المقداد: المجموعات الإرهابية هي التي استخدمت السلاح الكيماوي بدعم إقليمي ودولي بهدف ابتزاز سورية سياسياً
أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد «أنّ المجموعات الإرهابية المسلحة هي التي استخدمت السلاح الكيماوي في سورية بدعم إقليمي ودولي بهدف ابتزاز سورية سياسياً».
وشدّد المقداد، في حديث خاص لقناة «المنار» على أنّ موضوع السلاح الكيماوي أصبح موضوعاً للاستثمار الرخيص من قبل الدول الغربية والجماعات الإرهابية».
وخلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن أمس للبحث في الهجوم الكيميائي المزعوم على بلدة خان شيخون السورية، والذي تتهم فيه الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب الحكومة السورية، جدد نائب المندوب السوري في مجلس الأمن منذر منذر موقف دمشق بأنّها «لا تملك أسلحة كيميائيّة، وترفض استخدامها تحت أيّ ظرف كان»، مضيفاً أنّ بلاده «كانت قد زوّدت منظّمة حظر الأسلحة بتقارير عن امتلاك الجماعات الإرهابيّة لمواد كيميائيّة».
وقال منذر: «هناك من يعتمد على تقارير إعلاميّة مفبركة لتوجيه تُهم سياسية إلى الحكومة السورية، وهناك من يستغلّ الجماعات الإرهابية للهروب من استحقاقات أستانة وجنيف ونسف العمليّة السياسيّة»، مؤكّداً أنّ «الحكومة السوريّة ترفض رفضاً تامّاً تزوير الحقائق وفبركة الاتهامات».
من جهته، قال مندوب روسيا فلاديمير سافرونكوف: «إنّ دمشق تصرّفت بحسن نيّة وتخلّصت من الأسلحة الكيميائيّة فى وقت قياسي، وسياسة الخطوط الحمر التى اتّبعتها الإدارة الأميركية صبّت فى صالح استفزاز الإرهابيّين»، لافتاً إلى أنّ «هناك تقارير زوّرتها المعارضة السورية والحكومات الداعمة لها بشأن استخدام دمشق السلاح الكيميائي».
وأشار إلى «أنّه سبق للمعارضة أن استخدمت صوراً مزيّفة للإيهام بحدوث كارثة شرق حلب»، داعياً إلى «إجراء تحقيق شامل وغير مسيّس بشأن استخدام الأسلحة الكيميائيّة»، ورأى أنّه «لا حاجة للقرار المقترح أمام مجلس الأمن، لأنّه غير كاف».
ولفت إلى أنّه «إذا كانت هناك حاجة للتصويت على القرار، فتجب إعادة صياغته مرة أخرى، لأنّ مشروع القرار أُعدّ بسرعة وهو غير شامل».
وأكّد المندوب الروسي أنّ «استخدام الأسلحة الكيميائيّة من قِبل أيّ طرف غير مقبول»، وأنّ «عدم تصرّف مجلس الأمن ضدّ استخدام المسلّحين غاز السارين في خان العسل غرب حلب شجّع الإرهابيّين».
وقال: «إنّ هناك علاقة واضحة بين منظّمة الخوذ البيضاء والجماعات الإرهابية في سورية، وأصحاب الخوذ البيضاء يقدّمون تقارير متضاربة بشأن هجوم خان شيخون وسلوكهم غير مهنيّ»، مشدّداً على أنّ «مقاطع الفيديو التي نشرت بشأن هجوم خان شيخون مفبركة»، كاشفاً على «أنّ ما حدث في خان شيخون هو استهداف مخزن يحتوي على مواد كيميائية كان من المفترض استخدامها في العراق».
وختم سافرونكوف إنّ «آليّة عمل بعثة تقصّي الحقائق لا تنسجم مع التقارير التي تُبثّ عبر الإنترنت، وأنّه لا يمكن الاعتماد على تقارير تؤخذ عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأدلّتها مشكوك بها، وأنّه يجب على الجماعات المسلّحة غير الشرعيّة التي تسيطر على خان شيخون السماح بوصول فرق التحقيق».
من جهته، قال المندوب الصيني ليو جيي: «إنّ بكّين مصدومة باحتمال استخدام الأسلحة الكيميائيّة في سورية، وتدين هذه الهجمات»، مشدّداً على أنّ «الصين تدعم تحقيقاً مستقلّاً حول كافّة حالات استخدام الأسلحة الكيميائيّة».
وأكّد على أنّه «لا يمكن لأيّة دولة أن تجبرنا على التصويت وفق رغباتها»، مُعرباً عن أمل بلاده بأن «يستفيد مجلس الأمن من خطط السلام المطروحة ودعم المبعوث الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا بتعضيد وقف النار، والمضيّ في تسوية سوريّة».
كما انتقد جيي موقف بريطانيا الذي عبّر عنه المندوب البريطاني في مجلس الأمن، قائلاً: «إنّه لا يصلح، بل إنّ ما يهدّد به ليس في مصلحة الشعب السوري»، آملاً «أن تمتنع بريطانيا عن مثل هذه التهديدات».
وختم المندوب الصيني بأنّ «مواجهة الإرهاب أهم موضوع، وتجب مواجهته معاً من قِبل كافّة الدول».
وقالت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي: «إنّه مع فشل الأمم المتحدة بشكل متكرّر في العمل بشكل جماعي، فإنّ بلادها ستكون على استعداد لاتّخاذ إجراءاتها الخاصة». واتّهمت هايلي «روسيا وإيران والحكومة السوريّة بأنّهم غير مكترثين بتحقيق السلام في سورية»، فيما هدّد مندوب بريطانيا ماثيو رايكوفت: «بفرض عقوبات جديدة على دمشق بعد هجوم خان شيخون الكيميائي، إذا استخدمت روسيا حقّ الفيتو ضدّ مشروع القرار الغربي بهذا الشأن».
أمّا مندوب فرنسا فرانسوا ديلاتر، فرأى أنّ «من غير المستبعد أن يُطرح مشروع القرار حول هجوم خان شيخون للتصويت»، مشدّداً على أنّ «روسيا باعتبارها من الدول الضامنة لاتفاقيّة الهدنة في سورية، تتحمّل مسؤولية خاصة عن تطوّرات الأوضاع في سورية».
ودعا المندوب المصري عمرو أبو العطا، بدوره، كلّ الأطراف للتعاون مع بعثة تقصّي الحقائق للوقوف على حقيقة تلك الأحداث، مشيراً إلى «خطورة استخدام المنظّمات الإرهابيّة لهذه الأسلحة»، محذّراً من «خطورتها على العالم».
وكان وكيل الأمين العام والممثّل السامي لشؤون نزع السلاح كيم وون سو أعلن «أنّ منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة لا تستطيع في الوقت الحالي تأكيد المعلومات التي تفيد بأنّ الهجوم الكيميائي في محافظة إدلب نتيجة ضربة جويّة».
وقال سو: «لا يمكن الوصول للمعلومات حول ما حصل في إدلب، ولا توجد حتّى الآن صورة كاملة للحادث، مضيفاً: «لا يمكن التأكّد من سُبُل تنفيذ الهجوم في المرحلة الحاليّة».
الجدير بالذّكر، أنّ مشروع القرار في مجلس الأمن قدّمته كلّاً من «الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا» لإدانة الهجوم الكيميائي الذي استهدف صباح الثلاثاء بلدة خان شيخون.
وفي سياق متصل، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره السوري وليد المعلم، هاتفياً، الوضع في سورية في سياق جلسة مجلس الأمن الأخيرة بخصوص الهجوم بالكيميائي على إدلب.
يُذكر أنّ وزارة الخارجيّة الروسيّة أعلنت في وقت سابق، «أنّ موسكو ترفض مشروع قرار طُرح في مجلس الأمن الدولي، لأنّ هذا المشروع منحاز ويوجّه اتهامات إلى دمشق».
وقالت المتحدّثة بِاسم الخارجيّة الروسيّة مايا زاخاروفا: «مشروع قرار مجلس الأمن الدولي يحمل طابعاً معادياً لسورية، ويمكن أن يؤدّي إلى تأجيج الوضع المتوتّر في سورية وكذلك في المنطقة بأكملها».
وقالت زاخاروفا: «إنّ دمشق لا تمنع منظّمة حظر الأسلحة الكيميائيّة من دخول سورية لإجراء تحقيق في الهجمات الكيميائيّة المحتملة، وإذا كان الخبراء يخشون على أمنهم، فإنّه يجب بحث هذه المسألة مع جهةٍ أخرى يعتبرها الغرب معارضة معتدلة».
وأضافت: «إنّ هذه الخطوات تشجّع بشكلٍ مباشر على زعزعة الوضع، وعلاوة على ذلك تهدف إلى تعقيد عمليّة المفاوضات التي لا زالت في بداية تطوّرها».
وأكّدت أنّ موسكو «ستواصل بذل جهودها من أجل تسوية الأزمة السوريّة، داعية جميع الأطراف المعنيّة إلى إظهار منهج موضوعي لتقييم الأحداث بالأفعال وليس بالأقوال، والمساهمة في تحريك التسوية السياسيّة في سورية والتخلّص من الخطر الإرهابي».
وأشارت الدبلوماسيّة الروسية إلى أنّ «موسكو تنطلق من أنّ أنقرة أخذت على عاتقها الالتزامات كدولة ضامنة للهدنة في سورية»، مضيفةً: «للأسف، لدينا خلافات مع تركيا حول القضيّة السوريّة، ونبحثها على أساس ثنائي ونحيط زملاءنا الأتراك علماً بقلقنا».
على صعيدٍ آخر، تعهّد المجتمعون في المؤتمر الدولي لدعم سورية ودول الجوار، الذي اختُتم أمس في بروكسل، بتقديم 6 مليارات دولار من المساعدات إلى سورية خلال العام الحالي 2017.
وكان المشاركون أجمعوا على ضرورة التوصّل لحلٍّ سياسي فى سورية على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي إلى جانب بيان جنيف.
وأكّدت فيديركا موغيريني، المفوّضة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في ختام المؤتمر «على ضرورة التركيز على العمل الإنساني في سورية وطريقة تأمين وصول المساعدات الإنسانية»، مشيرة إلى أنّ «عمليّة إعادة الإعمار لن تتمّ قبل انطلاق عمليّة سياسيّة شاملة وانتقال سياسيّ للسلطة، بالتوازي مع العمل العسكريّ ضدّ الإرهاب».
ميدانيّاً، يحرز الجيش السوري تقدّماً برّياً، والذي أدّى مؤخّراً لتحرير عدّة قرى جديدة، منها «شليوط وحجامة، وزور المسالق، وتصليبة أم حسان، وخطاب، والشير، والمجدل، وسوبين وزور جديد»، يأتي هذا التقدّم تزامناً مع توجيه الطائرات الحربيّة الروسيّة نيرانها المدمّرة نحو الأهداف الدقيقة التي يتمُّ رصدها لـتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابيّ في ريف حماة الشمالي.
وقال مصدر ميداني: «إنّ المجموعات الإرهابيّة حاولت عرقلة تقدّم الجيش السوري وحلفائه قبل يومين عبر استخدامها لغاز الكلور، إلّا أنّها فشلت في ذلك واستطاعت القوّات البريّة تحرير بلدة خطاب ورحبتها إضافة للمجدل»، ممّا أسهم في تحطيم معنويات المسلّحين وسهّل التقدّم الذي طال مؤخّراً بلدة «معردس» في الريف الشمالي والقريبة من صوران، لتصبح بلدات «حلفايا، صوران وطيبة الإمام» تحت النار.
وأضاف المصدر، «أنّ وحدات الاقتحام المدعومة من الطيران انتزعت زمام المبادرة من فصائل «النصرة» بعد أيام قليلة على خرقها بعض المواقع والبلدات، عبر استخدام القوّة الناريّة المفرطة في ملاحقة المسلّحين وتدمير مقارّهم وأسلحتهم المتنقّلة، كما نتج عنها ارتفاع أعداد القتلى بين صفوفهم، والذي بلغ أكثر من 500 إرهابي».
ويُذكر أنّ الجيش السوري بدأ قبل أيام عمليّة عسكرية واسعة لاستعادة القرى والبلدات التي تسلّل إليها إرهابيّو «جبهة النصرة» والمجموعات التابعة لها بريف حماة الشمالي، وقد حقّق معظم أهدافه بنجاح وسرعة.