شخصياً المؤتمر. وهو الذي تحدث في خطاب القسم عن مكافحة الارهاب استباقياً وحزب الله جزء من هذا الردع الاستباقي».

وتتصدر مباحثات القمة الثامنة والعشرين على البحر الميت أزمات سورية والعراق واليمن وليبيا والصراع الفلسطيني- «الإسرائيلي» وكيفية مكافحة الارهاب ويشارك فيها الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس للمرة الأولى بعد انتخابه.

الحكومة أقرّت الموازنة

على صعيد آخر، وفي ما غابت المواقف واللقاءات حول قانون الانتخاب وغاب عن المشهد السياسي، تحاول الحكومة وقبل توجّه رئيسها والوفد المرافق مع رئيس الجمهورية الى الاردن، إنجاز ما تيسّر لها من ملفات حياتية واقتصادية، فبعد تسع سنوات وعقب جلسات عدة للحكومة الحالية، أقرت مشروع الموازنة العامة في جلستها التي عقدت أمس في السراي الحكومي برئاسة الحريري.

وأشار وزير الاعلام ملحم الرياشي بعد الجلسة أن مجلس الوزراء أقرّ المشروع وخفض العجز بنسبة كبيرة من خلال النقاش الذي جرى، ويوم الخميس المقبل بعد عودة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء من القمة العربية، سيزور وزير المال علي حسن خليل الرئيس الحريري في السراي، ويعقد مؤتمراً صحافياً لعرض كل التفاصيل والأرقام وعجز الموازنة وتخفيض العجز وأرقام الموازنة العامة والإيرادات والواردات وأرقام النفقات .

وأعلن الوزير خليل في تصريح، أننا خفضنا النفقات وزدنا الإيرادات وراضون عن مشروع الموازنة .

وقالت مصادر وزارية لـ«البناء إن ما تمّ إنجازه أمس، على صعيد الموازنة هو مرحلة أولى رغم أهميته وهذا بعد جهود من جميع الوزراء، والأمر يحتاج الى جهود موازية في المجلس النيابي، وبالتالي المعركة الكبرى إقرارها في المجلس النيابي ، وأوضحت أن تعديلات أساسية أدرجت ضمن مشروع الموازنة بتوافق بين جميع الوزراء أبرزها تخفيض الإنفاق وزيادة رسوم توفر مداخيل كبيرة للخزينة سبق وأقرّت في المجلس النيابي .

ولفتت المصادر الوزارية الى أن مشروع الموازنة شبه منتهٍ في مجلس الوزراء، لكن يحتاج الى دراسة معمقة في المجلس النيابي وبت مواضيع أخرى متعلقة بالموازنة كضم سلسلة الرتب والرواتب الى الموازنة وعملية قطع حساب الموازنة السابقة ومعالجة مبلغ الـ 11 ملياراً .

وشهدت الجلسة، بحسب ما علمت البناء تباينات إزاء مشروع الموازنة بين الوزراء لا سيما بين المستقبل من جهة ووزراء الرئيس عون وحزب الله وأمل من جهة ثانية لجهة أرقام الموازنة وتوقعات مداخيل ومصاريف تأجّل إقرارها جلسات عدة، لكن تم تقريب وجهات النظر وإنجازها بالتوافق .

وأوضحت أن جلسة اليوم ستكون مخصصة لمناقشة خطة الكهرباء التي سيعرضها وزير الطاقة سيزار أبي خليل، ومضمونها بناء معامل كهرباء في مناطق عدة واستقدام بواخر جديدة لتوليد كميات من الكهرباء كمرحلة مؤقتة تغطي مناطق عدة ورفع ساعات التغذية .

أكد الوزير أبي خليل في تصريح أننا نكرر التزامنا بسياسة الكهرباء التي اقترحناها ، مشيراً الى أن خطة الطوارئ التي سنطرحها هي لتعويض التأخير ونتمنى أن يقرها مجلس الوزراء حتى نتمكن من تأمين الكهرباء للبنانيين بشكل مناسب هذا الصيف .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى