لماذا مجزرة الموصل؟
حميدي العبدالله
اعترفت الولايات المتحدة رسمياً بأنّ طائراتها هي التي قصفت المدنيين العراقيين في أحياء الموصل.
وكان قد سبق إعلان الولايات المتحدة مسؤوليتها عن قصف الموصل شائعات تحدثت عن تعليق عملية تحرير الأحياء الغربية في الموصل بعد أن أصبحت قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية تخوض القتال في أحياء الموصل القديمة، وهي المعقل الرئيسي لداعش. وتزامن إطلاق الشائعات عن تعليق عملية تحرير الموصل مع الغارة الأميركية التي استهدفت المدنيين. وقد أثار كلّ ذلك غضب رئيس الحكومة العراقية، الذي نفى، أولاً توقف أو تعليق عملية تحرير أحياء الموصل، وثانياً أنه لن يسمح مرة أخرى للجهات التي سلمت الموصل لداعش بتصدّر المشهد العراقي في هذه المنطقة من جديد.
كلّ ما تقدّم يعني أنّ هناك علاقة بين المجزرة التي استهدفت المدنيين، وبين الشائعات حول تعليق عملية تحرير الموصل، والأجواء على هذا الصعيد تشبه الأسابيع التي سبقت انطلاق عملية تحرير الموصل، حيث كانت هناك تصريحات أميركية تشكك بنجاح العملية.
واضح أنّ الولايات المتحدة أرادت من خلال ارتكاب مجزرة بحق المدنيين توليد ردود فعل محلية ودولية ضاغطة على الحكومة العراقية لإيقاف أو إبطاء عملية تحرير الموصل، ولهذا ارتكبت المجزرة لتفعيل عملية الضغوط وصولاً إلى تجميد العملية. لكن ما هو الهدف السياسي من وراء كلّ ذلك؟
لوحظ أنه أثناء زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى الولايات المتحدة أدلى وزير الدفاع الأميركي بتصريحات تحدّث فيها عن رغبة واشنطن بوجود عسكري أميركي دائم في العراق بعد تحرير الموصل. أيّ إقامة قواعد عسكرية ثابتة. ويبدو أنّ الحكومة العراقية، أو بالأحرى رئيس الحكومة العراقية لم يتعهّد للإدارة الأميركية بتحقيق ما تصبو إليه، لأنّ الحكومة العراقية على قناعة بأنّ غالبية العراقيين ترفض وجوداً أميركياً دائماً في العراق، وإذا ما قرّرت أيّ حكومة عراقية تشريع هذا الوجود فإنها سوف تسقط في البرلمان وعبر صناديق الاقتراع، كما أنها لن تكون قادرة على الحفاظ على وحدة المؤسسات العسكرية والأمنية على نحو يوفر الحماية للقوات الأميركية التي ستكون عرضة لهجمات قوى عديدة، وبسبب كلّ هذه الحسابات، الأرجح أنّ رئيس الحكومة العراقية لم يلتزم للأميركيين بأيّ تعهّدات تضمن بقاء قواتهم في العراق، ولهذا سعوا إلى إبطاء عملية تحرير الموصل.