كوريا الشمالية بانتظار ساعة الصفر..

أظهرت الأنباء المتداولة في بعض المواقع الإخبارية في الإنترنت وفي صفحات التواصل الاجتماعي الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية، كما لو أنها قاب قوسين أو أدنى من «حرب شاملة».

وتداولت بعض الصحف أنباء مفادها أنّ «زعيم كوريا الشمالية أمر ربع سكان العاصمة بيونغ يانغ بمغادرة المدينة على الفور»، ووفقاً لما نشر يتعيّن إجلاء 600 ألف شخص على وجه السرعة في ضوء التوتر الشديد مع الولايات المتحدة وإبحار قوة أميركية ضاربة ستصل مياه المنطقة قريباً.

ويقول موقع «برافادا. آر يو» نقلاً عن تقارير إنّ «الملاجئ في بيونغ يانغ لن تكون قادرة على استيعاب جميع سكان المدينة، ولذلك قرّرت السلطات إجلاء أكثر من نصف مليون شخص معظمهم لديهم سوابق جنائية كي تتسع الملاجئ لبقية السكان وحمايتهم من القنابل».

كما ذكر الموقع أنّ «حديثاً يدور عن سفينة أميركية معدلة حاملة للصواريخ من فئة أوهايو تحمل على ظهرها 154 صاروخ توماهوك ستنضمّ إلى القطع البحرية المنتشرة قرب سواحل شبه الجزيرة الكورية، وأنها ستصل إلى المنطقة في 18 نيسان الحالي».

في حين، ذكرت وكالة «رويترز»، أمس، عن قيام رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون بافتتاح شارع ناطحات السحاب في العاصمة الكورية بيونغ يانغ.

وعرض تلفزيون كوريا الشمالية الرسمي مشاهد ولقطات مصوّرة من افتتاح كيم جونغ أون لشارع ناطحات السحاب، واعتبر الإعلام الرسمي الكوري أنّ «هذه الخطوة تأتي كردّ مباشر على كل التهديدات والضغوطات الأميركية الموجهة مؤخراً ضدّ بلاده».

إلى ذلك، رصدت وسائل إعلام في كوريا الجنوبية مظاهر تدلّ على أنّ «سكان الشطر الشمالي يستعدون فعلياً لحرب شاملة»، في حين نقل موقع «برافادا.آر يو» عن وسائل إعلام صينية منذ بضعة أيام أنّ «قوات إضافية مع أطباء يتّجهون نحو الحدود مع كوريا الشمالية، وأنّ بكين حشدت على حدودها 150 ألف جندي تحسّباً لتدفق اللاجئين من الشطر الكوري الشمالي»، الأمر الذي نفته لاحقاً الحكومة الصينية.

في السياق، نقل الموقع عن البروفيسور أندريه لانكوف، وهو أستاذ جامعي يعيش ويعمل في سيول منذ سنوات طويلة أنّ «الولايات المتحدة إذا هاجمت كوريا الشمالية، فإنّ ضربة الرّد من قبل بيونغ يانغ ستهدّد مباشرة حياة 25 مليون نسمة من سكان عاصمة كوريا الجنوبية سيول التي تقع على مقربة من الحدود بين الشطرين».

وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت قناة «إن إتش ك» استناداً إلى كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيد سوجا «أنّ طوكيو تستعدّ لإجلاء مواطنيها من كوريا الجنوبية على خلفية التوتر المتصاعد حول كوريا الشمالية».

كما أعلن يوكيا أمانو المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في حوار أجرته معه القناة، أمس، أنّ «عدد المواقع التي من المحتمل أن تقوم كوريا الشمالية فيها بتخصيب اليورانيوم قد تضاعف، ويتمّ تشييد مبانٍ ملحقة في المناطق الساحلية المحيطة بها»، مضيفاً: «توجد إشارات تدلّ على أنّ كوريا الشمالية تنفذ بالتأكيد ما صرّحت به سابقاً».

من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أمس «إنّ كوريا الشمالية ربما تكون قادرة على إطلاق صواريخ مزوّدة بغاز الأعصاب السارين»، وسط مخاوف من أن تجري الدولة المعزولة سادس تجاربها النووية، أو تطلق مزيداً من الصواريخ قريباً.

وأضاف آبي في جلسة للبرلمان «هناك احتمال أن تكون كوريا الشمالية لديها بالفعل القدرة على إطلاق صواريخ برؤوس حربية من السارين».

من جهته، قال وزير الخارجية الكوري الجنوبي يون بيونغ سي «إنه يعتقد أنّ واشنطن ستتشاور مع سيول إذا فكرت في توجيه ضربة استباقية لكوريا الشمالية»، مضيفاً «في ظل التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة يجري اتخاذ أيّ إجراء مهم بالتشاور مع حكومة كوريا الجنوبية وسيستمر ذلك في المستقبل».

وقال مركز 38 نورث للأبحاث في واشنطن الذي يراقب الأوضاع في كوريا الشمالية «إنّ صور الأقمار الصناعية التي التقطت أمس الأول، تظهر نشاطاً مستمراً في موقع بونغي ري للاختبارات النووية على الساحل الشرقي مما يشير إلى أنه جاهز لاختبار جديد».

بيد أنّ مسؤولين كوريين جنوبيين قالوا أمس «إنه لا توجد دلائل جديدة تشير إلى احتمال إجراء كوريا الشمالية اختباراً نووياً جديداً»، لكنهم قالوا أيضاً «إنّ بيونغ يانغ لديها الاستعداد لإجراء اختبار من هذا القبيل في أيّ وقت».

على صعيد آخر، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، «إنّ بلاده وحلفاءها سيتعاملون بالشكل المناسب مع التهديدات النووية التي تمثلها بيونغ يانغ في حال عدم تدخل بكين بفاعلية».

وكتب ترامب في مدوّنته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «إنني على ثقة كبيرة بأن الصين ستتعامل بشكل صحيح مع كوريا الشمالية، إذا لم يتمكنوا من القيام بذلك، فإن الولايات المتحدة، مع حلفائها، ستقوم بالأمر».

وقال مسؤولون أميركيون إنّه «على الرغم من إرسال قوة بحرية إلى شبه الجزيرة الكورية، فإنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تركز استراتيجيتها المتعلقة بكوريا الشمالية على تشديد العقوبات الاقتصادية التي قد تشمل حظراً نفطياً، وحظراً عالمياً لشركتها الوطنية للطيران، واعتراض سفن شحن، ومعاقبة البنوك الصينية التي تتعامل مع بيونغ يانغ».

وقال أحد المسؤولين «إنّ ترامب أقرّ نهجاً واسعاً أولياً بشأن كوريا الشمالية، وطلب من فريقه للأمن القومي أن يضع إطاراً أكثر تفصيلاً للعقوبات الدولية الجديدة وغيرها من الإجراءات لمواجهة البرامج النووية والصاروخية لبيونغ يانغ».

وأضاف المسؤول لـ «رويترز» متحدّثاً شريطة عدم الكشف عن هويته «هناك مجموعة كاملة من الأمور الممكنة وجميعها يقود إلى ما هو بالأساس حَجِر تجاري على كوريا الشمالية».

وأضاف المسؤولون أنّ «الإدارة تدرس مجموعة من العقوبات الأشدّ والتي قد تطبّق على نطاق متدرّج بما يتناسب مع أفعال كوريا الشمالية»، مشيرين إلى أنّ بعض الإجراءات «قد تطبّق بصورة أحادية، والأخرى عن طريق الأمم المتحدة حيث لدى الصين، الحليف الأساسي لبيونغ يانغ، حق النقض الفيتو في مجلس الأمن».

وتابع المسؤولون «أنّ العقوبات الاقتصادية للأمم المتحدة تشمل حظراً على إمدادات النفط لكوريا الشمالية، وحظراً دولياً على ناقلتها الوطنية إير كوريو ، واعتراض سفن الشحن الكورية الشمالية في أعالي البحار، وهي خطوة ستتجاوز الإجراء الحالي الذي يلزم الدول بتفتيش سفن بيونغ يانغ التي تعبر أراضيها».

وأفاد المسؤولون بأنّ «الأمم المتحدة قد تفرض أيضاً حظراً على تعاقد الدول مع العمالة الكورية الشمالية، وتوسّع القيود على صادراتها من الفحم لتصبح حظراً تاماً».

ومن الخطوات الأخرى الممكنة «حظر صادرات المأكولات البحرية الكورية الشمالية»، وهي رابع أكبر منتج تُصدره بيونغ يانغ لشريكتها التجارية الرئيسية الصين، وجهود موسّعة لـ «مصادرة أصول زعيم البلاد كيم جونغ أون وعائلته».

وقال مسؤول أميركي إنّ «اتصالاً هاتفياً بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ يوم أمس الأول، استهدف زيادة الضغط الأميركي على بكين للحدّ من برامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية».

وفي حين أكد ترامب على «دفء المحادثات التي أجراها مع بينغ» فقد حذّره الأسبوع الماضي من أنّ «عقوبات جديدة على بيونغ يانغ قد تشمل إجراءات عقابية ضدّ بنوك وشركات صينية تتعامل مع كوريا الشمالية إذا لم تصعّد بكين ضغوطها».

وقال المسؤول «إذا كان هذا هو الخيار الوحيد الذي يتركه لنا الصينيون، فإنّ هناك احتمالاً حقيقياً لأن يجري استهداف الكيانات الصينية».

من جهة أخرى، أوردت افتتاحية لصحيفة تدعمها الحكومة الصينية «أنّ الصين ستعزّز حمايتها لكوريا الشمالية إذا أوقفت الدولة المعزولة برنامجها النووي»، في وقت تسعى فيه بكين إلى الحدّ من التوترات في شبه الجزيرة الكورية.

وذكرت افتتاحية «غلوبال تايمز» التي تنشرها صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم أنه «بمجرد أن تمتثل كوريا الشمالية لنصيحة الصين المعلنة وتوقف الأنشطة النووية، ستعمل الصين جاهدة على حماية أمن شعب كوريا الشمالية ونظامها بعد نزع السلاح النووي»، مضيفة: «هذا أفضل خيار لبيونغ يانغ».

وكانت قد أكدت وزارة الخارجية الصينية، أمس الأول، موقف بكين الداعي إلى تهدئة الوضع عبر «تعليق مزدوج» للاختبارات النووية لكوريا الشمالية وللتدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

وقالت «غلوبال تايمز» في افتتاحية طبعتها باللغة الصينية «إنّ الهدف الرئيسي للبرنامج النووي لكوريا الشمالية هو حماية أمنها، وأن تضع نفسها على قدم المساواة مع الولايات المتحدة».

وأضافت «أنّ طموحات كوريا الشمالية النووية محض خيال، إذا ما وضعت في الاعتبار القوة العسكرية للولايات المتحدة وعقوبات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة».

وقالت الصحيفة «إنّ كوريا الشمالية حالياً هي أكثر دولة معزولة عن العالم، وهي محاصرة تماماً»، وأضافت «لا يمكن لدولة حديثة أن تستمر على هذا الوضع».

الجدير بالذكر، أنّ كوريا الشمالية تحتفل بالذكرى الخامسة بعد المئة لميلاد مؤسس الدولة كيم إيل سونج يوم غدٍ وهو أكبر عيد وطني في البلاد ويُعرف باسم «يوم الشمس» وسبق أن احتفل زعماؤها بهذه المناسبة بـ «اختبار أسلحة».

وأطلقت بيونغ يانغ العديد من الصواريخ هذا العام كان أحدثها في الخامس من نيسان عندما أطلقت صاروخاً باليستياً في البحر قبالة ساحلها الشرقي، وفي 2012 فشلت في محاولتها إطلاق صاروخ طويل المدى يحمل قمراً صناعياً، وأجرت خامس اختباراتها النووية في 9 أيلول 2016.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى