هل الضربات الأميركية ضدّ «داعش» قانونية؟

عامر نعيم الياس

ركّزت روسيا منذ بدء التحالف الدولي لأوباما على الإرهاب عملياته في سورية والعراق، على قانونية التحالف ومواءمته الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتّحدة. وقد بدأ الأميركيون في تجاوز الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالاستناد إلى تصويت الكونغرس بالموافقة على خطة أوباما لشنّ الحرب على العراق وسورية، على اعتبار ما يجري شأناً أميركياً داخلياً يتعلّق بضرورة الانتقام من قَتَلة الصحافيين الأميركيين، بالتوازي مع ما يسمّى حماية الأمن القومي الأميركي. وبالتالي لا علاقة للأمم المتحدة بتحالف أوباما. ولدى بدء الغارات على سورية، وفي سياق احتواء ردود فعل حلفاء دمشق، وتجميل موقف أوباما وإدارته خلال افتتاح الدورة التاسعة والستين من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قالت سامنثا باور، المندوبة الأميركية الدائمة في مجلس الأمن، إنّ التحرّك الأميركي يستند إلى المادة «51» من ميثاق الأمم المتحدة، كما أنّ العراق طلب من واشنطن رسمياً وعبر حكومته « مساعدة المجموعة الدولية ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية ليس فقط في العراق، إنما في أماكن تواجده في دول الجوار»، لكن هل تبدو مبرّرات البيت الأبيض قانونية؟

بحسب ميثاق الأمم المتحدة، فإن القانون الدولي يمنع القيام بأيّ عمل عسكري إلّا في حالتين استثنائيتين: الأولى، التهديد الفردي وبالتالي استخدام الدول للقوة للدفاع عن نفسها في وجه تهديدات مباشرة واعتداء عليها وهذا ما تحمله المادة 51 في طيّاتها، إذ تقول بالسماح بالتدخل عسكرياً في حال وجود «تهديد وشيك وفعلي، وبشكل فردي». أما الثانية فتتمثل في إصدار مجلس الأمن الدولي تفويضٍ يسمح بالعمل العسكري من أجل «حماية الأمن والسلم الدوليين» وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فهل تنطبق الحالة في سورية على ما سبق؟

تحجّجت واشنطن بطلب الحكومة العراقية المساعدة في العراق، أما في سورية فإن شيئاً من ذلك لم يحدث، فهل يمكن الاستناد إلى حجة واشنطن «بعدم شرعية الحكومة السورية؟» من حيث الشكل تطرح هذه الحجة عدداً من إشارات الاستفهام حول الجهة المخوّلة طلب التدخّل في سورية، إذا كانت «الحكومة غير شرعية» بحسب زعم واشنطن، فلماذا لم يتم الطلب ممّا يسمى «الائتلاف» والذي حاز اعتراف الاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة والدول الإسلامية باعتباره «ممثلاً شرعياً للشعب السوري»، عند هذه النقطة تنقل صحيفة «لوموند» الفرنسية في أحد مقالاتها عن خبير قانوني في هيئة الإذاعة البريطانية قوله: «لا يمكن وضع الائتلاف السوري على قدم المساواة مع الحكومة السورية من الناحية القانونية»، ولعلّ هذا ما يفسّر في جزء منه «إعلام» الحكومة السورية بنيّة واشنطن البدء بالغارات على مواقع لبعض التنظيمات الإرهابية داخل الأراضي السورية، وهو ما يمكن تسميته رضوخاً لشرعية الأمر الواقع والقانون الدولي.

وبالعودة إلى الحجج الأميركية، فإن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تتحدّث عن وجود تهديد فعلي واعتداء وشيك، فهل حصل ذلك فعلاً؟ هل تم الاعتداء على الولايات المتحدة أو أحد حلفائها داخل التحالف الدولي؟ هنا تقول «لوموند»: «المادة 51 لا تسمح لواشنطن بالتدخل لأنه لم يحصل أيّ اعتداء مباشر عليها». أما بالنسبة إلى تفويض مجلس الأمن، فإنه بعد حوالى أربع سنوات على الحرب في سورية وعليها، فإن الاستقطاب حول الملف السوري بين موسكو وواشنطن يشير إلى استمرار الاستعصاء الأممي حول هذا الملف، وبالتالي استحالة صدور أيّ تفويض يشرّع الحرب على سورية حتى لو لأسباب إنسانية، خصوصاً أنّ التدخل الإنساني لطالما استند إلى وجود تفويض من الأمم المتّحدة.

هو تدخل يقوم على انهيار الحدود، فكرة تحاول واشنطن الدفع بها قدماً في محاولة لإعادة رسمها مجدّداً، ربما في سياق تعديل حدود ما يسمى «الدولة الإسلامية ـ داعش» أو أيّ اسم جديد لمجموعة بديلة في المستقبل.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى