حزب الله مجدّداً في الأتون الملتهب لمعادلة التيار ـ الحركة المعقّدة

هتاف دهام

لم يشارك حزب الله في الاجتماع الذي عقد يوم الاثنين في منزل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في اللقلوق، وتخلّله غداء ضمّ النوّاب جورج عدوان، إبراهيم كنعان وألان عون ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري. يحبّذ حزب الله لقاءات ذات جدوى لا لقاءات بروتوكولية صورية هادرة للوقت لا سيما أنّ كلّ فريق قدّم كلّ ما عنده، وأحد لا يضيف شيئاً يُبنى عليه.

يعتبر حزب الله أنّ علاقته بالتيار الوطني الحرّ أمتن من أن يهزّها خلاف على قانون الانتخاب، علماً أنّ حارة حريك تخطّت الخلاف في وجهات النظر عندما تجاوزت ملاحظاتها الجوهرية على صيغة التأهيل، لناحية تمسكها بأول ثلاثة مرشحين أو بنسبة العشرة في المئة، فضلاً عن تمسّكها بالمحافظات الخمس على مستوى المرحلة الثانية في الاقتراع النسبي. تجاوز حزب الله كلّ ذلك. وافق على صيغة الوزير باسيل كما هي. كان هذا في مرحلة مبكرة وفي ظلّ موقف تيار المستقبل الرافض صيغة رئيس «الوطني الحر» التي كان عبّر عنها بشكل ملتبس نادر الحريري في الاجتماعات التي كانت تُعقد على المستوى الرباعي والثنائي والثلاثي. كما أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان قد تمسّك بنسبة تأهيل عشرة في المئة رغم تحفظة المبدئي على التأهيل الطائفي. كلّ ذلك قبل أن يتداعى الموقف وينتقل التيار الأزرق إلى الموافقة على طرح رئيس التيار البرتقالي في سياق تفاهمهما حول المقاعد المسيحية في بيروت الثالثة وعكار، رغم أنّ الشيخ سعد كان يعوّل في قرارة نفسه على تعثر الصيغة العونية وعدم وصولها إلى برّ أمان التوافق.

في المحصلة، أعاد حزب الله تكرار ما قام به مراراً تجاه الرابية: التنازل عن قناعاته في سبيل حماية البعد الاستراتيجي لهذه العلاقة، إلا أنّ المشكلة لم تنته. تفاقم التناقض بين الرئيس بري والوزير باسيل. عندها وجد حزب الله نفسه مجدّداً في الأتون الملتهب لهذه المعادلة المعقدة. إذ إنّ من ثوابته أن يحمي علاقته بـ»الأستاذ» وحماية موقعه البرلماني والسياسي في المعادلة اللبنانية. في الوقت نفسه تصرّ المقاومة على تحييد علاقتها بالتيار الوطني الحر عن أية تعقيدات تهدّدها. في هذا السياق يمكن فهم كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أول أمس، حين أكد التوافق كقاعدة لا يمكن تجاوزها. عزّز السيد بكلامه موقف رئيس المجلس. جذب الموقف الجنبلاطي باحتضان شيعي «البيك» بأمسّ الحاجة إليه مقابل تخلّي رئيس المستقبل عنه. وبذلك يكون الأمين العام لحزب الله قطع الطريق على التصويت في مجلس الوزراء ومن ثم في مجلس النواب.

طبعاً لا تخفي الأوساط السياسية التي هي على معرفة عن كثب بموقف حزب الله وطريقة تفكيره استياءه من اللغة الطائفية التي يستخدمها وزير الخارجية ومن التهديد بالشارع بين الفينة والأخرى، رغم تفهّم حزب الله ودعمه لاستعادة المسيحيين حقوقهم، ومن بينها قدرتهم على التأثير في المقاعد المسيحية. إلا أن ذلك لا يبرّر التصعيد والاستفزاز الذين يتسبّب بهما الخطاب الطائفي والاحتقان الاجتماعي المتولّد عنهما.

الأكيد عند حزب الله أنّ الأداء الباسيلي لا يشبه ولا يقرب من منهج تفكير رئيس الجمهورية وأدائه. لكن ذلك لا يشير إلى بوصلة الأمور في ما يعني قانون الانتخاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى