الأردن والحرب على سورية
حميدي العبدالله
تزايدت المؤشرات التي توحي باحتمال تورّط الأردن، بتحريض من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، بالمغامرة والدخول عسكرياً إلى أجزاء من الأراضي السورية بذريعة دفع أخطار الإرهاب على الأردن، أو المشاركة في محاربة داعش.
ولا تزال منطقة المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، ومنطقة المثلث الحدودي بين سورية والأردن وفلسطين، حيث تسيطر داعش على هذه المناطق هي المرشحة لمثل هذه المغامرة الأردنية.
ما زاد القلق من مثل هذا الاحتمال تصريحات الناطق باسم الحكومة الأردنية، حول عزم حكومته العمل بالعمق السوري، إضافة إلى الحشود العسكرية الأجنبية قرب الحدود السورية الأردنية التي تشارك في مناورات «الأسد المتأهب».
لكن السؤال المطروح الآن، هل يقدم الأردن على مثل هذه المغامرة؟
من الواضح أنه إذا كان هناك توجه أميركي للقيام بعمل عسكري داخل الأراضي السورية، فإنّ الأردن سيكون في طليعة هذا العمل، بمعزل عما إذا كانت مصالح الأردن تتضرّر أو لا تتضرّر جراء ذلك، لأنّ الأردن لا يستطيع ردّ طلب الولايات المتحدة، وإلا ستعبث بأمنه، وكانت حكومات الأردن تاريخياً ترضخ للضغوط الأميركية والغربية وتسير في ركب سياساتها بمعزل عن انعكاسات هذه السياسات على الاستقرار في الأردن. في ضوء ما تقدّم يصبح السؤال الأكثر دقة، هل تورّط الولايات المتحدة الأردن وتتورط هي في مغامرة عسكرية داخل سورية بذريعة مكافحة داعش؟
هذا الاحتمال لا يمكن استبعاده بالمطلق، ولكن دونه الكثير من العقبات التي تدفع واشنطن للتفكير كثيراً قبل الإقدام على مثل هذا العمل، ومن أبرز هذه العقبات أن تورّط الأردن ومن ورائه الولايات المتحدة، وربما الكيان الصهيوني في حوض اليرموك، بعمل عسكري مباشر، قد يقود إلى تحوّل الحرب في سورية إلى حرب إقليمية تمتدّ إلى الأردن والكيان الصهيوني، ومن شأن ذلك أن يولد تداعيات ومخاطر تفوق كثيراً المخاطر الحالية لاستمرار الحرب على سورية، لا سيما أنّ الحكومة السورية بلسان وزير الخارجية الأستاذ وليد المعلم حذرت الأردن ومن يقف وراءه من مغبة مثل هذا التورّط، كما أنّ حلفاء سورية، وإنْ لم يصدروا بيانات رسمية علنية، قد حذروا الأردن من الخطأ في الحسابات، لأنّ ذلك سيكون مكلفاً جداً للأردن وللولايات المتحدة، وقد جاء هذا التحذير بصيغة حشود للجيش السوري وحلفائه وبدء عملية قرب مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، وجاء التحذير أيضاً على لسان مصادر مطلعة أكدت أنّ حلفاء سورية والجيش السوري سيجعلون أيّ مغامرة عسكرية داخل سورية مكلفة للغاية.
وبمعزل عن هذه التحذيرات، فإنّ تطوراً من هذا القبيل سوف يلهب المنطقة برمّتها، والأرجح أن ليس لأحد مصلحة في ذلك، على الأقلّ في هذا التوقيت بالذات، ولا سيما في ظلّ انتشار الفوضى والاضطراب على امتداد المنطقة.