الاعتداء الإرهابي في بطرسبورغ … ماذا بعد؟
حميدي العبدالله
الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مدينة بطرسبورغ وذهب ضحيته أكثر من 14 مواطن روسي وعشرات الجرحى، سيكون على الرغم من تصريحات الاستنكار، فرصة لتوظيفه سياسياً من قبل الإعلام الغربي ومن قبل الإعلام العربي المرتبط بالغرب للادّعاء بأنّ هذا الاعتداء ما كان ليكون لولا مساهمة روسيا في محاربة الإرهاب في سورية، فهذا الاعتداء حسب هذا الإعلام هو ردّ فعل على ما تقوم به روسيا ضدّ التنظيمات المسلحة في سورية.
لكن هذه الذريعة مكشوفة هذه المرة ولن تنطلي على أحد، فالإرهاب قبل أن يستهدف روسيا استهدف تركيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا، وحتى الولايات المتحدة، وجميع هذه الدول وقفت بقوة إلى جانب التنظيمات الإرهابية في سورية وقدّمت لها الدعم، بما في ذلك تنظيمي داعش وجبهة النصرة، وثمة اعترافات على لسان كبار المسؤولين في الغرب بأنّ هذه الدول كان لها باع طويل في دعم التنظيمات الإرهابية. فإذا كان الإرهاب لا يستهدف إلا الدول التي تحاربه، فلماذا استهدف تركيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا بسلسلة من العمليات كانت حصيلتها أثقل بكثير مما حصل في روسيا. بل يمكن القول إنّ روسيا التي تتبنّى نهجاً صارماً في محاربة الإرهاب ولم تعتمد سياسة «النوم مع الشيطان» ولم تستثمر في الإرهاب، كانت الدولة الأكثر مناعة ضدّ الهجمات الإرهابية، على الرغم من وقوع هذا الهجوم الإجرامي.
في مطلق الأحوال إنّ هذا العمل الشنيع الذي استهدف المدنيين الآمنين قاد إلى نتائج معاكسة لما يريده منفذو الهجوم، ومن يقف وراءهم.
النتيجة الأولى، تأكيد صحة وجهة نظر القيادة الروسية التي أكدت أكثر من مرة أنّ مشاركتها إلى جانب الجيش السوري في محاربة الإرهاب هي عمل استباقي، لأنّ جزءاً كبيراً من الإرهابيين الذين يقاتلون الجيش السوري هم من التابعية الروسية، وآجلاً أم عاجلاً، سوف يستفيدون من الخبرة والقدرات التي يحصلون عليها في سورية لشنّ هجمات داخل روسيا.
اليوم الشعب الروسي، وبعد هذا الهجوم الإجرامي، أكثر استعداداً لقبول وجهة نظر القيادة الروسية، ودعم مساهمتها في مكافحة الإرهاب في سورية، وربما في مناطق أخرى من العالم.
النتيجة الثانية، أنّ روسيا ستزيد مساهمتها في مكافحة الإرهاب داخل سورية، وسوف تسعى إلى تسريع عملية الحسم في مواجهة الإرهاب، وباتت في وضع سياسي بعد هذا الهجوم الإجرامي يؤهّلها للوقوف بصلابة في وجه أيّ دعوات لتمييع الردّ الحاسم على الإرهاب.