قانون الانتخاب الطائفي.. فساد ودولة منهوبة

معن حمية

في جلسة المناقشة العامة للحكومة في مجلس النواب، ذهب عدد من النواب في المناقشة إلى نطاق أوسع وأشمل من العناوين التي تضمّنتها كلمة رئيس الحكومة، والتي كان بارزاً فيها التأكيد بأنّ أمر قانون الانتخاب وصل إلى «خط النهاية».

بعض النواب أثار أموراً وشؤوناً وحالات في غاية الأهمية، وآثر التصويب على الفساد المستشري الذي ينخر مؤسسات الدولة الرسمية، وتحدّث عن وزراء دخلوا فقراء إلى الحكومات المتعاقبة وخرجوا وفي جيوبهم المليارات، وعن هدر وسمسرات ومليارات تُدفع بدل استئجار مبانٍ، وعن مصارف تجني أرباحاً طائلة، ولا ترفد الخزينة العامة ولو بجزء بسيط من الأرباح!

ما جرى التصويب عليه ليس اكتشافاً جديداً، بل هو قديم قدم نظام المُحاصصة الطائفية، لكنّ السؤال: هل الحكومة الحالية حكومة «استعادة الثقة»، عازمة حقاً على بناء الثقة مع الناس؟ وهل ستبادر إلى خطوات عملية وجادة على طريق مكافحة الفساد، أقله في مؤسسات الدولة، وخفض الإنفاق «الحرام»؟

هل سيتحرّك القضاء عفواً، بحثاً عن كامل هوية الذين دخلوا الحكومة وصاروا من أصحاب الرساميل؟

وهل ستفتح الملفات التي تُرهق لبنان واللبنانيين، بدءاً من ملف الدين العام ومسبّباته وموروثه المعروف بخدمة الدين العام،… إلى فاتورة المحكمة الدولية التي تُدفع من جيوب اللبنانيين وعلى حساب لقمة عيشهم…!

بالتأكيد، كلّ ذلك لن يحصل، فالكلام عن الفساد والهدر والسمسرات والسرقات، ليست له أية مفاعيل، فعلى «كعب» الكلام عن محاربة الفساد تحصل «التسويات» بين القوى الطائفية والمذهبية. تسويات قد تسري أيضاً على قانون الانتخاب. وفي جلسة الأمس أطلق أحد النواب «فتوى» تحريم إقرار قانون الانتخاب بالتصويت، معتبراً التهويل بالتصويت يعني تقسيماً…! وهذا بعرف وقانون الطائفية بمثابة «فيتو» يُسقط مبدأ التصويت الدستوري في مجلس الوزراء، كما يتكفل بإسقاط أية محاولة إصلاحية ترمي إلى ترقية الحياة السياسية والوصول لعدالة التمثيل والمواطنة الكاملة.

ما هو مؤكد أيضاً، أنّ الكلام عن الفساد والإفساد يستفزّ الفاسدين في لبنان، فيتكفل أحد النواب بالحديث عن استحالة محاربة الفساد في لبنان، بزعم أنّ هناك سلاحاً وسرايا مقاومة…! وهذه معزوفة يطلقها الموغلون في الفساد، والمتورطون في أكثر من قضايا الفساد.

ويبقى السؤال: طالما أنّ هناك فريقاً طائفياً سيضع «الفيتو» على أي قانون انتخابي لا يراعي مصالحه،… وطالما أنّ الصيغ الرديئة المطروحة هي طائفية بامتياز، ومحلّ اختلاف بين الطوائف والمذاهب أنفسها، فكيف يمكن للحكومة أن تصل إلى «خط النهاية» بما خصّ قانون الانتخابات؟

في لبنان، هناك مَن يحمي الفساد ويحرّض في سبيل تأبيده، ومَن يحمِ الفساد فلن يقدّم خطوة واحدة باتجاه قانون جديد للانتخابات يحقق صحة التمثيل والمواطنة الكاملة ويؤسِّس للإصلاح الحقيقي…

«الدولة المنهوبة» بمليارات الدولارات التي قطعت قَطْعَ الحساب لن تستردّ ما نُهب من مالها العام الذي هو مال الناس إلا بقانون انتخاب عصري يحقق صحة التمثيل وعدالته. وهذا هو الممرّ الطبيعي للقضاء على الفساد وبلوغ الإصلاح.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى