اسكتلندا تحرك الرياح الانفصالية في أوروبا
يبدو أن الاستفتاء على استقلال اسكتلندا على رغم فشله، أثار قوة الرياح الانفصالية عبر القارة الأوروبية، كما أنه أحدث تغييرات في استراتيجية القوميين الاستقلاليين الاسكتلنديين، وسط ترجيحات بانعكاس آثاره على بقية أنحاء المملكة المتحدة والبلدان الأوروبية التي توجد فيها حركات استقلالية.
وبرز تحول في استراتيجية القوميين الاستقلاليين في اسكتلندا، يمثل توجهاً سياسياً جديداً تقوده نائب رئيس الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستيرغين، وهي نائب الوزير الأول اليكس سالموند الذي استقال غداة ظهور نتيجة الاستفتاء.
وأوحت ستيرغين لدى إعلانها تدشين حملتها لخلافة سالموند الأربعاء الماضي بأنها تفضل الحكم الذاتي الموسع لاسكتلندا على استقلالها. وهذا يعني قبولاً صريحاً بنتيجة الاستفتاء الرافضة للاستقلال والتكيف وفقاً لهذه النتيجة.
حكم ذاتي
وأشارت ستيرغين، كما أشار سالموند في كلمة استقالته، إلى تعهدات رؤساء الأحزاب البريطانية الثلاثة الكبرى، أي المحافظين والعمال والديمقراطيين الأحرار، في الأيام السابقة للاستفتاء بتعزيز صلاحيات البرلمان الاسكتلندي إذا أسفر الاستفتاء عن رفض الاستقلال.
ويرى مراقبون أن المتشددين حتى في الحزب القومي الاسكتلندي باتوا مضطرين الآن لاتباع نهج رئيستهم المقبلة ستيرغين.
وقال النائب السابق لرئيس الحزب القومي الاسكتلندي جيم سيلارز الأسبوع الماضي إنه يعتقد أن الحزب يجب أن يخوض الانتخابات العامة في 2015 على أساس المطالبة بأقصى حد من الحكم الذاتي في كل المجالات، باستثناء السياسة الخارجية والدفاعية.
تأييد ستيرغين
ويقول محللون إن سعي ستيرغين إلى التعاون مع اللورد سميث، الذي عينه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون رئيساً للجنة التي ستشرف على توسيع صلاحيات البرلمان الاسكتلندي، يلقى تأييد سالموند.
ويرى هؤلاء أن بوسع ستيرغين، التي ارتفع عدد أعضاء حزبها القومي الاسكتلندي منذ الاستفتاء إلى 62 ألف عضو، متفوقاً بذلك على الديمقراطيين الأحرار، أن تحظى أيضاً بتأييد أوساط رجال الأعمال وقطاع واسع من أولئك الذين صوتوا بـ«لا» للاستقلال.
ومن المرجح أن يؤدي توجهها الجديد إلى تهميش قضايا أثارت الجدال قبل الاستفتاء، مثل العملة ومستويات الإنفاق وخطر الاعتماد على نفط بحر الشمال.
استقلال في أوروبا
أما في ما يخص التأثيرات في الرياح الانفصالية في أوروبا، فإن على رأس القائمة رغبة الكاتالونيين في الاستقلال عن إسبانيا، على رغم أن لهم برلمانهم وشرطتهم ونظامهم التعليمي والصحي الخاص بهم.
وقد أعلن هؤلاء أنهم يعتزمون إجراء استفتاء على الاستقلال في 9 تشرين الثاني المقبل على رغم معارضة الحكومة الإسبانية له على أساس أنه غير دستوري.
وفي بلجيكا تظاهرت قبل أيام من الاستفتاء الاسكتلندي مجموعة من القوميين الفليمنكيين للمطالبة باستقلال منطقتهم الفلاندرز القريبة من العاصمة بروكسيل.
وبعد أيام أعلنت البندقية رغبتها في الاستقلال عن إيطاليا، وأشار استفتاء على الانترنت إلى أن 9 من كل 10 من أهالي البندقية يؤيدون استقلالها. وهناك أيضاً عصبة الشمال المطالبة باستقلال شمال إيطاليا.
وهكذا يبدو أن الاستفتاء الاسكتلندي يمثّل بداية وليس نهاية الدعوات الى استقلال مجموعات قومية في بعض الدول الأوروبية.
4 شعوب
لا تقتصر انعكاسات نتيجة الاستفتاء على اسكتلندا، وإنما ستمتد إلى بقية أنحاء المملكة المتحدة، إذ قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون غداة الاستفتاء أن نتيجته «أبقت بلدنا المكون من أربعة شعوب متحداً»، مضيفاً أن الوقت حان لتسوية دستورية جديدة ليس لاسكتلندا وحدها وإنما لبقية أنحاء المملكة.