بقية الإله
إلى المعتقل في سجون العدو: مروان البرغوثي
نضال القادري
أيّ قمر ينزاح عن مداره ليلقي عليك التحية
أيّ نار شقيّة تتركها الشمس لغدها
أيّ رسول يمشي على خطاك
ولم يترك له الإله بقية
ما أنتَ يا مروان؟!
هلا أعطنا سرّك بكل جدارة
نحن متلبّسون في غربتك
وأغراباً في أوطاننا صرنا
أما زلت كالنعناع تزيّن شهقاتنا نحو الحياة
أم الحياة صرت
ونحن في حضرتك مأساة؟!
أتعدّ العربان أرقام غربتك للذكرى
أم جثثاً نكرة تنتظر رعاة القوم
وخرافاً تنتظر الذبح في عيد الأضحى؟!
الآن، في الغد، أو ما بعد الغد لا تدري
سوى أن سكين الأسئلة، تداعب شهوة الذباح وتجترها
يا مروان: البارحة كنت أمرر من ثقب الحارة
ذاكرتي الحبلى التي يتقاسمها الأخوة
أي تاريخ يشخر في نومه،
وماذا ستلد التماسيح المنقرضة من حبل السرة؟
رأيت الوطن في الحلم سيارة
وفتاة حلوة.. أحلى من ذاكرة الوطن المنهوبة
الحاكم أحرق في حضرتها ألف سيجارة
وانشطر لها المخصيّ نصفين
وانتصب بكل حقارة!
فأين منظمة التحرير، وأين مجلسها الثوري؟
أسماء في ذاكرة الوطن تحترق، وعبثاً تتساقط
لماذا تقاسموا خبز الهزيمة فوق جرحك
وتناتشوا طحين الخبز المفقود بالجملة
بالمفرق باعونا ما بين غزة والضفة
وتركونا نموت وحدنا بين كلاب جربانة!
مروان!! كم رغبت يوماً أن أرجمك بوردة
وأحرس عز أغانيك المشتعلة
فكل مسيح نال الخبز ليحيا، ونبيذ الحرية
إلا أنت عطشت كثيراً جداً
فكم فلسطينك باعت عنبا!
جففنا كل سلال التين للمحتلين
وسلطتنا «الوطنية» كانت مخصيّة
تركت قدسها للمغتصب
ولجأت للعادة السريّة!
لم تنجب ذكراً.. لا أنثى..
نامت دهراً.. نامت عهراً.. بين أفخاذ صبية!
مروان!! أيننا، أينك
لم أرقب من قومي مَن يشعل لغيابك شمعة
أو يساير أمي في دمعتها المرّة!
مروان!! مَن يسكت عن جرحك لا يعنينا
مَن يقرأ سرك يعرف غده
هوذا طعم فلسطين بكل جدارة – وقفة عز فقط
رغماً عن أنف الزنزانة
رغماً عن أنف المحتل وسجانه
سنزيح القهر عن مدار هواك
ونلقي عليك أحلى تحية
النار شقيّة يا مروان
وشمس غدك أشهى الآن
ابعثها، إبعثها، ابعثها
حتماً، فطريق فلسطين الحرية.