جائعون للحرية!

أسامة العرب

مع تصاعد الدعوات «الإسرائيلية» لقمع وإعدام الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال «الإسرائيلي»، تحوّلت هذه المعتقلات لبديل عن حبل المشنقة. وهو ما يعكس حجم الخطر الذي يتهدّد حياة نحو 6500 معتقل فلسطيني يعيشون ظروفاً مأساوية. فمنذ نهار الاثنين الماضي يلجأ 1300 معتقل فلسطيني داخل معتقلات الاحتلال «الإسرائيلية» بالإضراب عن الطعام، ضمن معركة يطلق عليها اسم «الأمعاء الخاوية»، في محاولة منهم لمناشدة أصحاب الضمائر الحيّة لتحريرهم. كذلك، فمنذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 أيلول/ سبتمبر2000، سجلت المؤسسات الرسمية والحقوقية ما يقارب 100 ألف حالة اعتقال للفلسطينيين، من بينهم نحو 15 ألف طفل و1500 امرأة، ونحو 70 نائباً ووزيراً سابقا.ً وأبرز الانتهاكات والأساليب التنكيلية التي نفذت بحق هؤلاء المختطفين تمثلت باعتقالهم ليلاً، والاعتداء عليهم بالضرب المبرّح أمام ذويهم، وإطلاق النار عليهم قبل عملية اعتقالهم واقتيادهم مكبّلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين، مع ما يرافق ذلك من عمليات تعذيب وإذلال نفسي وجسدي تمارَس عليهم، كما أنّ هناك أسرى اغتصبوا وآخرين استُشهدوا في المعتقلات نتيجة عمليات القمع والتعذيب، كان آخرهم الشهيد محمد الجلاد.

ويُذكر أنّ أبرز الإضرابات التي خاضها المعتقلون الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال «الإسرائيلية»، والتي استمرّت طويلاً هي على النحو التالي:

ـ إضراب معتقل الرملة ومعتقل كفار يونا في شباط 1969، لكنّه انتهى بالقمع وتعذيب المعتقلين وإهانة كراماتهم.

ـ إضراب المعتقلات الفلسطينيات في سجن نيفي تريتسا، نيسان 1970.

ـ إضراب معتقل عسقلان، بتاريخ 11 كانون الأول 1976 و 24 شباط 1977، استمرّ كلّ منهما لمدة 45 يوماً.

ـ إضراب معتقل نفحة، بتاريخ 14 تموز 1980، استمرّ لمدة 33 يوماً.

ـ إضراب معتقل جنيد، في أيلول 1984 و 25 آذار 1987.

ـ إضراب معتقل نفحة بتاريخ 23 حزيران من عام 1991.

ـ إضراب غالبية المعتقلات المركزية، بتاريخ 25 أيلول 1992 و18 حزيران 1995، تحت شعار إطلاق سراح جميع المعتقلين والمعتقلات من دون استثناء.

ـ إضراب معتقل عسقلان، عام 1996.

ـ إضراب غالبية المعتقلات، بتاريخ 2 أيار 2000، استمرّ لمدة 30 يوماً، احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي.

ـ إضراب معتقل نيفي تريتسا، بتاريخ 26 حزيران 2001، احتجاجاً على اضطهاد الفلسطينيات داخل السجن.

ـ إضراب معظم المعتقلات، بتاريخ 15 آب 2004.

ـ إضراب خاضه معتقلو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تشرين الأول 2011، استمرّ لمدة 21 يوماً.

ـ إضراب المعتقلين ثائر حلاحلة، وبلال ذياب، بتاريخ 28 شباط 2012، لمدة 76 يوماً.

ـ إضراب غالبية المعتقلات، بتاريخ 17 نيسان 2012، استمرّ 28 يوماً.

ـ إضراب حوالي 120 معتقلاً فلسطينياً إدارياً، بتاريخ 24 نيسان 2014.

ـ إضراب خاضه أسرى حركة الجهاد الإسلامي، بتاريخ 9 كانون الأول 2014.

ـ إضراب المعتقل خضر عدنان، بتاريخ 5 أيار 2015 لمدة 66 يوماً.

ـ إضراب المعتقل بلال كايد، بتاريخ 13 حزيران 2016، لمدة 71 يوماً، رفضاً لاعتقاله الإداري.

ـ إضراب المعتقل الصحافي محمد القيق، في تشرين الثاني 2016، واستمرّ لمدة 94 يوماً، احتجاجاً على اعتقاله إدارياً.

إلى جانب هؤلاء، يَتواجد حالياً داخل المعتقلات «الإسرائيلية» عمداء الأسرى العرب: مروان البرغوثي، أحمد سعدات، كريم يونس، الدكتور عزيز دويك، بلال ذياب، صدقي المقت، فؤاد الشوبكي، عاهد أبو غلمة، حسن سلامة، وليد الدقة، أمير مخول، خضر عدنان، وعبد الله البرغوثي، ومئات المفقودين الذين تحتجزهم «إسرائيل» حالياً في معسكرات اعتقال سريّة، وما المعتقل السرّي المسمّى بمعتقل 1391 والذي اكتشف عام 2003 إلا واحداً من بين هذه المعتقلات، والتي يتواجد فيها مفقودون فلسطينيون ومصريون وسوريون ولبنانيون، وشخصيات بارزة كعميد الأسرى اللبنانيين والعرب يحيى سكاف المعتقل منذ 38 عاماً ورفيقيه محمد فران وعبد الله عليان، بالإضافة إلى أردنيين وسودانيين تُنكر «إسرائيل» وجودهم جميعاً لكي لا تفرج عنهم. وبحسب ما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت»، فإنّ المعتقلات السرية تخضع لإشراف جهاز الموساد والوِحدة العسكرية «الإسرائيلية» رقم 405 ، ويوجد معظمها داخل قواعد عسكرية أو في مبانٍ عسكرية مهجورة. وهذه المعتقلات تحمل أرقاماً معينة وفقاً لتسلسل خاص يستخدمه جهاز المخابرات «الإسرائيلي» كـ معتقل رقم 1091 و معتقل 1391 ، ومنها ما تحمل أسماء عادية كمعتقلي باراك وصرفند. وقد وصف، الصّحافي الفرنسي جوناثان كوك المُعتقل السّري 1391 الواقع بالقرب من مدينة الخضيرة، جنوب تل أبيب، بأنه يشبه معتقلات سبعينيات القرن العشرين. وأفاد حول المعتقل نفسه الأسير المحرّر نشأت الوحيدي بأنّ المعتقل 1391 هو عبارة عن بناية اسمنتية تتوسَّط كيبوتساً «إسرائيلياً» تتبع لإحدى القرى التّعاونية ومحاطة بالأشجار الكثيفة، وجدرانها مرتفعة، وتحيط بها الأبراج العسكرية للمراقبة، والمنطقة المحيطة بها عسكرية مغلقة حالها كحال المقابر. أما الأسرى المتواجدون داخلها فيُمنحون أرقاماً ورموزاً بدلاً عن أسمائهم في إشارة بالغة الدلالة من قبل المشرفين عليها للموجودين فيها بأنَّه تمّ شطب أسمائهم من الوجود ونقلهم إلى عالم جديد ومجهول، أما غرف وزنازين تلك المعتقلات فهي مطليَّة باللون الأسود من الدّاخل، وتوجد فتحة صغيرة في سقف كلّ زنزانة من زنازينها تشبه المدخنة تدخل الهواء من دون أن تسمح برؤية السَّماء، أمَّا الباب فليس فيه ثقب إبرة.

والجدير بالذكر أنّ الأسير سكاف معتقل منذ 11 آذار 1978 إثر مشاركته في عملية الشهيد كمال عدوان داخل فلسطين المحتلة، وشوهد من قبل عدد من الأسرى اللبنانيين والعرب داخل تلك السجون المظلمة، بالإضافة الى وجود وثيقة صادرة من الصليب الأحمر الدولي تؤكد وجود الأسير سكاف على قيد الحياة في زنزانة تابعة للمخابرات «الإسرائيلية»، وبأنه محروم من أبسط حقوق الإنسان التي تكفلها وتقرّها القوانين المتعلقة بحقوق الأسرى. وهل من أحد ينسى تصريح المجرم أرييل شارون لجريدة «يديعوت أحرنوت» حينما قال: «كنا نخطف جنوداً ضمن خطة أسميناها بنك الأسرى لنستخدمهم أوراق مساومة في التفاوض إذا ما وقع جنودنا في الأسر، وأنا شخصياً أتعامل مع هذا الملف منذ ما يقارب الخمسين سنة». وتجدر الإشارة إلى أنّ المقاومة اللبنانية الباسلة تمكنت من تسجيل انتصارَيْن باهرَيْن على «إسرائيل» تمثَّلا بدحرها من جنوب لبنان العام 2000، وإلحاق الهزيمة بها في حرب العام 2006، حيث تمكنت خلال هذه المرحلة من إثبات صوابيّة نهج المقاومة وخيارها الاستراتيجي لتحرير الأرض والإنسان، فحرّرت أكثر من 1132 أسيراً لبنانياً وعربياً، واستردّت أكثر من 519 جثماناً لشهداء لبنانيين. كما استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تُبرم صفقة وفاء الأحرار لتحرير الأسرى، فأفرج عن 1000 أسير فلسطيني و27 أسيرة، مقابل إطلاق سراح المُحتلّ الصهيوني جلعاد شاليط.

وأخيراً، ما الذي يمنع الدول العربية والإسلامية من التحرك معاً للمطالبة بوجوب تحرير الأسرى من المعتقلات «الإسرائيلية»، عوضاً عن خشية البعض منهم على «الإسرائيلي» والمسارعة بإرسال طوافات لإخماد الحرائق في الأحراج التي يحتلّها؟ ومتى سوف يستجيب أصحاب الضمائر الحرة لمعارك الأمعاء الخاوية في المعتقلات؟ لا بل من المؤسف أنه بعد كلّ هذا الإمعان بالظلم والاضطهاد، يأتي البعض ليجادلك بخيار المقاومة وللمسارعة بتقديم التنازلات لحصد المكاسب الشخصية على حساب مظلومية الآخر. وعجباً يا تُرى لو كان هؤلاء في مقام أصحاب الأمعاء الخاوية هل كانوا ليبقوا على موقفهم هذا!

محامٍ، نائب رئيس

الصندوق الوطني للمهجرين سابقاً

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى