إلى أين التصعيد بين السعودية وإيران؟
حميدي العبدالله
أعلن ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان أنّ الرياض سوف تنقل المعركة إلى داخل إيران. وبديهي القول إنّ هذا التطور غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، إلا إذا كان هذا التصريح مجرد تصريح ولن تعقبه خطوات عملية، لأنّ أيّ خطوات عملية تقوم بها الرياض وتعلن مسؤوليتها المباشرة عنها سيعني حرباً بين إيران والسعودية، وهذا تطوّر غير محتمل إلا إذا كانت الرياض قد حصلت على موافقة مسبقة من الولايات المتحدة بالدخول في الحرب إلى جانبها، وهذا أيضاً مستبعد في ضوء المخاطر التي يمكن أن تنجم عن حرب شاملة تتقابل فيها إيران مع السعودية وحلفائها، ولا سيما الولايات المتحدة.
الأرجح أنّ هذه التصريحات تؤدّي غرضاً داخلياً، إذ أنّ غالبية المجتمع السعودي معبأ ضدّ إيران، ويمكن لتصريحات قوية مثل التصريح الذي أدلى به محمد بن سلمان أن يقود إلى دعم هذه الغالبية لمثل هذه المواقف، وبالتالي مساعدة الأمير على ترسيخ وجوده داخل الأسرة الحاكمة.
وعلى الرغم من أنّ الحرب المباشرة بين السعودية وإيران أمر مستبعد بقوة، إلا أنّ هذه التصريحات غير المسبوقة سوف تزيد من حدّة الخلافات بين البلدين، وقد يجري التعبير عن ذلك بتصعيد المواجهة غير المباشرة بينهما، وثمة ساحات عديدة يتوقع أن ينعكس عليها سلباً تصعيد المواجهة بين السعودية وإيران.
واضح أنّ ساحات تداخل النفوذ الإيراني والسعودي، تشمل لبنان والعراق، لكن من الواضح أنّ هذه الساحات غير مرشحة للتصعيد على خلفية الخلافات الإيرانية السعودية، لأنّ ثمة دينامية خاصة تضبط الصراع أو الخلاف بين البلدين في هاتين الساحتين.
وحتى في سورية، فإنّ تعدّد اللاعبين، وتقدّم النفوذ الأميركي المباشر، ولا سيما في مناطق الريف الشمالي لحلب وفي محافظتي الرقة والحسكة، أضعف القدرة على أيّ مبادرات خاصة من قبل المملكة العربية السعودية، كما أن النفوذ التركي في بعض المناطق السورية كون الحدود التركية الممرّ الإلزامي لوصول الدعم البشري والمالي والتسليحي للجماعات المتطرفة، قلص مستوى المبادرة الخاصة للسعودية في سورية، وبالتالي لن تشهد الساحة السورية انعكاساً كبيراً لتصاعد الخلافات الإيرانية – السعودية، لكن تظلّ اليمن هي السياحة الأبرز للصراع غير المباشر بين البلدين، وقد يؤدّي تطور الصراع وتصاعده إلى تأجيل أيّ تسوية سياسية للأزمة في اليمن.