الأسد: أميركا متواطئة مع الإرهابيّين وكيميائي «شيخون» مفبرك.. والقوة الناريّة للجيش لم تتأثّر بالضربة

أكّد الرئيس السوري بشار الأسد، أنّ الهجوم الكيميائي على مدينة خان شيخون في ريف إدلب مفبرك مئة في المئة لغرض استخدامه كذريعة لتبرير الضربة الأميركيّة على القاعدة الجويّة السورية.

وقال الأسد في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»: «انطباعنا هو أنّ الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، متواطئون مع الإرهابيّين، وقاموا بفبركة كلّ هذه القصة كي تكون لديهم ذريعة لشنّ الهجوم» على قاعدة الشعيرات الجويّة في ريف حمص.

وشدّد الأسد خلال المقابلة على عدم امتلاك بلاده أيّة أسلحة كيميائية منذ تدمير ترسانتها في 2013، بعد أن اتّهمت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الحكومة السوريّة بشنّ هجوم كيميائي في الغوطة الشرقية، موضحاً: «وحتى لو كان لدينا مثل تلك الأسلحة، فما كنّا لنستخدمها».

وأضاف: «بحثنا مع الروس.. في الأيام القليلة الماضية بعد الضربة الأميركية أنّنا سنعمل معهم لإجراء تحقيق دولي. لكن ينبغي لهذا التحقيق أن يكون نزيهاً»، وقال متابعاً: «يمكننا أن نسمح بأيّ تحقيق فقط عندما يكون غير منحاز، وعندما نتأكّد أنّ دولاً محايدة ستشارك في هذا التحقيق كي نضمن أنّها لن تستخدمه لأغراض سياسية».

وأفاد الرئيس السوري بأنّ القوة الناريّة للجيش السوري لم تتأثّر بالضربة التي نفّذتها واشنطن الأسبوع الماضي على قاعدة الشعيرات، معلناً: «منذ الضربة لم نتوقّف عن مهاجمة الإرهابيين في سائر أنحاء سورية».

ورأى أنّ الولايات المتحدة «غير جادّة» في التوصّل إلى حلّ سياسي ينهي الأزمة المستمرّة في البلاد منذ أكثر من ست سنوات، مضيفاً: «يريدون استخدام العملية كمظلّة للإرهابيّين».

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنّ واشنطن ليست مصرّة على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، قائلاً إنّ السلام في سورية ليس مستحيلاً في ظلّ بقائه في السلطة.

وفي مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، بعد أسبوع على العدوان الأميركي على قاعدة الشعيرات وسط سورية، قال ترامب إنّ سياسة إدارته لا تشترط رحيل الرئيس السوري كجزء من الحلّ السلمي للصراع، مضيفاً: «لسنا مصرّين على ذلك، لكن أعتقد أنّ ذلك سيحصل في مرحلة ما»، بحسب تعبيره.

وتابع الرئيس الأميركي: «ليس من المستحيل تحقيق السلام في سورية مع بقاء الأسد في السلطة»، قائلاً: «أعتقد من الصعب تخيّل ذلك، ولن يكون بداية جيدة، لكنّي لن أستخدم كلمة مستحيل».

وكرّر ترامب مزاعمه حول الكيميائي، وقال إنّه لن يتردّد في الردّ عسكرياً في حال استخدم الأسد مجدّداً أسلحة كيميائيّة، لكنّه قال إنّه لن يتدخّل على نحو عميق في الصراع السوري بما يمكن أن يؤثّر على أجندته المحلية التي تتركّز على إنفاق الموارد من أجل إعادة بناء البُنية التحتيّة الأميركيّة.

وفي هذا الإطار، قال الرئيس الأميركي: «لدينا معارك أخرى أكثر أهميّة مرتبطة ببلدنا، ولا نحتاج للدخول في هذا المستنقع».

من جهةٍ ثانية، أكّد ترامب أنّه ليس بصدد تغيير قراره بشأن منع اللاجئين السوريّين من دخول الولايات المتحدة.

وأشار إلى أنّه يجب على الولايات المتّحدة التركيز على المشاكل الداخلية، مقترحاً أن تشارك دول الخليج بإقامة مناطق آمنة محتملة في سورية، قائلاً: «لدى دول الخليج كميّات كبيرة من المال لا ينفقون الكثير منها».

الرئيس الأميركي قال إنّ العلاقة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «غير موجودة»، لكنّه طوّر «علاقة دافئة» مع الرئيس الصيني بعد اجتماعهما الأول الأسبوع الماضي.

ميدانياً، امتنع حلف شمال الأطلسي عن التعليق على معطيات الجيش السوري حول توجيه التحالف الدولي ضربة إلى مستودع مواد سامّة يعود لتنظيم «داعش» الإرهابي في محافظة دير الزور .

وقال مصدر في الناتو لوكالة «نوفوستي» الروسية، إنّه «لا وجود للناتو في سورية، والرجاء التوجّه إلى واشنطن بشأن المعلومات حول العمليات الجويّة الأميركية في سورية».

من جانبه، علّق رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور أوزيروف على هذه الأنباء قائلاً، إنّ ذلك «يؤكّد مرة أخرى ما كانت تقوله روسيا أكثر من مرة، وهو أنّ مسلّحين في سورية يمتلكون أسلحة دمار شامل». وأضاف أنّ الولايات المتحدة الآن في وضع حرج، لأنّها بحاجة إلى توضيح موضوع امتلاك المسلّحين للأسلحة الكيميائيّة التي اتّهمت دمشق باستخدامها.

وكان الجيش السوري أكدّ أنّ طيران التحالف الدولي أقدم على تنفيذ ضربة جويّة استهدفت مقرّاً لتنظيم «داعش» يضمّ عدداً كبيراً من الأجانب في قرية حطلة شرق دير الزور.

وأوضح أنّ سحابة بيضاء تشكلّت بنتيجتها تحوّلت إلى صفراء، تبيّن أنّها ناجمة عن انفجار مستودع ضخم يحتوي كميّة كبيرة من المواد السامّة.

بدوره، نفى التحالف الغربي بقيادة واشنطن أن تكون طائراته قد شنّت غارة على مستودعات فيها أسلحة كيميائيّة في دير الزور.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ ضربات جويّة هزّت بلدة في محافظة دير الزور الشرقية، ممّا أدّى إلى مقتل سبعة مدنيّين وإصابة أكثر من 70 آخرين.

وقال الجيش السوري في بيان له، إنّ «الضربة الجويّة لما يُسمّى «التحالف الدولي» في منطقة حطلة بدير الزور تسبّبت بسقوط مئات القتلى، بينهم أعداد كبيرة من المدنيّين نتيجة الاختناقات الناجمة عن استنشاق المواد السامّة».

وأضاف، أنّ الحادثة «تؤكّد امتلاك التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» للأسلحة الكيميائية وقدرتها في الحصول عليها ونقلها وتخزينها واستخدامها بمساعدة دول معروفة في المنطقة.

وأكّد الجيش في بيانه، أنّ «الغارة تؤكّد التنسيق بين الإرهابيّين والقوى الداعمة لهم لاتهام الجيش باستخدام أسلحة كيميائية»، مجدّدةً التحذير «من مخاطر تمادي المجموعات الإرهابيّة في استخدام الأسلحة الكيميائيّة ضدّ المدنيّين».

وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّها أرسلت طائرات من دون طيار للتأكّد من أنباء حول سقوط ضحايا ووقوع دمار نتيجة قصف طيران التحالف الدولي لمستودع مواد سامّة قرب دير الزور السورية.

وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف، المتحدّث الرسمي بِاسم الوزارة الروسية، إنّه ليس لديه الآن معلومات حول سقوط ضحايا قرب دير الزور، مضيفاً: «أرسلت إلى المنطقة المذكورة طائرات بلا طيار للمراقبة الموضوعيّة ومتابعة الوضع».

من جانبه، نفى المتحدّث الرسمي بِاسم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة العقيد جون دوريان ما أعلنه الجيش السوري حول توجيه ضربات قرب دير الزور.

وكتب دوريان في حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «المتحدّث بِاسم التحالف رأى تقارير وكالة «سانا» حول توجيه التحالف ضربات قرب دير الزور، وذلك كذب ومعلومات مشوّهة بشكل متعمّد.. مجدّداً!»، بحسب تعبيره.

وأشار في رسالة إلى وكالة «رويترز» إلى أنّ «التحالف لم يوجّه ضربة في تلك المنطقة وفي ذلك الوقت».

من جهتها، قالت مصادر رسميّة لوكالة «رويترز»، إنّ منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة أرسلت فريقاً من الخبراء إلى تركيا لجمع عيّنات في إطار تحقيق في مزاعم بشنّ هجوم بغاز السارين في خان شيخون بسورية الأسبوع الماضي. وأضافت المصادر نفسها، أنّ المنظّمة ومقرّها لاهاي أرسلت بعثة لتقصّي الحقائق لجمع عيّنات حيويّة بيومترية وإجراء مقابلات مع الناجين.

من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «لقد وجّهنا مقترحاً إلى منظّمة حظر الأسلحة الكيميائيّة بتشكيل فريق مفتّشين للتحقيق في حادثة خان شيخون بإدلب».

وأضاف لافروف، كذلك «اجتمعنا مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون مرة أخرى بعد المؤتمر الصحافي لمدة ساعة، بحثاً عن إمكانيات أخرى للعمل».

هذا، واستخدمت روسيا حقّ النقض الفيتو ضدّ مشروع القرار الذي تقدّمت به بريطانيا لإدانة الأحداث التي وقعت في خان شيحون السورية الأسبوع الفائت، حيث أيّد القرار 10 دول وعارضته روسيا وبوليفيا.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت في وقت سابق، إنّ «طائرات سورية قصفت مستودعاً كبيراً لذخيرة الإرهابيّين وأكداس من السلاح في الأطراف الشرقية من خان شيخون، يحتوي على ورش لتصنيع قنابل محشوة بالمواد السامّة»، وأكّدت أنّ ذخيرة الأسلحة الكيميائيّة كانت تُنقل باستمرار إلى المسلّحين في العراق، وهي نفسها تمّ استخدامها في حلب الخريف الماضي.

إلى ذلك، أكّد جاك ساليفان، مستشار هيلاري كلينتون حين كانت وزيرة للخارجية الأميركية، في تقرير أرسله لها حينذاك، أنّ «القاعدة» في خندق واحد مع الأميركان في سورية.

وتشهد على ذلك مقتطفات من البريد الإلكتروني الخاص للسيدة كلينتون، من بينها التقرير المذكور أعلاه، الذي يعود تاريخه إلى 12 فبراير 2012 ونشرته ويكيليكس مؤخّراً، وجاء فيه: «القاعدة تقاتل إلى جانبنا في سورية».

وبهذا الشكل علّق المستشار على خبر ظهر فيه زعيم القاعدة أيمن الظواهري وهو يدعو المسلمين في دول «الشرق الأوسط» لمساعدة المعارضة السورية في قتالها ضدّ الرئيس بشار الأسد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى