الحرب اليمنية: الحسم العسكري المستحيل

حميدي العبدالله

بعد دخول الحرب اليمنية عامها الثالث، يتضح أنّ الحسم العسكري أمر في غاية الصعوبة إنْ لم يكن الاستحالة من قبل كلا طرفي الصراع. فالتحالف الذي تقوده المملكة السعودية نجح في الأشهر الأولى في استعادة بعض مناطق في جنوب اليمن، واحتوى هجوم تحالف حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي اليمني، ولكنه، على الرغم من مرور سنتين على الحرب، وعلى الرغم من تفوّقه الجوي والبحري، إلا أنه لم يحقق إنجازات أبعد من الجنوب واحتواء الوضع في الشمال، ومنذ أكثر من سنة ونصف السنة، الحرب تراوح في مكانها، وتحوّلت إلى حرب استنزاف لكلا الطرفين.

أما تحالف الجيش واللجان الشعبية، فإنه لم يعد قادراً على شنّ هجمات تمكّنه من الحسم العسكري، وجلّ ما يحققه هو استنزاف قدرات القوات المهاجمة، سواء على جبهات تعز أو باب المندب، أو داخل الأراضي السعودية على جبهة نجران.

بهذا المعنى باتت الحرب بالنسبة لكلا طرفي الصراع هي حرب استنزاف، تقود إلى خسائر بشرية ومادية، ولكن إمكانية ربح الحرب والانتصار فيها متعذّر لكلا الطرفين.

لكن في المقابل، فإنّ إمكانية الحلّ السياسي لا تزال متعذّرة لأسباب عديدة أبرزها:

أولاً، موقع اليمن الجيواستراتيجي. اليمن بحجمه وعدد سكانه وموقعه الجغرافي، حيث يشترك بحدود طويلة مع المملكة السعودية، وحيث يتحكم بمضيق باب المندب، يخلق وضعاً سياسياً إقليمياً ودولياً يحول دون الوصول إلى حلّ سياسي بسهولة. فأيّ حلّ سياسي على قاعدة الوضع الميداني الراهن، من شأنه أن يجعل اليمن دولة غير حليفة للغرب وللمملكة السعودية، ويثير قلق الكيان الصهيوني، لا سيما أنّ حركة أنصار الله ترفع شعارات معادية لـ«إسرائيل»، ناهيك عن أنّ الغرب لن يسلّم ببساطة بأن يكون مضيق باب المندب تحت إشراف دولة وسلطة لا تشكل حليفاً موثوقاً للغرب.

ثانياً، الحسم العسكري ضدّ حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي متعذّر نظراً لمستوى التأييد الشعبي الذي يحظى به هذان التشكيلان الحزبيان، أو نتيجة نجاحهما في الصمود طيلة سنوات الحرب، وبديهي أنهما لن يقبلا بأيّ تسوية لا تتناسب مع حجم خارطة الوضع الميداني الحالي.

إذاً في السنة الثالثة للحرب في اليمن، فإنّ الحسم العسكري متعذّر، بل مستحيل، والحلّ السياسي أيضاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى