عن الانتخابات النيابية في الشام وفوز الرفيق حنا كسواني

في الصفحة 122 من مؤلفه «محطات قومية» يورد الرفيق جميل مخلوف أسماء الرفقاء في الشام الذين مثّلوا الحزب في البرلمان، وهم:

الأمين عصام المحايري: عن دمشق

الأمين بديع اسماعيل 1 : طرطوس.

الرفيق زكي نظام الدين 2 : عن محافظة الجزيرة.

الأمين حنا كسواني 3 : عن منطقة داريا.

عن ترشح الأمين كسواني وفوزه، ننقل ما جاء في مذكّرات كل من الأمين السابق جميل مخلوف «محطات قومية» والرفيق إياد موصللي «أنطون سعاده ماذا فعلت؟».

ورد في الصفحات 119-224 من «محطات قومية»:

عادت الحياة البرلمانية إلى البلاد، بعد انقضاء عهد الشيشكلي، ودُعي إلى انتخابات وكان مرشّح الحزب فيها الرفيق المحامي حنا كسواني.

كان الرفيق كسواني رفيقاً ملتزماً وكان أهلاً لتحمل مسؤولية النيابة وقادراً على أن يمثل الحزب في البرلمان، وكان خصمه في الترشيح العقيد المتقاعد بهيج كلاس، وكان هذا المرشح أخاً للوزير خليل كلاس، من أركان الحزب الاشتراكي الذي ألفه بعد حزب الشباب المقتصر على شباب مدينة حماه. وكان الحوراني اكرم وكلاس عضوين سابقين في الحزب السوري القومي الاجتماعي، الحوراني منفذ للحزب في حماه، وخليل الكلاس عضو في هيئة المنفذية فيها.

وضعت السلطات كل ثقلها في تلك المعركة فمرشحها أخ لوزير من وزراء الحوراني، ووضع الحزب كل إمكاناته في تلك المعركة التي اشتد أوارها بين القوتين: قوة السلطة ومرشحها بهيج كلاس، وقوة الحزب السوري القومي الاجتماعي الشعبية.

كان لالتفاف بلدة داريا وهي إحدى كبريات بلدات محافظة لواء دمشق بشقي إسلامها المسيحي والمحمدي، حول ترشيح كسواني أثر كبير في نتيجة تلك المعركة. وكان الرفقاء في دمشق وعلى رأسهم رفقاء جامعة دمشق بقيادة منفذهم العام الرفيق حسن مخلوف أثر بارز في سير تلك المعركة والفوز بها.

وكانت النتيجة أن فاز الرفيق حنا كسواني وأصبح عضواً في البرلمان ولكنه لم يمارس عضويته تلك، إذ بعد أن صدقت لجنة الطعون نيابته حدث اغتيال العقيد عدنان المالكي.

ويروي الرفيق إياد موصللي في الصفحات 222-224 من كتابه «أنطون سعاده ماذا فعلت؟» التالي:

المعارك الانتخابية كانت عنيفة واجه فيها الحزب تجمع أحزاب الشيوعي، الاخوان المسلمين، البعث، الناصريين والاشتراكيين… وتحركت ادوات السلطة وأجهزتها. تمكن هذا الحلف من اسقاط معظم المرشحين، وحصلت تعديات جسدية وتحطيم صناديق وسرقة أخرى حيث كانت تظهر اشارات لتقدم المرشحين القوميين… وأدت هذه الاعمال ضد القوميين إلى سقوط معظم المرشحين، وهم في دمشق عصام محايري، عبد الله محسن، زهير سحلول في حمص، نوري الخالدي، عمر أبو زلام في حلب، صالح عبود دير الزور، أما في داريا في ريف دمشق فقد أخذت المعركة طابعاً خاصاً فمرشح الحزب هناك حنا كسواني هو ابن البلدة، والده كاهن القرية، وخصمه بهيج الكلاس، ضابط متقاعد من مدينة حماة، شقيقه المحامي خليل كلاس العضو البارز في جماعة أكرم الحوراني.

أجريت الانتخابات وفاز الرفيق حنا ضد مرشح الجيش والمكتب الثاني بهيج كلاس فلم تعجب هذه النتيجة السلطة فقررت عبر لجنة الطعون إعادة إجراء الانتخابات في داريا تحت ذريعة وهمية… وأجريت إعادة المعركة بين المرشح القومي ومرشح تحالف السلطة أي بين المرشحَين حنا كسواني وبهيج كلاس المقدم المتقاعد في الجيش، خاض الحزب معركة الاعادة بقوة، وحشَد كلاس انصاره مدعومين ببطش السلطة. أثناء التصويت برز بشكل واضح تقدم الرفيق حنا، فاستحضر انصار بهيج جنوداً بثياب مدنية، غرباء عن المنطقة، فاستاء أهالي داريا ومنطقتها وحصلت صدامات عنيفة سقط خلالها جرحى واتخذتها السلطة حجة فأصدرت أمراً بمنع التجول في المدينة وتأجيل الانتخابات لليوم الثاني. قررت القيادة الحزبية تأمين حراسة مركز الاقتراع فاختارتني مندوباً أنا وسهيل مسابكي وفرانسوا دياب واستلمنا وكالة مندوب عن المرشح وتوجهنا بسيارة حنا كسواني إلى داريا لاستلام مركزنا، ولدى وصولنا إلى البلدة وقرب المركز الانتخابي لم يكن في الشارع أيّ انسان.

التجول ممنوع انما الناس كانت كلها على الاسطح وفي الطرقات الفرعية فيما سُمح لأنصار الكلاس بالتجمهر. لدى وصولنا نحو المركز اعترضنا ضابط درك ومعه بعض الجنود وأشار بالتوقف، وقف الرفيق حنا وفتح باب السيارة وتقدّم يعرّف نفسه للضابط إنه المرشح ومعه الوكلاء، فأشار له الضابط بيده ان يرجع، ووضع قدمه على رفراف السيارة، تطوّر النقاش فإذا بالضابط يدفع المرشح بيده ويصفعه. كنت اركب في المقعد الامامي فنزلت فوراً وهجمتُ على الضابط وصفعته، فوقعت قبعته، عندها أمسك جعبة مسدسه يريد إخراجه: أمسكت به وجرى عراك نزعتُ خلاله النجوم من على كتفه وتراكض الجند وكذلك الرفيقان سهيل وفرانسوا، وما هي إلا ثوان حتى هبط الأهلون من أسطح منازلهم وتجمهروا هاتفين بحياة حنا، وحملني الناس على اكتافهم وبدأنا نهتف، وهجمنا على القوة، لا سيما على اولئك الغرباء… وبدأ رجال الامن اطلاق الرصاص للارهاب، وتفرّقنا فدخلتُ بناءً تبيّن في ما بعد انه مركز مدير الناحية. كنت في الحديقة مع آخرين فارّين من الجند قرب أحد النوافذ عندما سمعت مدير الناحية يتصل هاتفياً ويقول سيدي القوميون يهاجمون رجال الدرك وهنالك اطلاق نار نريد اوامركم، اسمع سيدي، اسمع، وأشار لضابط أمامه فأخرج مسدسه وأطلق من النافذة، فأصدر وزير الداخلية أمراً باستخدام القوة، وجاءت قوات عسكرية كثيفة وحوصرنا ثم قُبض علينا، وأودعنا مركز التوقيف وكان عددنا يتجاوز الثلاثين…

صار الليل فبدأنا نضرب الباب الخشبي بشدة فانكسر وسقط، فجاء رجال الدرك وهددونا بالسلاح، ثم احضروا شاحنات ونقلونا إلى سجن القلعة في دمشق… وعرفنا بعد توقيفنا ان الضابط من آل يازجي من مرمريتا، وهذه العائلة بأكملها تقريباً قوميين…

أثناء منع التجول أراد الحزب ايصال منشورات لتوزع على الأهلين تفضح المحاولات الحكومية، ولكن ما من وسيلة لتحقيق ذلك. هنا خرج الرفيق دريد لحام وكان طالباً في الجامعة السورية، بفكرة عبقرية: استحضر حاوية ليبيع الاسكيمو ماركة دامر، من محلات بيع البوظة الشهيرة في دمشق… ووضع على رأسه لباس الباعة وركب دراجة وضع المنشورات اسفل الحاوية، وفوقها قطع المثلجات اسكيمو وتوجه لداريا يجوب شوارعها يقرع جرساً صغيراً وينادي، دامر، اسكيمو، دامر… وعندما يصل إلى حيث الأهالي متجمهرين في الزواريب يعطيهم المنشورات ويتولوا هم توزيعها مع القوميين، واحتارت السلطة كيف وصلت هذه المنشورات وجميع الطرق مقفلة وممنوع المرور عليها…

هوامش

1 – بديع اسماعيل: مراجعة النبذة المعممة عنه في قسم من تاريخنا على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

2 – زكي نظام الدين: تولى مسؤوليات في منطقة الجزيرة وتسلم مسؤولية ناموس عمدة الداخلية ووضع نفسه وسيارته بتصرف زعيم الحزب خلال جولته في منفذيات الكيان الشامي. يصح ان نكتب عنه.

3 – حنا كسواني: نعمل على إعداد نبذة تعريفية عنه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى