ترجمان: هدفنا الوصول لإعلام وطنيّ منتج يحظى بالمصداقية وينقل هموم المواطنين

انطلقت صباح السبت الفائت، أعمال المؤتمر الوطني الأول الذي تنظمه وزارة الإعلام في مكتبة الأسد الوطنية تحت عنوان «حقّ المواطن في الإعلام»، ويستمر لثلاثة أيام.

ويشارك في المؤتمر وزراء وباحثون وإعلاميون، ويتضمّن ندوات وحوارات مفتوحة حول الحرّية والإعلام والمرجعيات والرؤى ودور المؤسسات في صناعة الرأي العام والإعلام الوطني والخاص والنخب والمرأة والثقافة والبعد الديني في الإعلام.

وتركّزت مداخلات المشاركين في الجلسة الأولى، على ضرورة ضمان حقّ المواطن في الحصول على المعلومة الصحيحة ومنح وسائل الإعلام المساحة الكاملة للعمل بعيداً عن أيّ قيود، ووجود نصوص قانونية واضحة وصريحة لمعرفة حقوق هذه الوسائل وواجباتها.

وأشار عضو المحكمة الدستورية العليا الدكتور سعيد نحيلي إلى أن الإعلام حقّ لكلّ مواطن منح له بموجب الدستور، ويجب أن يكون مصاناً قضائياً. مؤكداً على ضرورة منح هذا الحق للمواطنين والعاملين في مجال الإعلام على حدّ سواء والدفاع عنه، فلا يحقّ لأحد أن يسلبهم هذا الأمر.

ويهدف المؤتمر بحسب المنسق العام له نضال زغبور إلى تقييم العمل الإعلامي بشكل عام ووضع تصوّر للآفاق المستقبلية لقطاع الإعلام، لا سيما بعد الأزمة التي تمرّ بها البلاد خلال هذه الفترة.

وأكد المشاركون ضرورة خروج المؤتمر بتوصيات ومعطيات جدّية تحدّد ما يحق للمواطن أن يطّلع عليه من معلومات، وأن يتم تنفيذ المقترحات على أرض الواقع، وضرورة أن تحمي القوانين الحرية الإعلامية وضمان إيصال المنتج الإعلامي إلى المواطنين في جميع المناطق، وتأمين مستلزمات العمل الإعلامي وتوفير التقنيات المتطورة اللازمة.

وطالب المشاركون بالتركيز على القضايا التي تمسّ حياة المواطنين وشؤونهم المحلية وتعزيز ثقافة الإعلاميين، وتسليط الضوء على الانعكاسات السلبية للأزمة في المجتمع السوري، وتضافر الجهود الإعلامية للارتقاء بمستوى مواجهة الحرب الإعلامية التي تتعرّض لها سورية، والاستفادة من خبرات الأكاديميين والباحثين في مجال الإعلام عند وضع الاستراتيجيات الجديدة للقطاع الإعلامي.

ترجمان

وعرض وزير الإعلام السوري المهندس محمد رامز ترجمان خلال الجلسة التي أدارتها الأستاذة في كلّية الإعلام في جامعة دمشق الدكتورة نهلة عيسى، آليات صناعة القرار الإعلامي من الداخل ومرجعيات ورؤى صناعته في سورية. مبيّناً أنّ الهدف الأساس للمؤتمر تداول ما يجول في أذهان الصحافيين من أسئلة واستفسارات، وتحقيق التواصل والتكامل بين جميع المؤسسات الإعلامية وشرائح المجتمع بمستوياته كلّها. كما أنه بمثابة لقاء تشاوري للوقوف على مكامن قوة الإعلام ومشاكله ومعوقاته ضمن الإمكانيات المتوفّرة والمتاحة.

وأشار وزير الإعلام إلى أنّ الغاية من هذه اللقاءات الارتقاء بالإعلام والأداء الإعلامي للوصول إلى إعلام وطني منتج يحظى بالمصداقية. وينقل هموم ومشاكل المواطنين. إضافة إلى العمل على تعزيز الانتماء الوطني للمواطن ليساهم فى تحقيق مناعة سورية.

وحول الحرّية الإعلامية لفت الوزير ترجمان إلى النصوص التي كفل بها الدستور السوري حرّية الإعلام والصحافة والطباعة والنشر وفق القوانين والانظمة، فيما أتى لاحقاً قانون الإعلام السوري الذي عزّز مفهوم هذه الحرية.

وقال ترجمان: لا يمكننا تحت شعار الحرية أن نترك الإعلام يتحوّل إلى مسرح تكون فيه الأخلاق العامة عرضة للخطر وأن يقحم نفسه في حياة الأفراد الخاصة من دون مبرّر، أو أن يعمل على المساس بأمن وأمان الدولة والمواطن أو الإساءة إلى الرموز الثقافية والسياسية والدينية. مبيّناً أنه لهذه الأسباب يجب أن تقف حرية الإعلام عند حدود حريات الآخرين. ولذلك يجب على الإعلامي أن يعرف ما له وما عليه حتى يتجنب المساءلة القانونية.

وقال: إن الأساس في العمل الإعلامي ضمن الظروف الحالية هو التركيز على موضوع الانتماء إلى الوطن والدولة وتماسكها وابراز مكامن قوتها.

وفي معرض ردّه على مداخلات المشاركين شدّد ترجمان على ضرورة العمل على إيصال المنتج الإعلامي إلى جميع المواطنين ومدّ جسور الثقة بين الإعلام والمواطن من خلال نقل همومه ومشاكله، وأن يكون الإعلام صوته القويّ وصِلة الوصل بين المواطن والمسؤول بالاتجاهين. مشيراً إلى أنه تم وضع استراتيجية إعلامية تشاركية لتطوير الخطاب الإعلامي ووضع مصفوفة تنفيذية لتطبيقها.

وأوضح أن المؤسسات الإعلامية المحلية تعاني من الصورة النمطية للتعاطي مع الأخبار والأحداث. إضافة إلى ضعف الإمكانيات التقنية والفنية والمالية وهو ما استدعى دمج بعض المؤسسات الإعلامية لتوحيد الإمكانيات وزجّ الكفاءات في عدد محدد من الوسائل. مؤكداً أن الإعلام السوري ورغم الصعوبات التي يعاني منها الآن، يعمل باستمرار لتجاوزها وإحداث التغيير والتطوير في مفاصله.

قاسم

من جانبه أكد رئيس تحرير صحيفة «الثورة» علي قاسم أن الظروف والمعطيات التي فرضتها الأزمة دفعت سقوف الحرية الإعلامية باتجاهات كبرى.

واستعرض قاسم مجموعة محدّدات لآليات الفهم الحقيقي للحرية الإعلامية من خلال تجربته في العمل الصحافي. معتبراً انه ليس هناك ما هو ممنوع الحديث عنه ولا يوجد ما هو محظر التطرق اليه لكن هناك طريقة لتناوله وحسب هوية هذه الطريقة يتحدد المسموح والممنوع وهي قاعدة تم العمل عليها وأثبتت جدواها في العمل الإعلامي.

كما أشار إلى أن التشريع القانوني أساس جوهري والامر لا يقتصر على قانون الإعلام بل يحتاج إلى وضع صيغ تراعي خصوصية العلاقة بين مكونات الإعلام الوطني. معتبراً أنّ الحرية الإعلامية ليست وصفة جاهزة ولا هي مسطرة تصلح لكل زمان ومكان، بل هي معيار متحرك ومتبدل تبعاً لظروف العمل حيناً وظروف المشهد السياسي او الاجتماعي او الفكري والثقافي حيناً آخر.

مداخلات

من جهتها، أشارت الدكتورة عيسى إلى أن الإعلام في العصر الراهن لم يعد «يخبر وينقل ويعلن»، إنما أصبح يصنع الواقع بشروط الواقع وبدأ يتدخل في تحديد رؤى وملامح العالم كما أنه أصبح سلطة من سلطات العولمة في العالم.

وأشار الباحث والأستاذ في العلاقات الدولية بسام أبو عبد الله إلى أهمية العمل على تفادي التراكمات التي تواجه عملية المصالحات، فيما أكدت الدكتورة نهلة عيسى في كلية الإعلام أهمية التركيز على الأخطاء التي حصلت في عملية المصالحات لمعالجتها وتعزيز مواقع النجاح والابتعاد عن المصطلحات غير الوطنية. بينما دعت المخرجة سهير سرميني إلى ضرورة إعداد برامج خاصة للمهجرين السوريين في الخارج، لا سيما في لبنان، كونهم يحتاجون إلى احتضان من نوع آخر وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن.

بدوره، أكد مدير عام الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» أحمد ضوا في مداخلته، ضرورة وضع أسس قانونية واضحة تعالج مختلف القضايا والمسائل المتعلقة بالإعلام. مشيراً إلى أهمية أن يركز الإعلام الاهتمام على قضايا المواطنين اليومية لكونهم الغاية والهدف من الرسالة الإعلامية.

ودعا ضوا إلى إتاحة المعلومات بشكل أكبر للإعلاميين، وخصوصاً في الوقت الحالي لكون المواطن السوري واعياً وقادراً على التمييز بين ما هو جيد وسيئ.

ورأى ضوا أن هناك افتقاداً للتواصل أحياناً بين الجهات المسؤولة والإعلاميين. مشدّداً على أهمية عقد اللقاءات الدورية بين هذه الجهات والصحافيين في المؤسسات الرسمية والخاصة لوضعهم في صورة التطورات الجديدة حتى يتمكّنوا من نقل المعلومة بشكل صحيح إلى المواطن.

وتحدّث الباحث الدكتور عماد فوزي الشعيبي عن النخب المنسيّة، ورأى أن هذه النخب تقدّم للإعلام والمجتمع تصوّرات لمستقبل أيّ بلد. معتبراً أن المطلوب عودة هذه النخب إلى الإعلام وضمان حضورها بما يتوافق مع نسبتها الواقعية بالمجتمع.

وأشارت مديرة قناة «سورية دراما» رائدة وقاف في مداخلتها إلى أن قناعات النخب تبنى بشكل تراكمي ولا يمكن أن تتغير مع تغير المصالح إلا إذ كان ذلك من ضمن قناعاتها. منوهةً بدور الإعلام السوري في تشكيل النخب السياسية والثقافية والشبابية.

في حين رأى المهندس مضر ابراهيم من «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» أن مسؤولية النخبة تكمن في إيصال رأيها من دون أستذة أو تنظير. بينما أكد الباحث الدكتور ماهر العطار أهمية دور النخب في نقل حقيقة الواقع السوري إلى الخارج معتبراً أن المغتربين السوريين أدّوا دوراً نموذجياً متميّزاً بالدفاع عن وطنهم في الخارج.

الإعلامية ربى الحجلي اعتبرت أنّ إشكالية العلاقة بين الإعلام والنخب المثقفة عموماً ارتبطت بالدور الوظيفي للإعلام. مبيّنةً أنّ ظهور المثقفين على الإعلام وعلاقتهم معه كانت تحمل الطابع الرسمي فقط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى