«الإخوان»… ومحاولات التسلّل الى المجلس النيابي
بشير العدل
حالة الفشل السياسي التي تعانيها جماعة «الإخوان المسلمين، في الفترة الأخيرة، خاصة بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى سدة الحكم، وعدم نجاحها فى الحشد الذي كانت تدعو اليه وأنصارها لإفساد خارطة الطريق، والتحرّك نحو إعادة بناء الدولة، أكد لها، بعدما تأكد لأبناء بلادي مصر وكافة القوى السياسية، أنّ الجماعة انتحرت سياسياً، ووطنياً، وأنها فقدت كل أرضية كانت ترتكز اليها فى أعمالها خلال الفترات السابقة، كما فقدت التعاطف الشعبي معها، الذى بدأ يتآكل وبمعدلات سريعة، بعد العمليات الإرهابية التى تقوم بها الجماعة وأنصارها فى مختلف ربوع البلاد.
وأمام حالة الفشل والانتحار ونبذ المجتمع للجماعة، يسعى البعض من قيادات الصف الثاني للجماعة، الذى كان يُعرف بالتيار المعتدل، الى محاولات لإنقاذ الجماعة التي انهار تاريخها الذي حاولت أن تبنيه على مدار 8 عقود من الزمان، خلال عامين أو أقلّ، وذلك باستمرار وجودها على الساحة السياسية، ليس حباً بالوطن وسعيا لرقيّه وازدهاره، ولكن حتى لا ينهار التنظيم الدولى بشكل كامل، خاصة مع المشاكل التى تواجهه محلياً وإقليمياً ودولياً.
ونظرا إلى عدم تخلّي الجماعة عن سياسة الارهاب التي تبنّتها بشكل واضح وصريح، وتمارسها علانية منذ إطاحة الإرادة المصرية بالمتهم محمد مرسي، فشلت كلّ محاولات احتوائها وانقاذها فى الشارع السياسي المصري، ولم تفلح مبادرات البعض التى قالوا عنها بأنها محاولات للصلح بين الجماعة والدولة، حتى أصبحت الجماعة منبوذة فى بلادي مصر، ومطاردة أيضاً في كلّ الدول الأجنبية التى يسعى التنظيم الإجرامى إلى ممارسة وتنفيذ خطط هدم الدولة المصرية منها، غير أن نتيجة هذا المسعى كانت الخيبة.
وأمام هذه الإشكالية الكبيرة التى تواجه الجماعة داخلياً، والتنظيم دولياً، بدأت الجماعة تبحث تنفيذ أساليب جديدة وهي نفس الألاعيب التى لجأت إليها فى فترة حكم الرئيس السابق مبارك، حينما كانت تدعم موالين لها فى الانتخابات النقابية، حتى استطاعت بالفعل ان تسيطر على أغلب مجالس النقابات المهنية، رغم أنها كانت ترفع شعار «المشاركة لا المغالبة»، وهو الشعار الذي ظلت تخدع به الجماعة الشعب لعقود طويلة.
وهو ذات الأسلوب الذى مارسته الجماعة، على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يدير شؤون الدولة فى أعقاب سقوط نظام مبارك، حينما ضغطت عليه لتعديل قانون انتخابات مجلس الشعب على ان يسمح بانتقال المرشحين على النظام الفردي الى الأحزاب، والذى هدّدت الجماعة ممثلة في ما كان يُسمى «حزب الحرية والعدالة»، بعدم خوض الانتخابات انْ لم يتمّ تعديله، فكان أن تمّ الرضوخ لها، وجرت الانتخابات البرلمانية بالتعديل الذي ثبت في ما بعد أنه غير دستوري والذي على أساسه تمّ حلّ المجلس، بعد أن كانت تسيطر عليه الجماعة وحلفاؤها.
ولأنّ الخداع، والمكر، والكذب، من أصول سياسة الإخوان، فإنها تحاول اتباع تلك السياسة، مع الانتخابات النيابية القادمة والمقرّر حصولها بعد شهور قليلة، فهي تسعى جاهدة ومن خلال شخصيات مقنّعة تخدم الإخوان بشكل غير مباشر، الى الدخول إما فى تحالفات أو الدفع بعناصرها على القوائم الحزبية أو حتى من خلال النظام الفردي، مستغلة المال الذى تتطلبه بعض الأحزاب التى تضمّ عناصر على قوائمها، خاصة اذا كان الدفع بها في مقدمة القائمة، وهو ما يتطلب دفع ملايين الجنيهات، وهو الهدف الذى تسعى اليه الجماعة مستغلة التكتلات الانتخابية التى تشهدها الساحة السياسية فى مصر، والتى يزداد عددها يوماً بعد الآخر، غير انها بين أحزاب جديدة ليست لها أرضية سياسية، باستثناء عدد محدود من الأحزاب المعروفة.
فى المقابل فإنّ أنصار نظام الرئيس السابق مبارك، يسعون أيضاً إلى أن يتمثلوا داخل المجلس النيابى المقبل بأكبر عدد، ويساعدهم فى ذلك الأحكام الإدارية التى صدرت بعدم أحقية حرمانهم من الترشح للانتخابات، وهي المحاولة التى كانت تسعى اليها جماعة «الإخوان» أثناء فترة حكمها، والتي حاولت من خلال القانون الذي تقدّمت به، وساعدها فيه حزب الوسط الموالي للجماعة إلى مجلس الشعب الذى حُلّ في ما بعد، بحرمانهم من الترشح بل وممارسة العمل السياسي لعشر سنوات على الأقلّ، وهي المحاولة التى فشلت أيضاً بحكم القضاء.
المجلس النيابى المقبل يشهد إذن حالة من الصراع بين أعضاء وأنصار «الإخوان» من ناحية، ورموز نظام مبارك من ناحية أخرى، غير انّ الغلبة ستكون لمن يختاره الشعب المصري الذي قام بثورتين جعلتاه قادراً على اختيار من يمثله، وأعطته القدرة على عدم الوقوع لا فى شرك جماعة «الإخوان» وآلاعيبها، ولا فى محاولات تودّد رموز مبارك، وهو ما يعني على الأقلّ عندي انّ الصراع على المجلس المقبل محسوم لصالح المواطن، ولن تفلح جماعة «الإخوان» فى التسلل اليه نظراً إلى الرقابة الشعبية اليقظة، وعدم اليقين وفقدان الثقة فى توبة الجماعة وعودتها الى حضن الوطن.
مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة