ترسيم «حدود» بين واشنطن وأنقرة!
معن حمية
ليست المرة الأولى التي تقصف فيها تركيا مواقع على الأراضي السورية، خصوصاً تلك التي يتمركز فيها مقاتلون مما يسمّى وحدات الحماية الكردية. كما أنّ تركيا ومنذ بدء الحرب الإرهابية على سورية، قصفت بالمدفعية والطائرات العديد من المواقع السورية، عدا عن الدعم الذي تقدّمه للمجموعات الإرهابية على الصعد كافة. وهي مؤخراً توغلت في مناطق بشمال سورية تحت ذريعة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وكانت «المواجهات» أشبه بالتسلّم والتسليم بين القوات التركية وعملائها من جهة، وبين عناصر «داعش» من جهة أخرى.
غير أنّ الغارات التركية التي استهدفت بالأمس مناطق تخضع لسيطرة وحدات الحماية الكردية، وأدّت إلى سقوط ما لا يقلّ عن عشرين عنصراً من هذه الوحدات، تجاوزت الحدّ المسموح به أميركياً لأنّ مَن قصفتهم تركيا بالطائرات يحصلون على دعم الولايات المتحدة الأميركية. وهذا من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً بين أنقرة وواشنطن، بعد أن شهدت العلاقة تأزّماً على خلفية مجاهرة الأخيرة باعتمادها على ما يُسمّى «قوات سورية الديمقراطية» كأداة لمواصلة الحرب ضدّ سورية، وأيضاً تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
كيف تتعامل الولايات المتحدة مع الغارات التركية على مواقع حلفائها…؟ وهل تتقبّل غدر تركيا على هذا النحو الذي يُضعف من هيبتها؟ وهل تكتفي بإرسال مجموعة من ضباطها إلى المواقع المستهدفة وإعداد التقارير بشأن ما حصل لا أكثر ولا أقلّ؟
أسئلة كثيرة، لكن ما هو مؤكد أنّ الإدارة الأميركية لن تردّ على الغارات التركية بغارات مماثلة، لكنها بالتأكيد ستستثمر القصف التركي وتتخذه سبباً، كي ترسم «حدوداً» لتركيا بما خصّ عملياتها ضدّ وحدات الحماية أو ضدّ أيّ مجموعة أخرى تعمل لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية.
واشنطن وأنقرة تحرصان على أن تبقى علاقاتهما قائمة، وإنْ شهدت توتراً وتباينات بين الحين والآخر، فما يجمعهما مشروع واحد وغاية مشتركة، وهما استمرار الحرب ضدّ الدولة السورية، وبالتالي لن يفسد في غايتهما، سواء نفّذت تركيا قصفاً لما يسمّى وحدات الحماية أو «قوات سورية الديمقراطية» داخل الأراضي السورية، أو نفذت قصفاً ضدّ مواقع عراقية… وعليه فإنّ أقصى ما يمكن أن تتخذه أميركا هو بيان إدانة كالذي صدر عن خارجيتها حيال العدوان التركي!
وأميركا التي توسّع بيكار حربها ضدّ سورية، بفتح جبهات جديدة، حيث تؤكّد التقارير الإعلامية والاستخبارية أنها تُعدّ مشروع فتح جبهة الجنوب السوري بالاشتراك مع بريطانيا والأردن وبعض الدول، بالتأكيد لن تبادر إلى ردّة فعل ضدّ تركيا، فهي تريد كلّ حلفائها في جبهة واحدة ضدّ سورية ومحورها المقاوم…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي