الدولة الإرهابية الأولى في العالم…

عبد الحكيم مرزوق

هل هو خبر جديد ويثير الدهشة أم أنه يندرج تحت إطار تأكيد المؤكّد؟ بعض وسائل الإعلام تشير عبر مانشيتاتها إلى أنّ السياسة الأميركية تروّج للإرهاب. وهذا ليس بجديد وليس خافياً على أحد أنّ الإدارة الأميركية ومنذ زمن طويل لا تروّج فقط للإرهاب، بل وتدعمه وتغذيه بكلّ ما أوتيت من قوة.

كيف ذلك؟

لنأخذ على سبيل المثال الكيان الصهيوني الذي احتلّ فلسطين منذ أكثر من ستين عاماً. وهو في كلّ يوم يرتكب المجازر بحق أهلنا في الأراضي المحتلة وبشكل يومي من دون أن تتحرّك ولو شعرة واحدة في جسد الإدارة الأميركية.

أليست ممارسات الكيان الصهيوني اليومية هي إرهابية؟

إذا كانت الإجابة بنعم، تُرى لماذا لا تتخذ الإدارة الأميركية موقفاً صارماً تجاه تلك المجازر اليومية والانتهاكات التي يقوم بها العدو «الإسرائيلي»؟

نأخذ مثالاً آخر: داعش وأخواته من النصرة إلى تلك الفيالق التي حملت أسماء مختلفة في سورية، أليست هي صنيعة الإدارة الأميركية؟ ألم تتفق مع السعودية ومع شذاذ الآفاق في العالم حتى يجنّدوا هؤلاء المرتزقة الإرهابيين من دول العالم كلّه لمحاربة الجيش السوري…

كيف نفهم أنّ الإدارة الأميركية تحارب الإرهاب، وهي التي صنعته وأوجدته في المنطقة، بدءاً من الكيان «الإسرائيلي» وانتهاء بجراثيم داعش وأخواته؟

هل نصدّق تلك الكذبة التي يكذبون بها علينا أنّ الإدارة الأميركية تقاتل الإرهاب؟ أم علينا أن نصمت ونبتسم من الداخل، لأننا نعرف أنّ السيد الأميركي ليس أقلّ إرهاباً من تلك الفصائل التي أرسلها الى سورية. فتاريخ الإدارة الأميركية أشدّ سواداً في معظم الدول التي دخلتها. وهي التي ارتكبت الإرهاب سراً وعلانية منذ عشرات السنين، ولعلّ وجودها في القارة الأميركية لم يكن بشكل نظيف كلياً، إذ إنها في الطريق إلى تأسيس ولاياتها قتلت وذبحت مئات الآلاف من الهنود الحمر سكان البلاد الأصليين في القارة الأميركية وهجّرتهم بكلّ وقاحة.

هل تختلف الإدارة الأميركية عن الصهاينة، وعن داعش وفصائل الإرهاب التي دخلت سورية؟

لا أعتقد، فالتهمة واحدة والقاتل واحد. ولا يمكن للإدارة الأميركية أن تحارب فصائل هي مَن أوجدتها وهي مَن غذّتها في المنطقة، وذلك لتحقيق مصالحها في المنطقة العربية والعالم، لذلك فإنّ ما تشيّعه الإدارة الأميركية في محاربة الإرهاب ليس إلا كذباً وافتراء وذرّاً للرمال في العيون، وذلك تمويهاً عن الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها في المنطقة العربية.

لقد دفعت الإدارة الأميركية من جيوب آل سعود فاتورة الحرب السابقة على العراق، وقد خسرت الكثير الكثير من الجنود نتيجة عمل المقاومة العراقية التي نفّذت عمليات نوعية ضدّ الجيش الأميركي الذي كنّا نشهد تطاير آلياته مع جنوده في الميدان في أفلام وثقتها المقاومة العراقية، ولذلك فإنّ الإدارة الأميركية اتّبعت سياسة جديدة في حروبها الجديدة من خلال إرسال إرهابيين يقاتلون بالنيابة عنها في المنطقة العربية، وذلك توفيراً للمال والسلاح الذي كانت قواتها تستخدمه في الحروب السابقة.

هل نجحت حروب الإدارة الأميركية الجديدة؟

لا أعتقد، لأنّ ثمة تغييرات هامة حصلت وتحصل في المنطقة العربية وأهمّها زوال هيمنة القطب الواحد وظهور لاعبين آخرين قد غيّروا موازين القوى في العالم، ولعلّ هزيمة أميركا المقبلة في سورية هي أنصع مثال يمكن أن نقدّمه كدليل على تراجع زمن القطبية الواحدة، وهي ليست هزيمة للإدارة الأميركية فقط بل ولحلفائها في المنطقة كالبريطانيين والفرنسيين التابعين للإدارة الأميركية، وكذلك الأدوات الصغيرة مثل آل سعود وأردوغان وغيرهما من الأدوات الدنيئة.

النصر السوري آتٍ، ومشروع الإدارة الأميركية إلى انحسار، لذلك لا تصدّقوا أنّ الإدارة الأميركية تحارب الإرهاب، لأنها هي الدولة الإرهابية الأولى في العالم.

كاتب وصحافي سوري

marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى