عشق الصباح
ثمّة حكايات في الذاكرة لا تُنسى، ثمّة فرح لا يُكتب ولا يُحكى، ثمّة شرفة للحبق وللبحر ولطيفك.
ذات لقاء، وكان الضوء يتسرّب للغروب بهدوء، والشمس تركت لونها الأرجواني على البحر، وقد انعكس اللازورد الشفيف على شفتيها، قالت: «للحزن لون المطر. انتبه، تلك غمامة تخرج من البحر بماء مالح أجاج، ثم تُمطره على البراري ماء عذباً فرات».
يا إلهي، في صوتها نغمات ناي جَرّح قصبه البوح حتى النزف، حين كانت تحكي كأنها تسكب العسل من ثغرها، يقطر من بين شفتيها ولا أشهى. كمثل ماء صافٍ ينبع بين الصخور، يتسلّل برقّة على مهل. كنت هائماً في عينيها الواسعتين اللامعتين بغنج أنثوي طاغٍ. أطوف مع الكلمات كمن يمشي في أحلامه. أذكر يومذاك، كتبت على ورقة جانبية «عندما تنطفئ الرغبة المسكونة في الإنسان، يأخذه الضوء إلى النور». كيف آخُذُ بيدها إلى النهار وأنا مسكون بكل هذا الوجع؟ لم أزل أتساءل: «كيف لامرأة من ورق جعلتها ترتدي قصّتي، أن تتحكّم بما أكتب وأنا وحيد في شرفة على كتف البحر؟».
قالت: «لا تهرب من الواقع. تعال أريد أن أمنحك مفردات أكثر دفئاً لتبقى شغوفاً بالحكايات التي أرويها لك. اُكتب ما تشاء من فنون الإبداع، فأنا مسكونة في محبرتك».
حسن ابراهيم الناصر