عون: كونوا أوفياء لوطنكم وساهموا في إعماره وازدهاره

اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ تاريخ لبنان مع الهجرة طويل ومؤلم، وهي «ضريبة عاطفية تدفعها عائلاتنا منذ أن تحوّلنا إلى بلد يصدّر أبناءه بدل أن يصدّر إنتاجه»، مشيراً إلى أنّها «لم تأتِ نتيجة ترف أو نزوة، بل بفعل أوضاع سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة صعبة دفعت بأبنائنا خارج حضن الوطن».

وإذ توجّه إلى اللبنانيين المغتربين بالقول: «أنتم في أساس اقتصاد لبنان، ولكم اليد الطولى في رخاء عائلاتكم»، دعاهم إلى المساهمة في إعمار لبنان وازدهاره.

مواقف عون جاءت في خلال افتتاحه، قبل ظهر أمس، مؤتمر الطاقة الاغترابية اللبنانية، الذي انطلق في دورته الرابعة في مجمع «بيال» في بيروت، بدعوة من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تحت عنوان «طريق العودة إلى الوطن»، وبحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيسَين السابقين أمين الجميّل وميشال سليمان ورئيس مجلس النوّاب السابق حسين الحسيني ووزراء ونوّاب حاليّين وسابقين، وشخصيات دبلوماسية يتقدّمهم عميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي غبريال كاتشا، وممثّلي الهيئات والنقابات والقطّاعات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسّسات الإعلامية، وبمشاركة ألفَي شخصيّة لبنانية منتشرة.

مغتربون

استُهلّت الكلمات بعد النشيد الوطني بكلمة للمرشّح الرئاسي في جمهورية الدومينيكان لويس أبي نادر، الذي نوّه بالجهود التي يبذلها الوزير باسيل في الوصول إلى المغتربين، حيث كان أول وزير لبناني يزور الدومينيكان للمرة الاولى منذ 70عاماً.

وذكر أنّ لبنانيّي جمهورية الدومينيكان يُعدّون مئة ألف متحدّر من أصل لبناني، وهم ناشطون في المجالات الثقافية والسياسية وقد انخرطوا في كلّ الحكومات.

وكانت كلمة لعضو الكونغرس الأميركي السابق نيك رحال، الذي أشار إلى أنّ اللبنانيّين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة جعلوا منها بلداً أكثر حركة وأقوى من خلال مساهمتهم في التنوّع الثقافي.

أمّا سائق «الفورمولا وان» في البرازيل فيليبي نصر، فاعتبر أنّ وجوده اليوم للمرة الأولى في لبنان يعود به إلى 63 سنة مضت حين قرّر والده الهجرة إلى البرازيل، وإذ لفتَ إلى أنّه استطاع أن يكون من بين أفضل 24 سائق «فورمولا وان» في العالم، أكّد أنّ شعوره بالفخر أنّه لبناني الأصل لم يفارقه.

من جانبها وزيرة خارجية مدغشقر بياتريس عطالله، التي ترأس مؤتمر الوزراء الفرنكوفونيّين، أشارت إلى أنّها تتحدّر من بلدة بطمة الشوفية، واعتبرت أنّ الهدف الرئيسي من المؤتمر «هو تقييم روابطنا القويّة التي تجمعنا وتتيح ديناميكيّة جديدة قادرة على تخطّي كلّ الحدود».

ورأت أنّ «قوة الاغتراب اللبناني تكمن في قدرته على جمع اللبنانيّين، بما يؤسّس لمبادلات ودّية حول المواضيع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة».

باسيل

وكانت كلمة للوزير باسيل، توجّه فيها إلى المغتربين بالقول: «أنتم أصحاب حقوق، وحقوقكم في ذمّة هذا الوطن:

حقّكم علينا أولاً، هو أكثر من قانون استعادة جنسيّة بل بسهولة نيلها، وها نحن نعلن اليوم بدء منْحها لمن تقدّم للحصول عليها من ساو باولو وبيونوس آيرس ومكسيكو ونيويورك ومن بيروت، وسيتم توقيع المراسيم في هذا الحفل .

حقُّكم علينا ثانياً، هو أكثر من إمكانية التصويت في الخارج، وهي صعبة لا تُسهَل إلّا باعتماد المراسلة أو الـe-voting، بل حقّكم بنوّاب ممثِّلينَ عنكم في الخارج، وها نحن نقاتل من أجل قانون انتخاب يتضمّن ستة مقاعد لتمثيلكم بواحد عن كلّ قارّة».

أضاف: «حقّكم علينا ثالثاً هو أكثرُ مِن أن نملأ شواغر بعثاتنا ونؤمّن ملحقين اقتصاديين وثقافيين في بعضها كما طلَبنا مؤخّراً من مجلس الوزراء، بل حقّكم بقناصل فخريّين في كلِّ مدينة تتواجدون فيها، وها نحنُ افتتَحنا السلسلَةَ، بتوقيع أول مرسوم في هذا العهد لقنصل لبنانيّ في برانكيّا- كولومبيا. حقّكم علينا رابعاً، هو أكثر من ربط إلكترونيٍ بدأنا به بين سفاراتِنا ومع إدارتنا المركزيّة ليصل لاحقاً إلى كلٍّ منكم، بل حقّكم بوسيطة إلكترونية تربِطُكم بلبنان ومؤسّساته وناسِه، وها نحن نُطلق في هذا المؤتمر النُّسخةَ الجديدة لـ ـLebanon Connect ليكونَ فسحةً أفعلَ للتواصلِ اللبناني. حقُّكم علينا خامساً، هو أكثرُ من دعوة إلى فنادقنا ومنازلنا، بل ببيت لكلّ منكم، بيت للسكن أو للثقافةِ أو للعمل ، وها نحن أنشأنا بيتَ المغترب وفيه المتحف والمقهى والموتيل وأنهينا البيت الأسترالي والروسي، ونفتتح السبت معكم البيت الأميركي والإماراتي والبرازيلي والكندي، ونطلق السبت أيضاً البيت المكسيكي والأفريقي الغربي والأفريقي الجنوبي، وها هي بلدية صور تُعلن عن تقديم أرض لبيت اغتراب على أمل أن تحويَ كلّ بلدة لبنانيّة بيت انتشارٍ عالمي».

وتابع: «حقّكم علينا سادساً هو أكثر من برنامج اشترِ لبناني Buy Lebanese، بل بأن نعقد الاتفاقات التجارية مع كلّ دول انتشارِكُم، وها نحنُ نعلن في هذا المؤتمر خارطةَ التكاملِ الاقتصادي بين لبنانَ المنتشرِ والمقيمِ، توقّعها اثْنَتا عَشَرَةَ غرفةً لبنانيةً تجاريةً مختلطةً. حقّكم علينا سابعاً، هو أكثرُ من برنامج استثمرْ لنبق Invest to Stay، بل بأن نوفّر فرص استثمار لبعضكم وببعضكم، وها قد أعددنا البُنيةَ التحتيّةَ للصندوق اللبناني الاغترابي LDF استعداداً لانخراطكم فيه. حقّكم علينا هو أكثر من أرزة المغترب، وها نحن نزرع المزيد منها الأحد المقبل في غابة المغترب.

حقّكم علينا هو أكثر من وحدة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وها نحن نهيّئ قانون «المجلس الوطني للاغتراب»، تأكيداً لعدم وصاية الدولة اللبنانية عليكم».

وقال: «حقكم علينا هو أكثر من مؤتمر سنويّ للـ LDE في لبنان، وها نحن ننتقل من مؤتمرات إقليمية في ساو باولو ونيويورك وجنوب أفريقيا إلى مؤتمرات قادمة في كاليفورنيا والمكسيك وأبيدجان وسيدني وباريس ودبي».

وأضاف: «محطّاتُنا متنقلةٌ في لاس فيغاس في أيلول 2017، وفي المكسيك في تشرين الثاني 2017 وغيرِهما في 2018».

وختم باسيل بالإعلان عن المؤتمر المركزي السنوي القادم للطاقة الاغترابية اللبنانية في بيروت في 3،4 و5 أيار من العام المقبل.

عون

واختتمت الجلسة الافتتاحيّة بكلمة الرئيس عون، الذي قال: «تاريخ لبنان مع الهجرة طويل ومؤلم، ففي كلّ بيت ابن أو أخ أو قريب غائب، يفتقدّه الأهل والأشقاء، تفتقده المناسبات العائلية والأعياد، ويكبر الصغار وهو بعيد. هي ضريبة عاطفية تدفعها عائلاتنا منذ أن تحوّلنا إلى بلد يصدّر أبناءه بدل أن يصدّر إنتاجه.

واعتبر أنّ «الانسلاخ عن الوطن بحدّ ذاته ليس بالأمر السهل إطلاقاً، والتأقلم في بيئة جديدة بكلّ ما تحمل من اختلاف عادات وثقافة ولغة، أيضاً ليس بالأمر السهل، وهو قطعاً لم يأتِ نتيجة ترف أو نزوة، بل بفعل أوضاع سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة صعبة دفعت بأبنائنا خارج حضن الوطن».

أضاف: «لقد استقبلتكم أوطان جديدة وصرتم جزءاً منها وحملتم هويّتها، قد يكون وضعها اليوم اقتصادياً وسياسياً أفضل من وضع وطنكم الأم، ولكن لا تنسوا أبداً أنّكم تحملون إرث حضارة عظيمة … أن نسافر مؤقتاً، بحثاً عن تعليم أفضل أو فرصة عمل غير متاحة لنا هنا فهو أمر جيد، ولكن أن نهاجر بحثاً عن وطن جديد وهويّة جديدة، فهذا ناقوس خطر يدقّ. فهل سألنا أنفسنا لماذا يسعى أبناؤنا إلى وطن بديل؟ لماذا يضحّون بهويّتهم ويتوسّلون هويّة أخرى لا يربطهم بها شيء؟ لماذا يتحمّلون ألم فراق الأهل والأصدقاء وبيت الطفولة والحيّ والشارع؟ لماذا يتحمّلون مشقّات التأقلم في بيئة جديدة كلّ شيء فيها مختلف عنهم؟»

وقال: «يقيني أنّه في الإجابات الصادقة عن هذه التساؤلات يبدأ بناء الدولة».

وتابع: «إذا كانت الأوضاع الاقتصادية قد دفعت بكم إلى عالم الغربة، أو روح التمرّد والحريّة التي انطبعتم عليها جعلت أرضكم تضيق بكم في عصور الظلم، فإنّ ارتباطكم بالوطن الأم لا يزال ملفتاً وعظيماً. فأنتم وإنْ غبتم عن لبنان بالجسد، فهو لم يغبْ أبداً من قلوبكم. فأنتم في أساس اقتصاده، ولكم اليد الطولى في رخاء عائلاتكم … وكما عليكم واجب الوفاء للدول التي احتضنتكم وقدّمت لكم حياةً أفضل، وساهمتم بإعمارها وازدهارها، عليكم أيضاً واجب الوفاء للوطن الأم، وهذا الوطن يناديكم لتساهموا أيضاً بإعماره وازدهاره، وتأكّدوا أنّ قلبه مفتوح لكم دائماً متى أردتم العودة، فالوطن لا يُبنى إلّا بسواعد أبنائه، وورشة البناء قد انطلقت، ويقيني أنّ زنودكم ستشارك في وضع المدماك الأول».

ثمّ وقّع عون والحريري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أول مرسوم استعادة الجنسيّة اللبنانية بعد قبول طلب الأميركي نزيه مخايل خزاقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى