الطبقة السياسية تغرّد خارج السرب

ميسم حمزة

أيام عصيبة يعيشها اللبنانيون بسبب الغلاء الذي أصبح وحشًا يلتهم مرتبات المواطنين الضئيلة، ويرافقهم بصورة مستمرة، ويحمّلهم أعباء كبيرة، فلبنان من أكثر الدول غلاء في المعيشة والطبابة والاستشفاء والكهرباء والماء إلخ… والشريحة الأكبر من المواطنين يعيشون دون مستوى الفقر في ظلّ غياب الخطط والحلول التي أغفلتها الحكومات المتعاقبة حتى الآن، فالمسؤول لا يسمع صرخة الشعب ومقصّر في معالجة الحدّ الأدنى من المشكلات المعيشية والاجتماعية، فكيف بالقضايا والمشكلات الكبرى على صعيد السياسات والخطط المستقبلية لمواجهة الأزمات المقبلة، وهي أكبر بكثير مما نشهده على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والمالي.

والمضحك المبكي في وطننا، غياب الإجراءات التي توقف الهدر والفساد الذي يعصف بمؤسسات الدولة والانحياز العلني لمصلحة كبار المافيات التي تضع يدها على المال العام وتحوّله الى جيوب الفاسدين والمفسدين في نهب منظم لمال الخزينة من جهة ولقوت المواطن اللبناني من جهة أخرى وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

مما أدّى الى انتشار الفساد الذي أمعن في هدم الوطن والمواطن، إرضاء لشهوات أصحاب المصالح السياسية، وكلّ ذلك بسبب القانون الانتخابي الحالي الذي يعيد إنتاج الطبقة السياسية نفسها لتسير بلبنان نحو منحدر خطير قد تصعب معالجته، ويقضي على ما تبقى من الوطن إذا لم نجعل المصلحة الوطنية العليا الهدف الوحيد بعيداً عن الفساد والمحاصصة وتغييب الإرادة الشعبية وأزمة المعيشة.

والمطلوب اولاً من الشرفاء الذين ما زالوا يؤمنون بالوطن، ومن الشعب اللبناني، النضال من أجل التخلص من هذا النظام السياسي العفن، الذي ورثناه عن الانتداب، وورثنا معه سرطان عدم الاستقرار، ولم نستطع الخروج منه حتى الآن، بل لم يستطع أن يقدّم لنا فترة استقرار تصل إلى سنوات عشر متتالية، وكان السبب في إرساء قواعد اشتباك للحكم في لبنان بدأت طائفية وانتهت مذهبية.

ولن يتمّ ذلك إلا من خلال إقرار قانون انتخابات عادل، يكون مدخلاً للتغيير والإصلاح والمحاسبة، على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة ويعتمد النسبية الكاملة، يساوي بين اللبنانيين ويحقق أمانيهم بإيصال من يريدون إلى الندوة البرلمانية، فيتمثل الجميع بحسب أحجامهم الحقيقية لأنّ اللبنانيين ضاقوا ذرعاً من تحويلهم إلى رعايا في كانتونات مذهبية بدلاً من أن يكونوا مواطنين في وطن موحّد لينطلقوا بعدها الى حلّ المشاكل الحياتية التي أثقلت كاهلهم…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى