كيف وأين ستردّ كوريا الشمالية على أي هجوم أميركي محتمَل عليها؟

في السياق، إنّ ازدياد التوتر مؤخراً بين أميركا وكوريا الشمالية، دفع الخبراء والمحللين لرسم سيناريوهات مختلفة لأيّ حرب محتملة بينهما، والتساؤل عن طبيعة وقوة الأسلحة الثقيلة التي ستردّ بها بيونغ يانغ.

فإرسال الولايات المتحدة قوة بحرية ضخمة بقيادة حاملة الطائرات النووية «كارل فينسون» باتجاه مياه شبه الجزيرة الكورية، بعد أيام قليلة من اعتدائها على مطار الشعيرات السوري بصواريخ مجنّحة، وإعلان الرئيس دونالد ترامب أنّ واشنطن يمكن أن «تتعامل مع بيونغ يانغ» من دون مشاركة وموافقة بكين التي تعارض بشدّة الحلّ العسكري لمشكلة كوريا الشمالية، كلّ هذا زاد من منسوب التوتر في المنطقة واحتمالات حصول مواجهة عسكرية فعلية بين البلدين.

فليس من المستبعَد أن يفكّر ترامب بمعاقبة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من دون أن يفكر بالإمكانات الهجومية الخطيرة التي يملكها جيش كوريا الشمالية والذي يمكن أن يوجه ضربة جوابية خطيرة.

رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور أوزيروف، لا يستبعد أن يتجرأ البيت الأبيض على شنّ هجوم على كوريا الشمالية. ومع ذلك يعتبر أنّ محاولة حلّ المشكلة بالوسائل العسكرية ستؤدي إلى «المزيد من الإجراءات التي لا يمكن التكهّن بها أو توقعها من جانب بيونغ يانغ».

الولايات المتحدة تمتلك قدرات عسكرية هائلة في شرق آسيا، بحيث يمكنها في أيّ لحظة أن توجّه ضربة ساحقة لكوريا الشمالية، وأساس القوة الأميركية هو «الأسطول السابع ومجموعة القوات البرية والجوية المتمركزة في اليابان وكوريا الجنوبية، البالغ عددها الإجمالي بما في ذلك البحارة ومشاة البحرية أكثر من 70 ألفاً». بذلك وبدون نقل قوات إضافية من الولايات المتحدة، فإنّ واشنطن قادرة على أن توجّه ضربات هائلة لبيونغ يانغ، بحراً وجواً، وكذلك القيام بعمليات برمائية.

ففي غضون ساعات قليلة يمكن للولايات المتحدة قصف كوريا الشمالية بقنابل نووية بواسطة الطائرات البعيدة المدى B-52 ستراتوفورتيس، نورثروب B-2 ، روكويل B-1 لانسر. وبالإضافة إلى ذلك، قد تشنّ هجوماً نووياً على كوريا بواسطة السفن والغواصات، ضدّ كوريا الشمالية التي تشكّل منذ فترة طويلة تحالفاً عسكرياً قوياً.

فبحسب مركز Global Firepower تشغل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في ميزان القوة العسكرية، واليابان المرتبة السابعة، وكوريا الجنوبية الحادية عشرة، فيما تأتي كوريا الشمالية في المرتبة 25 فقط.

بيونغ يانغ قد لا تنتصر في أيّ حرب محتملة ضدّها، حتى مع جارتها الجنوبية، ولكنّ هذا لا يعني أنّ نظامها الشيوعي ليس قادراً على إبداء مقاومة شديدة أو أن يسبّب ضرراً لا يمكن إصلاحه للعدو.

القوة التدميرية لكوريا الشمالية

الجيش الكوري الشمالي مزوّد بتكنولوجيا سوفياتية وصينية وأنماط غير مكشوفة من انتاجه الخاص، إلا أن الحلقة الأضعف لديه تتمثل في سلاحي الجو والمدرعات، حيث هناك نسبة عالية جداً من المعدّات القديمة، ومثل ذلك في البحرية الكورية الشمالية.

ومع ذلك، نجحت كوريا الشمالية في إنشاء أنظمة مدفعية وصواريخ قصيرة المدى ومتوسطة. ووفقاً لمركز Global Firepower فلدى جيش الشمال 4300 وحدة من مدفعية الميدان مقابل 5374 عند الجنوبيين ، و2225 مدفعاً ذاتي الحركة ضد 1990 ، و2400 راجمة صواريخ لإطلاق النار.

أما القوة التدميرية الهائلة لكوريا الشمالية فتكمن في قواتها الصاروخية، إذ تمتلك المئات من قاذفات الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية. ويمكن لصواريخ كوريا الشمالية أن تصل إلى أي نقطة في أراضي جارتها الجنوبية وضرب سفن العدو في البحر لمسافة تصل إلى 500 ميل حتى 900 كم .

أول الأسلحة الرهيبة التي تمتلكها بيونغ يانغ هي صواريخ «Nodon-1» التي يصل مداها إلى 1300 كم، وثانيها «Hvasong-B» الذي يبلغ مداه 500 كلم وبعدهما «Hvasong-5» بمدى يصل إلى 300 كم، ورابعها صاروخ KN-02 بمدى رماية يبلغ 70 كم، إلا أن مشكلة هذه الصواريخ أنها منخفضة الدقة ولا تملك حماية تُذكَر من الدفاع الجوي أو الدفاع الصاروخي. لذلك، فإن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ربما تستطيعان إسقاط معظم صواريخ الشماليين، ولكن البعض منها لا بدّ أن يصل إلى الهدف.

النقطة الأكثر ضعفاً في الحرب المحتملة هي عاصمة كوريا الجنوبية سيول، التي يفصلها عن الحدود مع كوريا الشمالية فقط 24 كلم. فهذه المدينة التي يسكنها 10 ملايين شخص قد تتعرض للتدمير من قبل مدفعية وراجمات الصواريخ الضخمة لجارتها الشمالية. لذلك فإن إنقاذ العاصمة الكورية الجنوبية يعتبر المهمة رقم واحد في أي صراع عسكري مفترَض، ومع ذلك فإن خطر الإصابات الجماعية بين سكان سيول وغيرها من المدن الكورية الجنوبية سيكون كبيراً جداً.

واعتبر مؤسس مركز الدراسات العسكرية في روسيا، دميتري كورنيف، أنّ كوريا الشمالية مستعدة لإبداء مقاومة شرسة في حال وقوع هجوم ضدّها. وقال «إذا كنا نتحدث عن سيناريو صراع واسع النطاق، فبعد هجوم من قبل الولايات المتحدة أو حلفائها فإن بيونغ يانغ يمكن أن تردّ بغزو كوريا الجنوبية، ويرجّح أن ينجح الشماليون في اختراقها لتفوّقهم في أسلحة الدمار وعدد الجنود. فوفقاً لتقديرات مختلفة، يبلغ عدد الجيش الكوري الشمالي ما بين 690 ألفاً ومليون ومئتي ألف جندي وضابط».

ووفقاً له، لا يتوقع أن تحلّ بكوريا الشمالية هزيمة سريعة، إذ سيكون على الولايات المتحدة إشراك قوات برية كبيرة في الحرب، لكن دخولها «لن يكون مجرد نزهة كما كان في أفغانستان والعراق، بل ستتعرّض لتدمير كبير من قبل القوات الكورية الشمالية التي يمكنها أن تقاوم نحو ستة أشهر» على الأقل، حسب كورنيف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى