رئيس الجمهورية: التمديد فساد متراكم ولن يحصل فراغ في المؤسسات ولو وصلنا إلى 20 حزيران
نبّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الجميع، «شعباً ومسؤولين، أن التمديد للمجلس النيابي لا يجب أن يحصل، ولا يهدّد أحد به، لأن فيه خراباً للبنان»، وأشار إلى أنه «حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضع قانون جديد للانتخابات، حتى لو وصلنا إلى 20 حزيران، فإن لا فراغ سيحصل في المؤسسات. فليقرأوا الدستور، وتحديداً المادتين 25 و74 منه». وقال: «هذا المجلس لن يمدّد لنفسه، ومن غير المقبول أن يمدّد لنفسه دقيقة واحدة، بإمكاننا أن نجري الانتخابات ولا فراغ في المؤسسات».
وإذ لفت إلى أن البند «د» من مقدمة الدستور «ينصّ على أن الشعب هو مصدر السلطات، وهو يوليها وكالة»، سأل: «أين الوكالة ولمن تُعطى؟».
وتابع» إذا تخلّى اللبنانيون جميعاً عن حقهم بانتخاب ممثليهم في البرلمان، يتغيّر نظام الحكم ونصبح في نظام ديكتاتوري. والتمديد المتمادي هو انقلابات متمادية على الشعب من مجموعة تحكم لبنان، حيث لا يبقى من رابط بين مصدر السلطة من جهة والسلطة التي تُمارَس من جهة أخرى. إننا نواجه اليوم هذا الأمر، حيث نسمع أنه لم يتبقّ أمامنا إلا التمديد. لا! إن التمديد هو هروب من مسؤولية عمرها 27 سنة مرّت».
وإذ اعتبر رئيس الجمهورية أن «التمديد هو أيضاً فساد متراكم، وليس بإمكاننا أن نستمرّ به أربع سنوات بعد»، سأل: «مَن باستطاعته أن يقول لنا إننا إذا مدّدنا للمجلس مرة ثالثة، أن هذا الأخير لن يقوم بالتمديد لنفسه مرة رابعة؟».
ولاحظ الرئيس عون أن «ثمّة من يتحدّث من حين إلى آخر أن لطائفته خصوصية»، متسائلاً «لماذا لا يكون للآخر من خصوصية أيضاً»؟، وقال: «إذا كان لبنان كله خصوصيات، فلكل خصوصيته وواحته، إلا أننا نعيش معاً. أما أن يسعى أحد للسيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه، فهذا لن يحصل نهائياً. وأول هذا السعي يتمثل بالسيطرة على حقوق كل الشعب اللبناني من خلال حرمانه من حقه بالانتخابات، عبر أجواء سياسية سيئة».
ولفت إلى أنه «عوض أن نعمل معاً على محاربة الفساد، رحنا نلجأ إلى افتعال مشاكل بين بعضنا حول قانون الانتخاب»، وأشار إلى أن «المسألة خطرة إذا استمرّت هكذا، لأننا في لبنان لا يمكننا أن نرفض التمثيل الصحيح».
وأكد أنه «مع أي قانون يحقق تمثيلاً صحيحاً». واعتبر أن «لدينا دستوراً وقوانين علينا أن نحترمها في الحكم، فلا يمكننا أن نخرج عنها كل ساعة»، وقال: «لديّ واجب تجاه شباب لبنان ولي بينهم بنات وأحفاد، ولا يمكن أن يستمر الوضع هكذا».
مواقف الرئيس عون جاءت خلال استقباله نقيب المحامين في بيروت النقيب انطونيو الهاشم مع وفد من لجنة اللامركزية الإدارية في النقابة التي يرأسها المحامي سعيد محمد علامة وتضمّ عدداً من المحامين.
وألقى النقيب الهاشم كلمة، فقال: «انطلاقاً من قسم اليمين الذي أديتموه كرئيس للجمهورية، وانسجاماً مع وثيقة الطائف، ارتأينا في نقابة المحامين إنشاء لجنة وهي الأولى من نوعها، للمساهمة في دراسة ووضع مشاريع للامركزية الإدارية التي تشكل نظاماً يمكن ويجب تطبيقه في لبنان، بالنظر الى خصوصيته، وذلك لإعطاء الدينامية والفرصة للجميع للمشاركة في تحمل المسؤوليات».
وعرض المحامي علامة على رئيس الجمهورية قرار مجلس النقابة «تنظيم مؤتمر حول اللامركزية الإدارية في 24 ايار المقبل»، طالباً «رعايته»، مشدداً على أن «النقابة ستبقى إلى جانبه في المبادرة إلى طرح هذا الموضوع».
وردّ الرئيس عون مرحّباً بالوفد، منوّها بـ«مبادرة نقابة المحامين تنظيم مؤتمر حول اللامركزية الإدارية التي تشكل أحد البنود الأساسية في اتفاق الطائف والتي لم تنفذ»، وقال: «كما لم يتم احترام البند المتعلّق باللامركزية الإدارية، كذلك لم يحترم البند المتعلق بوضع قانون جديد للانتخابات، رغم مرور 27 عاماً على اتفاق الطائف، وهناك أيضاً بنود كثيرة فيه لم تُحترم، وما نُفّذ تمّ تفصيله على القياس وفقاً لأهواء البعض، ما أحدث مراكز نفوذ متعددة».
أضاف: «حين نتكلّم عن قانون انتخاب وفقاً لاتفاق الطائف، يُتّهم قسم من اللبنانيين بالطائفية. علماً أننا لسنا نحن من وضع نص هذا الاتفاق. هناك خروج عن المألوف وعن الحقائق الأساسية التي نعمل على جمع اللبنانيين حولها. ما من أحد التزم بالقضايا العربية بقدر ما نحن التزمنا بها في خطنا السياسي. لقد صالحنا لبنان مع الدول العربية وأدرك الجميع أننا مع وحدة الموقف العربي، ومع جلوس العرب إلى طاولة حوار واحدة للعمل على حل المشاكل العربية، لا أن يتصارع العرب مع بعضهم البعض».
وكان الرئيس عون استهلّ نشاطه باستقبال وفد من لجنة الحريات في اتحاد الصحافيين العرب، بحضور نقيب المحررين الياس عون، رئيس اتحاد الصحافيين العرب مؤيد اللامي، رئيس لجنة الحريات في الاتحاد عبد الوهاب الزغيلات وأعضاء اللجنة الذين يمثلون مختلف النقابات الصحافية والإعلامية العربية.
وألقى النقيب عون كلمة، فقال: «إن الغاية من انعقاد لجنة الحريات في لبنان، هي إطلاق التقرير السنوي لأوضاع الحريات في العالم العربي. وقد شاءت نقابة محرّري الصحافة اللبنانية استضافة هذه المناسبة، نظراً لأهميتها ولما يمثله لبنان في هذا المجال.
ثم تحدّث رئيس الاتحاد، فنقل إلى الرئيس عون «تحيات رؤساء النقابات والاتحادات الصحافية العربية والمشاركين في إطلاق تقرير الحريات»، وشكره على استقباله الوفد، مؤكداً أن «الاتحاد سيسجّل للبنان ولأول مرة في تاريخه، إطلاقه في عهد الرئيس عون، تقرير «الحريات».
وعرض اللامي «واقع الاتحاد العام للصحافيين العرب»، فلفت إلى أنه «يضمّ 100 ألف صحافي في مختلف البلدان العربية، ويتولّى متابعة الأحداث والدفاع عن الصحافيين العرب، ساعياً لإيجاد بيئة آمنة لعملهم في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها».
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد، لافتاً إلى أن «قضية فلسطين مقدسة، ولبنان يتمسك بموقفه النهائي منها لجهة الدفاع عن الحق الفلسطيني في أرضه المحتلة والدفاع عن وطنه وهويّته»، معرباً عن أسفه «لافتقادها إلى وحدة الموقف العربي حيالها»، معتبراً أن «على الاتحاد مسؤولية التعبير عن صوته إزاء استعادة هذه الوحدة».
وأعاد رئيس الجمهورية تأكيد مواقفه «إزاء الأوضاع في الدول العربية التي عبّر عنها خلال القمة العربية في الأردن»، مؤكداً «أهمية التفاهم العربي»، محذراً من «فرض الدول الأجنبية حلولاً علينا بما يتوافق ومصالحها». وقال: «إن المشكلة تبدأ صغيرة في أي دولة لتكبر مع تدخلات الخارج فيها».
وأوضح أن «مردّ بعض الأزمات التي تعرّضت لها الدول العربية، افتقار التعبير إلى قدرٍ كافٍ من الحرية في بعض الأنظمة، الأمر الذي استفاد منه مخططو المؤامرات وأوقد له آخرون»، مجدّداً دعوته إلى «السلام والحوار».
ولفت إلى «التحديات التي تواجه الإعلام المعاصر وسبل مواكبته التطوّر التكنولوجي»، منبّهاً إلى أن «إحدى التحديات تتمثل في إحداثه ردود فعل على حساب تطويره الفكر الذي من شأنه أن يحدث فعلاً».
واستقبل الرئيس عون، رئيس ومؤسس «جمعية أصدقاء الفنان في لبنان» وليد نخله على رأس وفد من الجمعية، الذي اطلع رئيس الجمهورية على «المشاريع التي تنوي الجمعية تنفيذها تكريماً للفنانين، ومنها زرع نصب تذكارية في عدد من المناطق اللبنانية وإحياء ذكرى الراحلين منهم وتكريمهم».
واستقبل الرئيس عون راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خير الله مع وفد من اللجنة الأسقفية للعائلة في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، الذي وجّه دعوة لرئيس الجمهورية «للمشاركة في اليوم الوطني للعائلة في 28 أيار المقبل في البترون، سيتخلله قداس في كاتدرائية مار اسطفان في البترون يرأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي».
وفي قصر بعبدا، اطلع الدكتور شارل جزرا والدكتور موريس خوري الرئيس عون على «نتائج المؤتمر السادس الشرق أوسطي لأمراض القلب الناجمة عن عدم انتظام نبضات القلب والموت المفاجئ، الذي انعقد في لبنان برعاية رئيس الجمهورية ومشاركة وفود طبية وعلمية من لبنان ودول عربية وعالمية».