الراعي: لقيام أنظمة معتدلة تحترم حقوق الإنسان وحرية تعبيره ومعتقده

اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «أنّ التفاعل بين الثقافتين المسيحية والإسلامية أوجد الاعتدال والانفتاح عند الغالبية المسلمة، ما يشكل أساسا للأمل بمستقبل أفضل في الشرق الأوسط».

وفي محاضرة ألقاها في مقرّ الأمم المتحدة في جنيف، بعنوان «المسيحيون ومستقبل الشرق الأوسط» لفت الراعي إلى «أنّ المسيحيين لطالما كانوا روّاد نهضة الثقافة العربية وهم لا يزالون مستمرين على هذا النهج»، موضحا أنّ «الحياة المسيحية – الإسلامية المشتركة تعاني اليوم من زعزعة قوية لأسباب عدّة أبرزها تفكك الأنظمة العربية التي حلت مكانها أنظمة عززت النظام الديني المسلم وأمّنت سيطرة الحزب الواحد وتهميش باقي الشرائح، ما أدى إلى انعدام الثقة بين مختلف مكونات المجتمع الواحد، إضافة إلى الصراع العربي – الإسرائيلي وإدخال المنطقة في صراع عقائدي، ديني ومذهبي وإشعال بذور الصراع السياسي بين الدول العربية السنية والشيعية، الذي تحوّل في ما بعد إلى صراع عسكري بين إيران والعراق كانت له انعكاساته على الساحة اللبنانية، حيث حلت المذهبية والطائفية مكان المواطنة العربية، كما شهدت المنطقة بروز تيارات إسلامية أصولية راديكالية دعت إلى الثورات الشعبية التي تحولت من ثورات سلمية إلى أخرى مختلفة تماما تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وترفض مبدأ العيش المشترك بين الطوائف، مستخدمة اسم الله لغايات خاصة أهمها الاستيلاء على السلطة بالقوة لأسباب سياسية واقتصادية».

وأضاف: «وسط هذه الظروف تحوّل المسيحيون، كما غيرهم، إلى ضحايا بريئة وطالهم القتل والفقر والهجرة والاعتقال والتهديد ودنست كنائسهم ودمّرت».

وعرض البطريرك الراعي الحلول «وفق الرؤية المستقبلية للشرق الأوسط وكيفية تأمين سلام عادل ودائم»، طارحاً أبرز الوسائل المعتمدة للوصول إلى هذا الهدف، فأشار إلى أنّ «الكنيسة تتمنى مستقبلا زاخراً بالسلام يرتكز على أربعة أسس: الحقيقة، العدالة، المحبة، والحرية، وهذا ما دعا اليه ولا يزال، الحبر الأعظم البابا فرنسيس بندائه الدائم لإيجاد حلّ سياسي من خلال الحوار، يؤمّن الوصول إلى حلول دائمة وصحيحة».

ولفت إلى «ما ردّده السفير البابوي في جنيف المونسنيور توماسي أمام الأمم المتحدة بأنّ «الحلول التي تقترحها الكنيسة لفضّ النزاع في الشرق الأوسط وسورية يجب أن تشمل وقفاً فورياً لإطلاق النار، تسليم السلاح ووقف تدفقه وتمويله، ضرورة أن تدعم الأسرة الدولية، وبعيداً عن مصالحها الخاصة، العملية السياسية لوقف العنف ومشاركة جميع الفرقاء في إدارة حكم البلاد كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، الدعوة إلى احترام حقوق الإنسان والتنبه إلى أنّ الحرب في سورية ستعزّز الصراعات الإقليمية وستنتج مواجهات إتنية ودينية وأصولية، كما أنها ستؤدي إلى تدمير البلاد بشكل كامل».

ثم اقترح فكرتين في هذا السياق وهما «أن يتمكن المعتدلون من تسلم الحكم بدعم من الجيش، وقيام أنظمة سياسية معتدلة تحترم حقوق الإنسان وحرية تعبيره ومعتقده»، داعياً «إلى وساطة فعالة تقوم بها الدول الصديقة والهيئة الدبلوماسية لدى الكرسي الرسولي، تهدف إلى تشجيع كلّ من السعودية وإيران على تسوية النزاع بينهما عن طريق المفاوضات وليس المواجهات غير المباشرة، لأنّ الكل يعلم أنّ الصراع السني – الشيعي في العراق وسورية ولبنان مرتبط بالصراع الإيراني السعودي».

ونبّه الراعي إلى أنّ «أصل المأساة في منطقة الشرق الأوسط هو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والصراع العربي- الإسرائيلي»، مطالبا الأسرة الدولية بالتحرك لإيجاد حلّ لهذين النزاعين «وذلك بتطبيق قرارات مجلس الأمن القاضية بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، إنشاء دولة فلسطينية، انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة في لبنان وسورية وفلسطين واعتبار القدس مدينة مقدسة للديانات الثلاث: اليهودية، المسيحية والإسلام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى