الأمين بديع كاسر أحوش
من الأمناء الذين عرفوا النضال الحزبي التزاماً صادقاً وتفانياً، ومواقف بطولية، شعّوا في محيطهم وعبر المسؤوليات التي تولّوها في المنفذيات، إنما لم يبرز اسمهم كثيراً في الإعلام، فكانوا جنوداً مجهولين همّهم كيف ينتصر حزبهم، لا كيف ينتصرون هم عبر حزبهم، نذكر بتقدير ووفاء الأمين بديع أحوش.
من ابنه الرفيق غيث 1 هذه المعلومات:
ولد الأمين بديع كاسر أحوش في بلدة «حب نمرة» صافيتا عام 1912.
والدته سكّر نعمة.
اقترن عام 1960 من السيدة تميمة طنوس.
لم تتعدّ دراسته الصف التاسع تكميلي، ولكنه كان شديد الاطلاع والثقافة، خصوصاً في عقيدة الحزب وأدبياته.
كانت مهنته المقاولات والبناء حتى عام 1970 عندما تعرّض لأزمة قلبية فتوقف عن العمل ولكنه لم يتوقف عن النضال الحزبي الذي بقي يمارسه حتى وفاته. كان له معارف وأصدقاء كثر من كافة شرائح المجتمع، وحتى من خصوم الحزب، وهم استمروا يحفظون له الود والاحترام وهذا ما كنا نلمسه من تعاطيهم معنا.
لم يترك لنا الوالد المال ولا العقارات، انما ترك لنا أصدقاء ومعارف في الحزب وخارجه يمكننا الاعتماد عليهم. وهذا ما أفخر به، كما أتألم له، اذ لا أستطيع أن أحقق عشرة في المئة مما كان حققه.
انتمى إلى الحزب أوائل الثلاثينات في أحد بساتين الليمون في الجديدة المتن الشمالي على يد الأمين عبد الله قبرصي والرفيق المرحوم أسعد الأيوبي من عفصديق الكورة 2 .
«إني أكتب هذه المعلومات لأني ما زلت أتذكرها كما كان يقصّها لي وأنا صغير، وقد قال لي إنه اضطرب عندما رأى الرفيق أسعد الأيوبي يدخل الاجتماع ببذلته العسكرية، فظنّ انه سوف يتمّ القبض على المجتمعين ولكن علمنا انه كان انتمى إلى القضية التي تساوي وجودنا».
عن مسؤولياته الحزبية يقول الرفيق غيث أن الأمين بديع تولى مسؤوليات عدّة بدءاً من «حبّ نمرة»، قبل مغادرته لها إلى لبنان. في عفصديق حيث استقر، كان منفذاً عاماً في كل من الكورة وطرابلس ومندوباً مركزياً في الشمال اللبناني.
ويضيف: «في اعتقادي أنّ أهم عمل حزبي قام به هو العمل الاذاعي الذي أدى إلى انتماء عدد من الرفقاء وهذا العمل لازمه معظم حياته الحزبية، أكان رفيقاً أو أميناً أو منفذاً عاماً.
تعرّض الأمين بديع للكثير من حالات النزوح، فكان، عندما يُلاحَق في الكيان الشامي وخصوصاً بعد حادثة المالكي والتي خسر بسببها معظم أملاكه في الكيان الشامي اراض وبيوت وباصات كانت تعمل بين بلدته «حب نمرة» و«الجديدة» في لبنان كان يأتي إلى لبنان، وعندما يُلاحَق في الكيان اللبناني كان يتوجه إلى الشام.
أما في لبنان فقد خسر ثلاثة بيوت: الأول أثناء حوادث العام 1958 وكان شارك في معركة «عدبل» حيث أصيب، الثاني في الثورة الإنقلابية التي شارك فيها، والثالث في حرب السنتين. فقد هُجّرنا من بيتنا الذي سرق وحرق في عفصديق- الكورة وذهبنا إلى «حب نمرة» التي بقينا فيها حوالى السنة وبعدها عدنا إلى عفصديق، فأعاد بناء البيت متابعاً نضاله الحزبي، إلى أن وافته المنية في الثالث من شباط 1983 اثر أزمة قلبية.
يفيد الرفيق متّى أسعد في الصفحة 22 من مؤلفه «الماضي المجهول وأيّام لا تُنسى» أن الأمين بديع قحوش كان يقيم في لبنان حيث انتمى إلى الحزب، ولأنه كان ملاحقاً في لبنان فقد تمكن من اللجوء إلى قريته «حب نمرة»، وبدأ النشاط الحزبي، فجمع رجال القرية الذين أذكر منهم، مخول شبشول، عيسى عبود، عيسى حمصي، غصن هزيم، حبيب قزما، طانيوس داغر، حدو اللاطي، مخائيل ابراهيم قحوش وحنا كاسر قحوش وآخرين كثر لم أعد اذكر أسماءهم.
ويضيف: أما بالنسبة إلى لوضع التعليمي فلم يكن في قريتنا مدرسة ثابتة بل كانت ادارة التعليم تستأجر غرفتين وتجعل منهما مدرسة، وأذكر ان المدرسة الاولى التي تعلمنا فيها كانت في بيت الرفيق مخول الشبشول، وفي السنة الثانية والثالثة كانت في بيت الرفيق حدو اللاطي، والرابعة كانت في بيت حبيب الازرق، والخامسة في بيت الرفيق حبيب قزما، وبعدها تمّ بناء مدرسة في ارض تابعة للوقف قرب كنيسة القديس جاورجيوس.
لتاريخه يتذكره رفقاؤنا في الكورة بكثير من الحب والتقدير، وقد عرفوه منفذاً عاماً يتمتع بمناقبية النهضة ومزايا الإنسان الجديد. أحد هؤلاء الرفقاء، نادر عكر 3 الذي استفاض في لقاء معه بالاطراء على تميّز الأمين بديع طوال فترات تواجده في الكورة وتوليه المسؤوليات فيها.
وفاته
نشرت مجلة «البناء ـ صباح الخير» في عددها تاريخ 19 شباط 1983، التغطية التالية عن مأتم الأمين بديع أحوش:
«شيّعت الكورة الأسبوع الماضي الأمين بديع أحوش الذي عرفه درب النضال منذ أربعين سنة قومياً اجتماعياً صلباً لا يلين.
انطلق الموكب من منزل الفقيد في عفصديق حتى كنيسة البلدة، حيث تقدمهم المسؤولون الحزبيون لمناطق الكورة وطرابلس وعكار ووجهاء المنطقة. وقد تكلم في الاحتفال التأبيني الذي أقيم في باحة الكنيسة الرفيق جوزف نكد 4 ، والرفيق جوزف منصور 5 ناظر مالية الكورة بِاسم مديرية عفصديق، وألقى أبو غسان 6 كلمة أصدقاء الفقيد.
وأخيراً كانت كلمة الرفيق اسكندر العلم 7 بِاسم منفذية الكورة، إذ جسّد بكلامه مزايا الفقيد، ونضالاته المستمدة من فكر الزعيم أنطون سعاده ونهجه، مستعرضاً الوضع الراهن في لبنان وخلال المفاوضات اللبنانية ـ «الاسرائيلية»، مختتماً إلى وجوب إنهائها بالقوة التي هي القرار الفصل في اثبات الحق القومي أو انكاره، معتمداً على الأجيال التي لم تولد بعد لتصنع النصر وتعيد الحق المغتصب. وشدد على أهمية التلاحم والصمود بين أبناء الشعب الواحد لنتمكن من ضرب المخططات الصهيونية التي ترمي لتفتيت وطننا إلى قطعان متناحرة».
أساس العائلة «قحوش» وهذا ما اعتمده الرفيق متّى أسعد في مؤلّفه «الماضي المجهول وأيام لا تنسى»، إنما عُرفت في لبنان بِاسم «أحوش».
هوامش:
1 – توفي الرفيق غيث في 16/12/2007 وشيّع في اليوم التالي في بلدة عفصديق الكورة وسط حضور لافت تقدمه عضو المجلس الأعلى – المشرف على عمدة شؤون عبر الحدود آنذاك الأمين لبيب ناصيف، عميد الإذاعة والإعلام الأمين كمال نادر، منفذ عام الكورة الأمين جورج ديب، الرفقاء جورج ضاهر، وليد عازار، عارف عكر، رياض نسيم ومطانيوس خوري، جميعهم مُنحوا لاحقاً رتبة الامانة . بعد الصلاة على روحه ألقى مدير مديرية عفصديق الرفيق دياب عليوي كلمة المديرية، وناظر مالية الكورة الرفيق حبيب سعد كلمة المنفذية.
2 – بعد وفاته بسبعة اشهر، توفيت والدته السيدة تميمة طنوس حزناً على رحيله.
3 – أسعد الايوبي: كان معاوناً لمفوض شرطة مدينة بيروت، تولى مسؤولية منفذ عام بيروت وهو أول قومي اجتماعي يفقد وظيفته بسبب انتمائه الحزبي. للإطلاع على النبذة المعممة عنه، الدخول إلى قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
4 – نادر عكر: من كفرحزير الكورة . نشط وكانت له مسؤوليات حزبية في الوطن وخارجه. بنى عائلة قومية اجتماعية.
5 – جوزف نكد: من بلدة كفرفالوس زغرتا . تولى مسؤوليات محلية في منفذية طرابلس، بنى عائلة قومية اجتماعية.
6 – جوزف منصور: عرف الحزب نضالاً وتفانياً، بنى عائلة قومية اجتماعية، تولى اكثر من مرة مسؤولية ناظر مالية الكورة.
7 – «أبو غسان»: لم تورد «البناء ـ صباح الخير» الاسم كاملاً. لمن يعرف من هو الرفيق «أبو غسان» أن يكتب إلى لجنة تاريخ الحزب.
اسكندر العلم: من بلدة أنفة، ويملك تاريخاً حزبياً غنياً بالمسؤوليات وبالنشاط الصادق.