مادورو يندّد بمحاولة الانقلاب
قبل بضع ساعات من نزول معارضي نيكولاس مادورو وأنصاره إلى شوارع كراكاس أمس، ندّد الرئيس الفنزويلي مجدّداً بمحاولة انقلاب، موجّهاً اتهاماته تحديداً هذه المرة إلى الولايات المتحدة.
وقال مادورو مساء أمس الأول خلال اجتماع في قصر ميرافلوريس في كراكاس نقله التلفزيون والإذاعة «إنّ الولايات المتحدة وتحديداً وزارة الخارجية أعطت الضوء الأخضر من أجل تدخّل في فنزويلا».
وجاء هذا الاتهام بعد تصريح للمتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر وجّه فيه «تحذيراً حازماً إلى سلطات كراكاس» داعياً إلى «التوقف عن قمع المتظاهرين المعارضين».
وأدّت موجة التظاهرات الحالية إلى سقوط خمسة قتلى وعشرات الجرحى في غضون أقل من ثلاثة أسابيع. وتندّد المعارضة بحملة القمع التي تنفذها قوات الأمن وجرى خلالها توقيف أكثر من مئتي شخص.
كذلك دعا مادورو مساء أمس الأول إلى «ملاحقة خوليو بورخيز رئيس البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة منذ 2015 بتهمة الدعوة إلى انقلاب»، مؤكداً أنّ «ما قام به بورخيز اليوم يشكّل انتهاكاً للدستور، وينبغي بالتالي ملاحقته».
وكان رئيس البرلمان دعا القوات المسلحة إلى «البقاء وفية للدستور والسماح للمعارضين بالتظاهر سلمياً»، تعقيباً على إعلان قائد الجيش ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز الإثنين الماضي «الوفاء غير المشروط» لمادورو.
وأكد بورخيز أنه «لا يطلب من العسكريين القيام بتمرّد ولا انقلاب»، بل أن «يوقفوا التجاوزات والمضايقات والقمع».
وبالنسبة للمناهضين للتشافية نسبة إلى هوغو تشافيز الرئيس منذ 1999 وحتى وفاته عام 2013 الذين وعدوا بـ«أم الظاهرات» أمس، ستكون هذه سادس تعبئة منذ مطلع نيسان للمطالبة بانتخابات مبكرة والدفاع عن البرلمان، المؤسسة الوحيدة التي يسيطرون عليها.
وأدّت آخر موجة من التظاهرات ضدّ مادورو عام 2014 في البلد الذي يصنف من الأشدّ عنفاً في العالم، إلى سقوط 43 قتيلاً بحسب حصيلة رسمية.
وحدّدت المعارضة 26 نقطة انطلاق للتظاهرة التي ستسعى للوصول إلى مكاتب هيئة «المدافع عن الشعب» التي تعتبر معقلاً للتشافيين.
وحذرت السلطات بأنها «لن تسمح للمتظاهرين بالوصول إلى هذه المنطقة، حيث ينظم أنصار مادورو تظاهرتهم المضادة».
وقال أحد أبرز قادة الحزب الاشتراكي الحاكم ديوسدادو كابيلو إنّ «القوات الثورية الموالية لمادورو ستسيطر على كامل كراكاس» متّهماً المعارضة بالتشجيع على العنف في الشارع للقيام بانقلاب.
ودعا نائب رئيس البرلمان فريدي غيفارا المعارضين إلى «ملء الشوارع لنقول لمادورو إننا لن نسمح بديكاتورية».
وكانت محاولات قوات الأمن قطع الطريق على المتظاهرين هي التي أدّت إلى وقوع أعمال عنف في التظاهرات السابقة.
وأعربت 11 دولة من أميركا اللاتينية عن قلقها الاثنين الماضي، داعية كراكاس إلى «ضمان» الحق في الاحتجاج سلمياً، في مسعى اعتبرته حكومة فنزويلا «تدخلاً سافراً» في شؤونها.
وأبدى رئيس كولومبيا المجاورة خوان مانويل سانتوس «قلقه الشديد» داعياً فنزويلا إلى التحلي بـ«الحكمة».
لكنّ مادورو لا يبدي استعداداً للتهدئة. وبعدما أعلن عن نشر قوات عسكرية تحسباً لتظاهرات أمس، أكد تعزيز الميليشيات المدنية التي ستعدّ 500 ألف عنصر مع «بندقية لكل منهم» تحسباً لأيّ «تدخل أجنبي» محتمل.
وانطلقت موجة التظاهرات في الأول من نيسان إثر قرار للمحكمة العليا المعروفة بقربها من مادورو يقضي بتوليها صلاحيات البرلمان، ما أثار موجة احتجاجات دبلوماسية دفعتها الى التراجع عن قرارها بعد 48 ساعة.
وندّدت المعارضة بمحاولة الانقلاب، لكنّ الواقع أنّ قرار المحكمة عزّز موقعها وحملها على تخطي انقساماتها الداخلية، وحرّك التعبئة الشعبية المؤيدة لها بعدما كانت تراجعت في الأشهر الأخيرة.
وقال المحلل لويس فيسنتي ليون إنّ «المعارضة موحدة أكثر من أيّ وقت مضى. من المرجح ألا تكون تظاهرة أمس الأكبر ضدّ التشافية، لكن لا يمكن التكهن بالتأثير الذي ستتركه لاحقاً».
ويعتقد بعض المراقبين أنّ الحكومة ستكشف قريباً عن تاريخ الانتخابات المحلية التي أرجئت في 2016 إلى أجل غير مسمى، سعياً منها للتهدئة، غير أنّ المعارضة تريد المزيد وتطالب بانتخابات رئاسية مبكرة.
ويشكل أيّ استحقاق انتخابي تهديداً لمادورو الذي يتمنى 70 من الفنزويليين رحيله من السلطة، في ظل أزمة اقتصادية خانقة أفرغت المتاجر وضاعفت التضخم الذي سيصل إلى 720,5 في نهاية العام 2017، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي.