روسيا لتركيا: إن عدتم عدنا
حميدي العبدالله
تجمع التقارير وتتقاطع عند حقيقة مفادها أنّ الهجوم الأخير على مواقع الجيش السوري في جوبر، والهجوم في ريف حماة الشمالي، إضافة إلى إطلاق بضعة صواريخ على ريف اللاذقية، وتحديداً باتجاه ريف جبلة حيث تقع قاعدة حميميم العسكرية الروسية، كان قراراً تركياً بالدرجة الأولى بدعم من الدول التي شاركت بإدارة ودعم الحرب الإرهابية على سورية، وأنّ هذه الهجمات جرى التخطيط لها في غرفة عمليات أنطاليا، وقد تمّ حشد ألف مقاتل من قوات «درع الفرات» للمشاركة في هجوم حماة.
واضح أنّ هذا هو الردّ التركي على روسيا بالدرجة الأولى، لأنّ روسيا شاركت إلى جانب قوات حرس الحدود السورية في الانتشار في الريف الغربي من منبج لقطع الطريق على أيّ عدوان تركيا على هذا المنطقة، وأرسلت وحدة عسكرية روسية إلى عفرين للغاية ذاتها.
لكن روسيا لن تسمح لتركيا بأن تدّعي لنفسها حقوقاً في سورية خارج إطار الشرعية السورية وخارج الشرعية الدولية، كما أنّ روسيا لن تسمح لأنقرة باستغلال علاقاتها مع موسكو بشكل أحادي وبعيد عن أيّ خطوات يتمّ التفاهم عليها ضمناً أو من خلال تقاطع مصالح.
الردّ الروسي جاء على مبدأ «إذا عدتم عدنا» تجلى بوضوح ميدانياً من خلال المشاركة النوعية لسلاح الجو الروسي في صدّ الهجوم على مواقع الجيش السوري في الريف الشمالي لمحافظة حماة، حيث رصدت مواقع الموالية للجماعات المسلحة مشاركة طائرات من نوع «سو 35» الروسية وهي من أحدث الطائرات ودخلت إلى الخدمة منذ فترة ليست ببعيدة.
الإسهام الروسي، ولا سيما عبر القوة «الجوفضائية» في صدّ الهجوم على الريف الشمالي لحماة يعيد إلى الأذهان المعارك التي خاضها سلاح الجو الروسي لدعم الوحدات البرية السورية، وسلاح الجو السوري في المعارك التي قادت إلى تحرير ريف اللاذقية، ولا سيما في المناطق القريبة من الحدود التركية والتي تسبّبت تداعياتها بإسقاط الطائرة الروسية وما أعقبها من تدهور في العلاقات الروسية التركية، مع فارق أنّ تركيا لن تجرؤ هذه المرة على مضايقة الطيران الروسي أو حتى السوري الذي ينشط في ملاحقة الإرهابيين، كما أنّ هذه المساهمة تعيد إلى الأذهان الإسهام النوعي والمتميّز لروسيا في دعم معارك تحرير حلب التي قادت في مراحلها الثلاث إلى فك الحصار عن نبل والزهراء، ومحاصرة المسلحين في الأحياء الشرقية، ومن ثم تحرير المدينة بشكل كامل، ومن غير المستبعد أن تقود العملية الجديدة في ريف حماة الشمالي إلى نتائج مماثلة وأبعد من استعادة المواقع التي سيطر عليها المسلحون في بداية هجومهم.