المشنوق: الأولويات تتعلّق بالبنية التحتية حيث يقيم النازحون غولوبيسكي: لبنان شهد تراجعاً منذ ما قبل الأزمة السورية
أشار وزير البيئة محمد المشنوق إلى أنّ «الاولويات ليست فقط في تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين بحدها الأدنى، بل هناك أولوية تتعلّق بالبنية التحتية حيث يقيم هؤلاء»، لافتاً إلى أنّ «هذه البنية لا تستطيع أن تقدم بعد اليوم ما نسميه كرامة الضيافة في لبنان، باتت عبئاً وكابوساً في بعض القرى، وهناك أناس تركوا قراهم لأنّهم لا يستطيعون أن يتعايشوا مع هذه الحالة».
كلام المشنوق جاء خلال إطلاقه أمس، من السراي الكبيرة، تقرير «أثر الأزمة السورية على البيئة في لبنان وأولويات التدخل»، الذي موله الاتحاد الأوروبي، عبر المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي «دعم الإصلاحات – الحوكمة البيئية» وبدعم فني من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وشارك في إطلاق التقرير ممثل بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان ماتشيف غولوبيسكي والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي روس ماونتن، في حضور رئيس لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية النائب عاطف مجدلاني، ومفوضة شؤون اللاجئين نينيت كيلي.
وأشار المشنوق إلى أنّ «لبنان استضاف في شهر أيار 2014 ما يقارب 37 في المئة من النازحين السوريين في المنطقة»، مضيفاً أنّه «ومع استمرار الأزمة في سورية من دون حلّ، فإنّ المنحى الحالي لزيادة سكان لبنان، من 1.4 مليون نازح إضافي في شهر أيار 2014 إلى ما يقدر بنحو 1.8 مليون نازح إضافي بحلول كانون الأول 2014، لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه».
ولفت إلى أنّ «الحكومة تتعاون في شكل وثيق مع المنظّمات والجهات المانحة الدولية العاملة على الأرض والتي تبذل جهوداً جبارة على الأراضي اللبنانية لدعم لبنان في مواجهة التحديات الناجمة عن هذا الوضع. وإنّ اللجنة الوزارية تعمل على تخفيف وطأة النزوح من خلال ما يقوم به الامن العام ووزارة الداخلية والتنسيق مع مفوضية شؤون اللاجئين وتبادل المعلومات والداتا، وقد خفف من أعداد المسجلين كنازحين بحواليى 50 ألف أو أكثر». وأضاف: «يبيّن هذا التقرير مدى التقليل من أهمية الأزمة البيئية الناجمة عن هذه الأزمة، في حين أنّ لبنان يواجه في الواقع التحدي الأكبر في تاريخه المتمثل بالضغوط البيئية التي هي وليدة الأزمة السورية». وتابع: «طالما ستظلّ هذه المشاكل البيئية غير مأخوذة على محمل الجد، لن يصبح إيجاد الحلول الأولوية القصوى للحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي على حد سواء، وبالتالي يهدف هذا التقييم إلى تسليط الضوء على مدى الضرر والتدهور اللذين يصيبان العديد من المجالات البيئية».
ولفت إلى أنّ «التقييم أشار إلى أنّ 48 في المئة من كميات النفايات الصلبة الإضافية يتم معالجتها في البنية التحتية الموجودة حالياً، والتي تعاني عجزاً متزايداً في قدرتها على استيعاب المزيد من النفايات، إضافة إلى العبء المالي الذي تتكبّده خزينة الدولة والذي تتحمله البلديات وقد ارتفع بنسبة 40 في المئة بين عامي 2012 و2013».
أما في ما يخصّ الموارد المائية، فأوضح أنّ «الوضع قد تفاقم مع أزمة اللجوء السوري، بعد أن شهد لبنان شتاءً جافاً حاداً في العام المنصرم حيث لم تتعد نسبة هطول الأمطار 50 في المئة من المعدل السنوي». كما أشار التقرير إلى القدرة المحدودة في لبنان لمعالجة مياه الصرف الصحي التي لا تتعدى نسبة 8 في المئة على الصعيد الوطني، وبذلك فإنّ الارتفاع في كمية المياه المبتذلة الناتجة من الأزمة السورية يؤدي إلى تفاقم الوضع وتزايد التلوث في المياه والأرض». وأضاف: «أشار التقييم إلى ازدياد نسبة انبعاث الملوثات في الهواء نتيجة الأزمة السورية، فعلى سبيل المثال، شهدت المدن اللبنانية الرئيسية ارتفاعاً في حركة المرور بنسبة لا تقل عن 5 في المئة بسبب هذه الأزمة، ما يزيد من تلوث الهواء».
ومن ناحية استخدام الأراضي والنظم الايكولوجية، لفت التقرير إلى «التعدي الحاصل على المناطق الزراعية والنظم الايكولوجية مع استمرار تدفق النازحين، حيث ارتفعت الكثافة السكانية من 400 إلى 520 نسمة/كلم2 مع ما ينتج من ذلك من توسع عشوائي في المدن». وختم: «هذا التقرير هو دعوة للتحرك العاجل لحماية الموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية الهشة في لبنان. ومن خلال دعم وزارة البيئة في إجراء هذا التقييم، يؤكد كلّ من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مستوى الضرر الذي يواجه البيئة في لبنان ويبيّنان الطريق إلى الأمام للاستجابة للأزمة البيئية. إنّ وزارة البيئة تدعو الآن كلّ الجهات المعنية إلى توحيد الجهود لمعالجة الوضع البيئي، والحرص على أن تراعي استراتيجيات وإجراءات التدخل للاستجابة الإنسانية للأزمة السورية والاعتبارات البيئية بشكل كامل. بيئتي وطني صحيح، ولكن وطني في خطر في جانبه البيئي فلنعمل جميعاً من أجله».
غولوبيسكي
وأشار غولوبيسكي إلى أنّ «لبنان شهد تراجعاً في حالته البيئية منذ ما قبل الأزمة السورية، إلا أنّ هذه الحالة قد تفاقمت في شكل متسارع منذ اندلاع الأزمة في سورية. على سبيل المثال، بلغت الزيادة في نسبة إنتاج النفايات 15 في المئة مقارنة بالكمية الإنتاجية قبل الأزمة مما يجعل لبنان وبنيته التحتية في وضع كان متوقعاً خلال أكثر من 15 عاماً». وأكّد أنّ «الاتحاد الأوروبي يقدر الأعباء التي تواجه لبنان بسبب التدفق الكبير للنازحين إليه، وهو سيتابع دعمه للتخفيف من الآثار الناتجة من النازحين ودعم المجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم».
ماونتن
من جهته، شدّد ماونتن على «أهمية معالجة الآثار البيئية للأزمة السورية»، مشيراً إلى أنه «على رغم المصاعب، فإنّ الأزمات تأتي ببعض الفرص التي يمكن لبنان أن يلتقطها وهي تتمثل بالتفاتة المجتمع الدولي حول لبنان. من هنا في الإمكان العمل بقيادة الحكومة اللبنانية من أجل تحسين فرص التنمية للشعب اللبناني في الحاضر والمستقبل».
منصور
وتوّلت الخبيرة في السياسات البيئية في مشروع «دعم الإصلاحات – الحوكمة البيئية» المموّل من الاتحاد الأوروبي لمياء منصور، تلخيص النتائج الصادرة عن التقرير على صعيد الوضع البيئي قبل نشوب الأزمة السورية حيث تم اعتماد العامين 2010 و 2011 كسنوات مرجعية، وأشارت إلى الآثار البيئية الناتجة من الأزمة السورية في القطاعات الرئيسية التالية: إدارة النفايات الصلبة، المياه وإدارة مياه الصرف الصحي، نوعية الهواء واستخدام الأراضي والنظم الإيكولوجية». كما لفتت إلى أنّ «التقرير قد وضع خطة إدارية بيئية لكلّ قطاع من القطاعات شملت توصيات حول التدخلات ذات الأولوية وإطارها الزمني».