اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوّسطة والصاروخية في عين الحلوة توقع قتلى وجرحى وأضراراً جسيمة وبدر يرفض تسليم نفسه
تواصلت الاشتباكات العنيفة في مخيم عين الحلوة في اليومين الماضيين بين القوة الأمنيّة المشتركة وجماعة الإرهابي بلال بدر، ما أدّى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى وأضرار مادية جسيمة.
وكان بدر أشعل المعركة بإطلاق مجموعته عمداً النار من مركزها في حيّ الطيري على عناصر القوّة المشتركة لحظة انتشارها وتمركزها عصر الجمعة الفائت في مقرّ الصاعقة ومفرق سوق الخضر، في الشارع الفوقاني المدخل الجنوبي للمخيم، ما أدّى إلى مقتل أحد عناصرها وإصابة عدد آخر، الأمر الذي أجبر القوى والفصائل الفلسطينية خصوصاً حركة «فتح» على الردّ بقوة على مطلقي النار، واتخاذ قرار بالحسم يجبر بدر على الاستسلام أو القضاء عليه.
وتمكّن عناصر القوّة وفتح من إحراق المنزل والتقاط الصور فيه في معركة طويلة، فيما أمر قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب جميع ضباط وعناصر «فتح» الالتحاق بمراكزهم فوراً لإنهاء المربعات الأمنيّة في المخيم والقضاء على المجرمين. وحضر عناصر من الرشيديّة ومخيمات الجنوب، واتّخذت فتح قراراً باحتلال معقل بدر والقضاء عليه. وتمكّنت «فتح» وفصائل منظّمة التحرير من احتلال حيّ الطيري، علماً أنّ بدر فرّ إلى حيّ الصفصاف مع 20 من عناصره، قبل أن يشنّ ومجموعاته – مدعّماً بمجموعات عبد فضة – هجوماً معاكساً من الصفصاف حيث معقل «عصبة الأنصار» على حيّ الطيري لاستعادته. ودارت معارك كرّ وفرّ من قِبل التكفيريين والإرهابيّين لاستعادة معقل بدر، فيما حافظت «فتح» على قوّتها الناريّة وأفشلت تقدّم المجموعات الإرهابيّة، ممسكة بالمبادرة العسكرية، خصوصاً أنّها منعت جماعة بدر من إعادة السيطرة على معقلهم في الطيري، في وقت شنّت مجموعة الإرهابي ساري حجير هجوماً على البستان الذي يتحصّن فيه عناصر «فتح» والقوة المشتركة، مستخدمة الأسلحة الثقيلة وقذائف الآر بي جي.
وأدّت الاشتباكات إلى سقوط قتيلين الأول من حزب الشعب في القوة المشتركة، ويدعى موسى خربيتي، والثاني من «فتح «خلال اقتحام حيّ الطيري. وارتفع عدد الجرحى إلى 16، إضافةً إلى أضرار جسيمة في المنازل والسيارات، فيما قطعت القوى الأمنيّة أوتوستراد الحسبة المحاذي لمخيم عين الحلوة في صيدا بسبب الرصاص الطائش. كما أقفلت الدوائر والمؤسّسات الرسمية في سراي صيدا الحكومي، وغادر الموظّفون مكاتبهم بتوجيهات من المحافظ منصور ضو، فيما حرص عدد من أبناء المدينة ومنطقتها على إخلاء مرضاهم من مستشفى صيدا الحكومي لقربه الجغرافي من عين الحلوة.
اتصالات سياسية
ونشطت المساعي السياسية لوقف الاشتباكات، حيث أجرى رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد سلسلة من الاتصالات بقادة الأجهزة الأمنيّة اللبنانية ومسؤولي الفصائل الفلسطينية، وقد شملت هذه الاتصالات مدير مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود، ومسؤولي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والتحالف الوطني الفلسطيني والقوى الإسلامية الفلسطينية.
وشدّد سعد على ضرورة الوقف الفوري للاشتباكات إفساحاً في المجال أمام إجلاء المحاصرين ونقل الجرحى والمصابين، ومنعاً لسقوط المزيد من الخسائر والضحايا.
وشدّد سعد على أهمية التمسّك بالإجماع الفلسطيني على القوة المشتركة وانتشارها، من أجل وضع حدّ نهائي لمسلسل الاشتباكات والأحداث الأمنيّة وحماية الأمن والاستقرار في المخيم والجوار.
من جهته، أكّد اللواء منير المقدح في تصريح، «أنّ الأمور في مخيم عين الحلوة تسير في مجراها العسكري ونحو الحسم، ويسجّل تقدّم لحركة فتح على مجموعات بلال بدر»، مشدّداً على أنّ القوة الأمنيّة ستنتشر في أرجاء المخيم لبسط الأمن فيه ولا حلّ غير ذلك».
بدوره، أكّد قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، أنّ الأمور تتّجه نحو الحسم في مخيّم عين الحلوة، مشدّداً على «استمرار الاشتباكات حتى تسليم المدعوّ بلال بدر نفسه، واعتبر أبو عرب أنّ «بلال بدر قاتل وجاسوس اعتدى على عناصر القوى الأمنيّة بدم بارد، ما أدّى إلى استشهاد عنصر وجرح آخرين».
الأحد
وبقي الوضع على حاله، حيث استمرّت الاشتباكات متقطّعة طوال ليل السبت الأحد، بين مجموعة «بلال بدر» من جهة، والقوة المشتركة وحركة «فتح» من جهة ثانية، واشتدّت حدّتها صباح أمس على محور الطيري الرأس الأحمر وحيّ الصحون جبل الحليب مفترق سوق الخضار على الشارع الفوقاني، حيث تُسمع أصوات القذائف الصاروخية.
وأُفيد عن سقوط 3 قذائف خارج نطاق المخيّم، حيث سقطت واحدة على مستشفى صيدا الحكومي وفي منطقة التعمير وأخرى في سيروب من دون أن يبلّغ عن وقوع إصابات. وأدّت الاشتباكات إلى سقوط نحو أربعة جرحى، فيما شوهدت سحب الدخان تتصاعد في سماء المنطقة نتيجة احتراق عدد من المنازل والمحالّ، في وقت ظلّت طريق الحسبة المحاذية للمخيم مقفلة بعدما طاولها الرصاص الطائش الذي طاول أيضاً المناطق المحيطة بعين الحلوة مثل سيروب والتعمير، فيما شدّد الجيش اللبناني إجراءاته على مداخل المخيم، ويعزّز مواقعه على المداخل وجبل الحليب ومنطقة سيروب وحاجز النبعة.
وجدّدت «فتح» إصرارها على مواصلة المعركة حتى إنهاء المربعات الأمنيّة في المخيم وتسليم بلال بدر وسط إجماع فلسطيني تحظى به. وأُفيد أنّ عدداً من المبادرات تمّ التشاور بها وعرضها على فتح من أجل إنهاء الاشتباكات، ومن بينها أن تتسلّم «عصبة الأنصار» حيّ الطيري وأن يوضع بلال بدر في تصرّفها، إلّا أنّ فتح تصرّ على إنهاء مربّعه الأمني ونشر القوة المشتركة وفق ما تمّ التوافق عليه.
ومساء، عقدت «القوى الإسلامية» في مخيم عين الحلوة، لقاءً طارئاً في قاعة مسجد النور، حضره ممثّلا «جند الشام» هيثم الشعبي ورامي ورد، اللذان كلّفا بالتواصل مع بدر، وإبلاغه بالقرارات التي تمّ اتخاذها في اجتماع القيادة السياسية الفلسطينية في مدينة صيدا.
وعاد الشعبي وورد من لقاء بدر في حيّ الطيرة في مخيم عين الحلوة، حاملين منه ردوداً على قرارات القيادة السياسية الفلسطينية، تضمّنت ما يلي:
– قبول بدر انتشار القوة المشتركة في شوارع حيّ الطيرة كلّها.
– لا مانع عند بدر من مشاركة أيّ عنصر من الفصائل، بعدما كان مشترطاً الانتشار في نقطة محدّدة، بمشاركة عناصر من حماس وأنصار الله والعصبة.
– رفض بدر تسليم نفسه وجماعته رفضاً قاطعاً، واعداً أنّه سينسحب ويتوارى ويختفي عن الأنظار.
ووعدت قيادة حركة «فتح» و«الفصائل الفلسطينية» بدراسة هذه البنود وإعطاء الردّ عليها.
إلى ذلك، أمل عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي عسيران في تصريح، «مِن الفلسطينيّين أن يعوا خطورة ومدى تدهور علاقة الشعوب بعضها بالبعض الآخر»، داعياً إيّاهم إلى إيجاد سلمهم الأهلي، وما دامت الدولة اللبنانية غير قادرة على السيطرة على أمن المخيمات، كفاهم كفراً من هذا القتال العبثي».
ولفتَ إلى أنّ «الشعب الفلسطيني ناضل ويناضل منذ 60 سنة، لم يعد يتحمّل هذه الصراعات التي لا تخدم لا القضية ولا الشعب الفلسطيني، ولا الجوار اللبناني المحاذي للمخيم والذي يتأذّى في كلّ مرة من الرصاص الذي يستهدفه من داخل المخيم»، معتبراً أنّ «كلّ ما يحصل في عين الحلوة هو فائدة لـ«إسرائيل» وليس لغيرها».
من جهته، أشار نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية بسام حمود في تصريح، إلى «أنّ أوضاع مخيم عين الحلوة تخطّت حدود الشجب والاستنكار والإدانة»، مؤكّداً «ضرورة إنهاء حالة الفلتان الأمني المتكرّرة، التي دأبت عليها بعض المجموعات المسلّحة داخل المخيم، بعد أن أرادت منع القوة الأمنيّة المشتركة المتوافق عليها من كلّ القوى الفلسطينية داخل المخيم، ضبط الأمن وإنهاء تفلّت السلاح الذي يدفع ثمنه أهالي المخيم وأبناء مدينة صيدا، لأنّ أمن المدينة من أمن المخيم».
وختم حمود: «آن الأوان لكلّ القوى الفلسطينية في المخيم فرض الأمن ومنع تفلّت هذه المجموعات المسلّحة، وعليها اتخاذ القرارات الجريئة والمصيرية بالنسبة إلى المخيم، حتى لا يتحوّل إلى مخيم نهر بارد جديد في لبنان».