بدء تنفيذ اتفاق التهدئة… الجماعات المسلحة «حيص بيص»والدولة شرقاً دُرْ حرب المهل: باسيل 19 حزيران والخليل 15 أيار… ومصير النسبية بيد عون
كتب المحرّر السياسي
العين على سورية أبعد من حدودها بكثير، فعلى رقعة الشطرنج السورية تُخاض لعبة الأمم، وهناك ترتسم معالم نظام إقليمي جديد تقوده روسيا بركنين تركي وإيراني، وفي المقابل تحفّظات وتساؤلات أميركية تصل حدّ التجاذب حول المجال الجوي والدورين الإيراني أولاً والتركي ثانياً، بحثاً عن إرضاء للسعودية و«إسرائيل» بجوائز ترضية لا يحققها، تأتلف مع الحضور البارز لإيران ولا يحققها حصر الدور الموازي بتركيا، وربما تكون فرصة دخول واشنطن لاسترداد الرئاسة المشتركة مع روسيا لأستانة كما في جنيف وضمّ السعودية للثنائي التركي الإيراني بديلاً في العقل الأميركي، لكن الخشية من مترتباته بالتسليم بتشريع دور إيران وإلزام السعودية بالتطبيع في ملفات الخلاف من سورية والعراق وصولاً لليمن، وانتهاء بقسمة الدور الذي تحجز مقعده تركيا اليوم على مقعدين تركي وسعودي وربما على ثلاثة بإضافة مصر عندما يجري البحث بنشر المراقبين. وثمة من يقول في واشنطن إنّ هذه الصيغة هي المشروع الروسي الخفي الذي يُراد استدراج إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمطالبة به فيصير القبول الروس الإيراني إنجازاً لأميركا وحلفائها.
وزيرا خارجية واشنطن ريكس تيلرسون وموسكو سيرغي لافروف سيلتقيان الأربعاء في ألاسكا، وعلى رأس جدول الأعمال مناطق التهدئة في سورية، بينما الجماعات المسلحة في حال ضياع بين متناقضات. التطلع لمكاسب الانضمام لمناطق التهدئة، وكلفتها بالانفصال عن النصرة، وبين التسليم بمكانة إيران في الحلّ وإغضاب السعودية أو رفض الحلّ وإغضاب تركيا، في المقابل الدولة السورية مرتاحة مع دخول تفاهم أستانة حيّز التطبيق منتصف الليل، لما أنجزت بردّ الاعتبار لربط التهدئة بالانفصال عن الإرهاب ومحاربته، ولما ستنجز بالتوجه نحو الشرق لحسم سيطرتها على البادية السورية ووصولاً للحدود السورية العراقية وإغلاق منافذ العبث التي تنتظر هذه المناطق، وفقاً لما يريده الأميركيون لسياق الحرب مع داعش ونقل قوات التنظيم نحو البادية، ولمستقبل الفصل بين سورية والعراق.
لبنانياً، حرب مهل ومشاريع فوق الطاولة، ومساعٍ لتوافق تحتها، فرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية يعلن أنّ مهلة الفصل لولادة قانون جديد هي نهاية الولاية الممدّدة للمجلس النيابي الحالي في التاسع عشر من شهر حزيران، بينما يُعلن وزير المالية علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي، أنّ المهلة الأخيرة للتسويات هي الخامس عشر من أيار وبعدها عودة للطرح المبدئي بالنسبية الشاملة ولا تنازلات عندها.
مصدر متابع للاتصالات وعلى صلة وثيقة بمداولات الكواليس السياسية حول مناقشة مستقبل القانون الجديد ومستقبل فرضيات ما بعد انقضاء المهل، قال لـ«البناء» إنّ الأمور تبدو ببساطة منوطة بالإجابة عن سؤال، إلى أيّ مدى سيحسم رئيس الجمهورية أمر السير بقانون، وفقاً للنسبية، لأنّ القانون القائم على التأهيل، كما طرحه الوزير باسيل سقط نهائياً بعدما حسم الرئيس نبيه بري وقوفه مع النائب وليد جنبلاط في رفضه، والتمديد سقط نهائياً بعدما ردّ الرئيس سعد الحريري على وقوف بري مع جنبلاط بإعلان رفضه للتمديد، وقد صار التناقض الحريري الجنبلاطي أحد محركات الاصطفافات، ومثله التناقض الباسيلي البرّي. وهما تناقضان كافيان لتعطيل فرص التسويات، إلا إذا حسم رئيس الجمهورية ترجيح كفة النسبية من دون التبنّي الحرفي لموقف باسيل. فللنسبية حظوظ تتمثل بقبولها تقريباً من الجميع، إذا أراد الرئيس عون طرحها في التداول.
وماذا لو لم يفعل الرئيس عون ذلك؟
يجيب المصدر، في هذه الحال سنذهب إلى نهاية ولاية مجلس النواب من دون قانون جديد، والرئيس بري تخلّى عن موقع طرح المبادرات ويترك الكرة في ملعب رئيسَي الجمهورية والحكومة ليتحمّلا مسؤوليتهما بإقرار مشروع في الحكومة متضمّناً تمديداً لولاية المجلس الحالي لحين موعد الانتخابات الجديدة، وإرساله إلى المجلس النيابي ضمن مهل الدورة العادية قبل نهاية الشهر الحالي، أو مشفوعاً بفتح دورة استثنائية لما بعد ذلك التاريخ، أو توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفقاً لقانون الستين باعتباره القانون النافذ، ومن ضمنه تمديد ولاية المجلس لمدة ضرورية وتعديل المهل في القانون ليتمّ إجراء الانتخابات.
وماذا لو لم يتمّ أيّ من ذلك؟ يقول المصدر، هذه هي الهاوية التي قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إنّ البلد سيذهب إليها بدون لغة التسوية والتنازلات المتبادلة والتي يفصلنا عنها شهر ونيّف، وقليل من العقلانية الضائعة.
خليل: طرح برّي باقٍ حتى 15 أيار
رغم المناخ التفاؤلي الذي أُشيع بعد جلسة مجلس الوزراء أمس الأول، بقرب ولادة قانون جديد للانتخاب، لكن لم تبرز معطيات جديدة تغيّر في المشهد الانتخابي في ظل تمترس الأطراف كافة خلف مواقفها ورفع سقف التحدي وتجميد الاتصالات ومشاورات الغرف المغلقة والاستعاضة عنها بتبادل الرسائل السياسية العلنية بين الحين والآخر، بانتظار أن يدعو رئيس الحكومة سعد الحريري اللجنة الوزارية المكلفة بحث قانون الانتخاب الى الاجتماع.
وبعد تلويح ثنائي التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» في مجلس الوزراء بالتصويت على مشاريع قوانين الانتخاب، ردّ وزير المال علي حسن خليل أمس بالتحذير بأن «طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري على مجلس شيوخ وقانون انتخاب نسبي بدوائر 6 على أساس النسبية الكاملة باقٍ حتى 15 هذا الشهر وبعدها سنعود الى طرحنا الأساسي، النسبية الكاملة، ولن نقبل إلا بالنسبية الكاملة، ولن نتراجع عن طروحاتنا ولن نقبل بأن نبتز بالعودة لطروحات البعض ومشاريعهم التي لا تؤدي إلا إلى فرز وتقسيم».
وإذ رفض تجاوز مكوّنات معينة في مسألة قانون الانتخاب والتصويت عليه في مجلس الوزراء، أشار خليل خلال احتفال في صور الى «أننا وحلفاءنا في حزب الله، لسنا قلقين على وضعنا الخاص، منطلقنا هو التفتيش عن قانون يؤمن العدالة على مستوى الوطن»، وشدّد في الوقت نفسه على «أننا لسنا في قطيعة مع أحد وما زلنا منفتحين للمناقشة ومستعدين للمناقشة لأبعد الحدود، من أجل أن نصل الى قانون».
وقالت مصادر نيابية مطلعة لـ«البناء» إن «الرئيس بري لم يقفل أبواب الحوار مع أحد، وإذا كانت هناك مستجدات على صعيد قانون الانتخاب تستدعي اللقاءات فسنلبّي الدعوة»، موضحة أن «الرئيس بري أصرّ على التمديد للمجلس الحالي حماية للبلد من الفراغ القاتل، لكن بعد أن رأى حملة المزايدة من قبل البعض برفض التمديد واتهام رئيس المجلس بأنه يسعى لتمرير التمديد في الجلسة المقبلة، اضطره الى حسم موقفه برفض التمديد الذي لطالما نادى به بعض مَن يعترض عليه اليوم».
وأشارت المصادر إلى أن «المشروع التأهيلي سقط ولا يفكر أحد بتمريره بصيغته الحالية. وهو مختلف تماماً عن اقتراح التأهيلي الذي قدمه الرئيس بري في وقتٍ سابق». ولفتت الى أن «الجلسة النيابية المقبلة ستكون عادية بجدول أعمال محدد، لكن في حال أرسلت الحكومة مشروع قانون سيُدرجه على الجدول وتجري مناقشته وإقراره بعد التوافق عليه».
وأضافت أن «بري ينتظر ويراقب الى أين ستذهب الأمور وإلى أين تؤدي الاتصالات وسيترك إدارة الازمة للقوى السياسية، لكنه يشدّد على أن إجراء الانتخابات النيابية وتجنّب الفراغ هما أهم من القانون نفسه»، وجزمت المصادر بأن «بري سيدعو الى جلسات متتالية حتى 31 أيار الموعد الفاصل لانتهاء العقد العادي وفي حال لم نصل الى تفاهم، فإن الفترة الفاصلة بين 31 أيار و19 حزيران تحتاج الى فتح دورة استثنائية للمجلس لإقرار قانون الانتخاب أو لتعديل المهل لإجراء الانتخابات النيابية على القانون النافذ».
الرقص على حافة المهل
بينما يستمرّ التيار الوطني الحر و«القوات» في الرقص على حافة المهل، ويسعيان بكل الإمكانات والطاقات والوسائل السياسية والدستورية والشعبية، الى فتح المهلة الممنوحة للقوى السياسية للتوافق على قانون جديد من 15 أيار المقبل الى 19 حزيران موعد نهاية ولاية المجلس الحالي، وبالتالي تجنب التمديد أولاً ووضع مفتاح المجلس النيابي بيد رئيس الجمهورية ثانياً، ما يشكّل وسيلة ضغط يستعملها الثنائي المسيحي على الأطراف الأخرى للمقايضة بين فتح عقد استثنائي للمجلس شرط التصويت على مشروع القانون الذي يريده التيار والقوات وإرغام رئيس المجلس وقوى أخرى ترفض التأهيلي على السير به خشية الفراغ». لكن مصادر رئيس المجلس تؤكد لـ«البناء» أن «بري لن يرضخ، وكما أن هناك المادة 59 من الدستور والـ 65، توجد مادة تتحدّث عن عريضة يقدمها 65 نائباً الى رئيس الجمهورية يطالبونه بفتح دورة استثنائية والرئيس ملزم بفتحها».
ولفتت المصادر الى أن «التصويت في مجلس الوزراء حق دستوري، لكن من جهة ثانية هناك مقدمة الدستور: لا شرعية لسلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وبالتالي قانون الانتخاب يحتاج الى توافق جميع المكوّنات السياسية التي تمثل بشكل أو بآخر المكونات الطائفية في البلد».
وتابعت: «ليس فقط وزراء كتلة التنمية والتحرير رفضوا التصويت في مجلس الوزراء، بل وزراء حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي و8 آذار. قانون الانتخاب لن يمر إلا بالتوافق ومَن يدعو الى التصويت في مجلس الوزراء، لماذا عطّل انتخابات رئاسة الجمهورية ومنع التصويت وتغيّب عن الجلسات إلا بعد حصول التوافق؟
لكن هل يستطيع بري تأمين 65 نائباً في ظل موقف الحريري المتناغم مع الوزير جبران باسيل وبعد انقلابه على خيار التمديد؟
وفقاً لمصادر مطلعة، فإنه «عندما نصل الى هذه المرحلة المفصلية، سيحصل انقسام في كتلة المستقبل تجاه فتح العقد الاستثنائي، كما حدث عشية انتخاب رئيس الجمهورية وبالتالي نواب أمل وحزب الله و8 آذار والمستقلون وعدد من النواب المستقبليين سيؤمنون 65 نائباً وتعدّل المهل وتجرى الانتخابات على الستين».
بعبدا: القانون على السكة
لا يزال التفاؤل سيد الموقف في بعبدا، التي أكدت أوساط سياسية مقرّبة منها لـ«البناء» «أننا عشية إنتاج قانون انتخاب جديد، متحدّثة عن قرار لدى صناع القرار على مستوى أركان الدولة للتفاهم على ضرورة إنتاج قانون جديد»، وأشارت الى أنه «عندما يقول الرئيس بري إن لا تمديد للمجلس الحالي، فهذا يعني أننا وضعنا القطار على سكة قانون جديد وإن المعركة حُسمت بهذا الاتجاه». وأوضحت الأوساط أن «النسبية الكاملة ستكون الأساس في أي قانون، لكنها دعت الى تفسير مفهوم «القانون الوطني العادل»، مشيرة الى أن «مشروع التأهيل هو أحد صيغ النسبية الكاملة وإن كانت المرحلة الأولى منه تتم على أساس التصويت الطائفي، لكنها مرحلة تأهيلية واختيار المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات على النسبية الكاملة»، وتساءلت: «مَن يختار المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات في مشاريع النسبية الكاملة؟ أليس رؤساء الكتل الذين هم زعماء الطوائف والأحزاب التي لا زالت أحزاباً طائفية وتمثل الطوائف؟
وتستبعد الأوساط الفراغ من الخيارات المطروحة، وبعد إسقاط التمديد، تضيف: «عندما نصل إلى نهاية ولاية المجلس من دون الاتفاق على قانون، سيحتكم الجميع إلى الدستور وستدعو الحكومة إلى إجراء الانتخابات على القانون النافذ وحينها رئيس الجمهورية سيوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة».
وأوضحت أن «طرح رئيس البلاد بالتصويت في مجلس الوزراء على مشاريع القوانين، لا يعني أنه سيطرحه في الجلسة المقبلة أو التي تليها، بل هو يتحدّث في إطار الدستور الذي ينص على اللجوء الى التصويت بعد إجراء كل ما يمكن لتحقيق الوفاق، والدستور يلزم مجلس الوزراء باتخاذ القرارات بالتوافق، لكن عندما تفشل المساعي يلجأ الى التصويت».
كما أوضحت الأوساط نفسها أن «العماد عون وتكتل التغيير والإصلاح رفضوا التصويت في مسألة انتخاب رئيس للجمهورية، كما رفضوه في حكومة الرئيس تمام سلام، لأن التمثيل في السلطة الاشتراعية لم يكن سليماً بسب التمديد للمجلس النيابي مرتين، كما أن التمثيل في رئاسة الجمهورية أيضاً بعيداً عن الحالة الميثاقية والتمثيلية، لكن الآن هناك رئيس يجسد الحالة التمثيلية والميثاقية والدستورية ومؤتمن على الدستور ومسؤول عن الميثاق، وسيحرص ويسهر على تطبيقه وبالتالي لن يطرح ما هو غير ميثاقي».
بيت الوسط في الوسط
وفيما يلازم بيت الوسط الحفاظ على موقعه في الوسط وإمساك العصا من نصفها، ويحاذر الصدام المبكر مع رئاسة الجمهورية، يشير مصدر قيادي مستقبلي لـ«البناء» إلى أن «القوى السياسية فشلت حتى الآن في إنتاج قانون جديد، والسبب تعطيل الذين يرفضون الانتخابات من دون قانون جديد، بيد أن الجميع يدرك مسبقاً بأنهم لن يتفقوا على قانون».
ويرى المصدر بأن «لا معطيات جديدة تشي بقرب الوصول لاتفاق حتى الآن، مستبعداً حدوث مستجدات سريعة أو مفاجئة، إذ لا زالت المواقف متباعدة»، موضحاً أن «كلام رئيس الحكومة سعد الحريري عن قرب التوصل لقانون ليس سوى إشاعة مناخ إيجابي في البلد وتخفيف التشنج بعد التصعيد في المواقف».
ولفت الى أن «المستقبل يتلاقى مع المشروع الذي يطرحه حزب الله النسبية الكاملة على دوائر كبرى الذي يحقق من خلاله التيار الأزرق العدد الأكبر من المقاعد». وأشار الى أن «سبب صمت الحريري إزاء تلويح الرئيس ميشال عون بالتصويت في جلسة مجلس الوزراء، هو تجنّب المواجهة مع عون، وهو الذي خبر وعايش حالة الخلاف السياسي العقيم وسياسة تعطيل المؤسسات في الأعوام الماضية ولا يريد تكرار ذلك».
وأضاف المصدر المستقبلي: «من المبكر الحديث عن موقف رئيس الحكومة في حال طرح عون مشاريع القوانين في مجلس الوزراء على التصويت قبل نهاية ولاية المجلس النيابي»، لافتاً الى أن «التيار يترك لرئيسه وفريقه الاستشاري اتخاذ القرار في موضوع قانون الانتخاب»، لكنه توقع أن «يتم التوافق على مخرج لتأجيل جلسة 15 أيار».
توقيف إرهابيين في عرسال وصفاريه
أمنياً وفي إطار إنجازاتها في مكافحة الإرهاب، تمكّنت مخابرات الجيش اللبناني من توقيف الإرهابي السوري محمد حسن حصوة بعملية نوعية في عرسال.
والإرهابي حصوة قيادي في جبهة النصرة ومسؤول عن تجهيز وتوزيع العبوات الناسفة.
كما أوقفت المديرية العامة لأمن الدولة السوري أ-أ ، وذلك أثناء تواجده بصورة مشبوهة قرب بعض المحال في بلدة صفاريه – الجنوب.
وبعد التحقيق مع الموقوف اعترف بتواصله مع عدد من عناصر تنظيم داعش في سورية، كما عثر في هاتفه الخلوي على «صور لبعض عناصر التنظيم المذكور»، بحسب بيان المديرية.