أيّها الساحليون … فليكن سقوطكم درساً
إبراهيم وزنه
من دون مبالغة ولا تزلّف، إذا كانت الضاحية الجنوبية لبيروت هي عاصمة المقاومة وعنوان التعايش الإسلامي المسيحي، والسنّي الشيعي، على مدى الأزمان، فإنّ نادي شباب الساحل هو بكلّ جدارة واستحقاق العنوان الرياضي الكروي الأبرز في تلك البقعة الحيويّة من لبنان، فـ»الساحل» الرياضي ومنذ تأسيسه منذ أكثر من نصف قرن أصبح مع الوقت وبفضل القيّمين على إدارته بمثابة المرسى الآمن للقلوب الحالمة بالتألّق وللنفوس العطشى إلى التعاون، ومن دواعي سروري واعتزازي بأنّني واكبته صغيراً عندما كان شقيقي الأكبر أحد أبرز لاعبيه في حقبة الستينيات، وكان والدي يصطحبنا للتشجيع من المدرّجات، شجّعته وتعلّقت به منذ تلك الأيام ولم أزل، وفي الوقت عينه لا أنكر بأنّ فريق النجمة كان مربط قلوبنا تحت دوري الأضواء. ومنذ انخراطي في العمل الإعلامي الرياضي بشكل احترافيّ، حرصت على أن أحدّد مساحة التشجيع والدعم والنقد والتمنّي في آن واحد، لقناعتي الراسخة بأنّ القيّمين على إدارة السفينة الزرقاء قرأوا بمسؤولية وتمعّنوا جيداً بمقولة: «رحم الله من أهدى إليّ عيوبي» … وتمرّ الأيام والساحل يشغلني بدعمه كلّما سنحت لي الظروف، حتى وفّقني الله منذ عامين بكتابة نشيد للنادي، على أمل أن يبقى صداه صادحاً في كلّ المناسبات الساحلية «ساحلنا عندو رجال بالملاعب أبطال».
إلى أن جاء موسم 2016 ـ 2017، فمنذ بدايته انتابتني المخاوف وتسرّب القلق إلى قلبي، فـ»الدّعسة» الناقصة لا توصل إلى المكان المناسب وربما تأخذ إلى الهاوية.. إشكالات إدارية من هنا، وتأخّر في بناء الفريق من هناك، ومدرّب مؤقّت تارة وثابت طوراً. وللأمانة، وحدها رابطة الجمهور كانت تعرف ماذا تريد، تجتهد في صناعة التحفيز ورسم الابتسامات وشدّ العصب «الأزرق»، ثمّ سارت المراحل في نفق من المخاوف، وشبح السقوط صار يطارد أحلام الغيارى، إلى أن وصلنا للمشهد الأخير من البطولة، الساحل بمواجهة الإخاء على ملعب العهد، كلاهما يبحث عن طوق نجاة، وحتى في اليوم المصيري غاب أهل الدار عن المواكبة! حضر الجمهور والإرباك يخيّم على هتافاته، اللاعبون في أرض الملعب في حالة تشنّج، التوتّر سيّد الموقف، وهدفان للإخاء في ثلاث دقائق! ومع إطلاق صافرة النهاية سقط الساحل وسقط معه المخلصون أرضاً، دموع من هنا وصراخ من هناك، وتطييب خواطر من الرجال الرجال، حتى أهل «الإخاء» راحوا يواسون لاعبي الساحل لأنّهم يدركون بأنّ خصمهم في معركة تحديد المسار والمصير ليس مكانه في الدرجة الثانية.
وماذا بعد السقوط؟ الرئيس فادي علامة أطلق الوعد «راجعين»، ومثله فعل رئيس مجلس الأمناء سمير دبوق الذي حرص في يوم الوداع على إخفاء دموعه أمام الشقيقين «الفاضلين» محتضناً القائد المقدام زهير عبدالله ومبلسماً جراح المخلص «الكوراني» … فيما الحارس علي حلال راح يعاقب نفسه على أرض الملعب.
أيّها الأحبّة، مشهد السقوط حصل لفريقكم منذ أكثر من عشر سنوات، وبالإرادة تمّ تجاوزه وبالتعاون والمحبّة عاد الفريق مشعّا. لذا، يجب أن تمحوا هذا المشهد من ذاكرتكم، وحده حلم العودة يجب أن يتراءى لكم في كلّ يوم وصولاً إلى موعد العودة للموقع الذي يستحقّه الفريق بجدارة، نعم درجة أولى؟ لا بل نخبة! ولِمَ لا يتكرّر إنجاز «كأس لبنان ـ 2000»، فإذا كانت البطولات تحتاج إلى مال ورجال، فـ»ساحلنا عندو رجال» وأمّا المال، فعلى غيارى الضاحية من مسؤولين ورجال أعمال أن يتصدّوا للأمر تحت عنوان «المسؤولية الاجتماعية الرياضية»… ومن غير شباب الساحل يمثّّل الضاحية تحت الأضواء؟ لا تذهبوا بعيداً .. الساحل سيعود سريعاً، وليكن موسم السقوط عبرة لكلّ المقصّرين.. والسلام عليكم.