هل يتّحد المواطنون لدرء الخطر عن الوطن؟
كتب سامر اسماعيل من دمشق سانا : ذهب المخرج سهيل عقلة في عرضه «الطوفان» إلى خيار المسرح الواقعيّ، منجزاً عمله الجديد هذا لفرقة المسرح العمالي، مشتغلاً على حضور الممثل وأدائه وجهاً لوجه مع الممثل الشريك، معولاً على المسرح الشعبي الذي غاب في السنوات الأخيرة عن المسارح السورية بعد سنوات طويلة من عشرات العروض التي قدمتها فرق مسرح العمال والمنظمات والنقابات على امتداد الوطن.
افتتح المخرج عقلة عرضه على مسرح الحمراء مشتغلاً على نص الكاتب جوان جان الذي يوضح أنه التعاون الثاني مع مخرج «الطوفان» بعد «نور العيون» منذ نحو ستة أعوام، مضيفاً: «نص الطوفان كتبته منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، وهذه الشراكة اليوم مع المخرج سهيل عقلة تفتح المجال واسعاً لإعادة الألق إلى مسرح العمال الذي أراه من التجارب المهمة في تاريخ الريبرتوار السوري».
يتناول هذا العرض حكاية أهالي قرية سورية يجتمع وجهاؤها وأعيانها للتباحث في كيفية مواجهة الطوفان القادم ودرء أخطاره، إلاّ أن خلافات عديدة تنشأ أثناء مناقشتهم الموضوع لتطغى الخلافات والمصالح الشخصية على هاجس إنقاذ القرية من خطر الغرق وضياع الغلال وحلول الخراب، فالنص يروي حكاية عشر شخوص تتناوب على الصراع، أبرزها المختار والآغا ومديرة المدرسة ومعلم المدرسة والعشيقة ورئيس المخفر.
اعتمد مخرج العرض بنية تقليدية في تشكيل فضاء المسرح، مستنداً إلى ديكور الفنان سامي حريب وإضاءة بسام حميدي، عبر التركيز على مكان لقاء الشخوص في مضافة المختار وما يدور فيها من أحاديث ونميمة وإشاعات جعلت العرض، في الجزء الغالب منه، معتمداً على حوارات مطولة أثّرت في إيقاع المسرحية، بينما أبقى المخرج على قطع الديكور التي جاءت على شكل سبحة كما هي من دون أن توظيف واضح في مجرى الحدث أو تعامل الممثل معها على الخشبة، بل كدلالة على فرط حبات العقد الاجتماعي في غياب شعور بعض الناس بالمسؤولية حيال وطنهم.
نقرأ لأمانة الثقافة والإعلام في اتحاد عمال دمشق على كتيّب العرض: «الإنسان بالعمل وبالإنسان. كلاهما شرط للآخر يرتقي به. ويظل الإنسان في دائرة هذه العلاقة العنصر المحور والناظم والحاكم.إذ ان العمل شرف الإنسان، فانظر ماذا تعمل». ويقول مخرج العرض سهيل عقلة: «عندما يتشظى المجتمع وتتغير الأفكار وتتباعد القلوب وتسيطر الأنانية تقسو القلوب وتسود الأنا وتتبلد المشاعر ويحدث الطوفان».
نجح العرض في خلق طقسية صوفية عمادها الغناء ورقص المولوية، جنباً إلى جنب مع الترتيل الكنسي، في إشارة قوية الى العيش الوطني المشترك، وعبر تنويع مستمر بين الأداء الجماعي والفردي على خشبة مسرح الحمراء الذي شهد جمهوراً كبيراً في أولى أيام «الطوفان» الذي يستمر في عروضه حتى مساء الغد، تمثيل الفنانين: فهد السكري، إميل حنا، مؤيد الأحمد، ياسر البردان، غسان مارديني، سمير اللوجي، أنور النصار، ديالا العلي، لين حديد، بلال الطيان. تصميم إعلاني زهير العربي، تنفيذ إضاءة عماد حنوش، تنفيذ صوت راكان عضيمي، إدارة منصة أنس طبري، إنتاج وزارة الثقافة مديرية المسارح والموسيقى ، بالتعاون مع فرقة المسرح العمالي وأمانة الثقافة والإعلام في اتحاد عمال دمشق.