ماكرون: رئيس 23 من الفرنسيين

حميدي العبدالله

فاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأغلبية أصوات الناخبين الفرنسيين، وبأغلبية كبيرة ميّزته عن مرشحة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان.

ولكن يمكن الاستنتاج بأنّ فوز ماكرون جاء نتيجة لتصويت أكثر من 66 من الفرنسيين لصالحه، ولكن لقطع الطريق على فوز مرشحة «الجبهة الوطنية»، أيّ أنّ الذين يؤيدون برنامج ماكرون هم الذين صوّتوا له بالدورة الأولى، ونسبتهم حوالى 23 من الناخبين الفرنسيين، وبالتالي هو رئيس لهذه النسبة فقط لا غير.

ربّ قائل في كلّ الانتخابات، سواء في فرنسا أو غيرها، حيث نظام الدورتين، فإنّ ما يحصل عليه الرئيس في الجولة الثانية، هو ما يعتدّ بها، ويصبح بالتالي رئيساً لكلّ الفرنسيين.

هذه الحقيقة، لا تصمد أمام ما هو متوقع أن يحصل في فرنسا بعد شهر من الآن، إذ من المعروف أنّ النظام السياسي في فرنسا، هو نصف رئاسي ونصف برلماني، وعادة إذا فاز حزب ما بأغلبية مقاعد الجمعية الوطنية البرلمان يشكل الحكومة حتى وإنْ كان الرئيس من حزب آخر، وفي هذه الحال يتمّ توزّع السلطات التنفيذية بين رئيس الجمهورية وبين الحكومة، وتسمّى هذه الحال في فرنسا بالمساكنة.

اليوم يتوقع أن تواجه فرنسا وضعاً غير مسبوق يتجاوز حال المساكنة، أيّ أنّ أيّ حزب من الحزبين الرئيسيين في فرنسا لن يحوز بمفرده على أغلبية في البرلمان المقبل تؤهّله بمفرده تشكيل الحكومة، وستتوزع مقاعد البرلمان الجديد في حزيران على خمسة كتل رئيسية أو أكثر، أيّ «اليمين الديغولي» و«الحزب الاشتراكي» الفرنسي، وحزب الرئيس الجديد «إلى الأمام» وحزب الجبهة الوطنية، إضافة إلى اليسار الجديد بزعامة جان لوك ميلانشون، ولكي يتمّ تشكيل حكومة جديدة لا بدّ من أن يكون هناك ائتلاف بين حزب الرئيس وأكثر من حزب آخر، أو أن تشكل أحزاب معارضة ائتلافاً حكومياً في ما بينها ولا يشارك في الائتلاف حزب الرئيس.

بديهي أنّ الحكومة الائتلافية لن تتشكل إلا بعد الحصول على تسويات واعتماد برامج مركبة تأخذ بعين الاعتبار برامج ورؤية الأحزاب المشاركة فيها.

بهذا المعنى، سيكون الرئيس الجديد يعتمد في تنفيذ سياساته وبرامجه على توازن القوى الحزبي والبرلماني، ولهذا فإنّ الرئيس ماكرون لن يكون قادراً على اعتماد سياسته الخاصة، ولهذا فهو رئيس لـ 23 من الفرنسيين، وليس رئيس كلّ الفرنسيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى