«النواعير من عجائب الماضي» محاضرة في حمص

تناول الباحث المؤرخ فيصل شيخاني في محاضرة تحت عنوان «النواعير من عجائب الماضي… تقنية مبتكرة قديمة وذكرى تفيض بعبق الماضي» المراحل التاريخية التي مرت بها النواعير، بدءاً من ابتكارها، مروراً باقسامها ومناطق انتشارها. وبيّن شيخاني في صالة المركز الثقافي في حمص أن الإنسان القديم اعتمد في سقايته للأراضي التي يتعذر عمل السدود فيها على الحيوان أو الإنسان، برفع المياه إلى أعلى بواسطة تقنية بسيطة، كما في الشادوف المستعمل على شواطئ نهر النيل في الريف المصري. لكن النقلة النوعية كانت لدى اختراع الناعورة، إذ أفاد الإنسان من نقل المياه إلى الأراضي المرتفعة من دون جهد عضلي، كما أفاد من جريان المياه لإدارة الناعورة وربط بها الأوعية التي تمتلىء بالمياه في أسفل الناعورة التي تدور وتنقل المياه إلى المجرى الأعلى الذي يستند إلى أقواس مبنية بطريقة العقد القوسي الذي يعلو عشرات الأذرع فتصل المياه إلى الأمكنة التي تحتاج إليها بتقنية وصل إليها الإنسان العربي في بلاد الشام باكراً.

حول أقسام الناعورة، أوضح عضو الجمعية التاريخية أن جميع النواعير، الكبيرة منها والصغيرة، تتألف من محور أفقي تتصل به أنصاف أقطار تشكل دائرة يوجد على محيطها أوعية أو دوارق أو سطول وهي غالباً من الخشب وتتراوح أقطارها بين ثلاثة أمتار إلى عشرات الأذرع أو الأمتار وتصدر النواعير أصواتا تسمع من مسافة كبيرة ويسمى صوتها «النعير».

وجاء في القاموس المنجد أن الناعورة تعني آلة لرفع الماء، قوامها دولاب كبير وقواديس مركبة على دائرة وجمعها نواعير. وعن أماكن انتشار النواعير في الماضي يلفت شيخاني إلى أن النواعير كانت تحتل جوانب نهر العاصي والفرات ورافده نهر الخابور في بلاد الشام، وأكثرها كان على نهر العاصي، ومنها الكبيرة التي يفاد منها في ري مساحات واسعة من البساتين، خاصة في مدن حمص وحماة وجسر الشغور وغيرها. ولكن معظم النواعير وجدت في مدينة حماة حيث يمر نهر العاصي في منخفض وسط المدينة، ما جعل السكان يكثرون منها حتى اشتهرت باسم مدينة النواعير واعتمد عليها تماماً في سقاية الأراضي الخصبة.

الجدير ذكره أن منظمة العواصم والمدن الإسلامية منحت شيخاني لقب الدكتوراة الفخرية عام 1997 تقديرا لجهوده العلمية وعطاءاته المعرفية واحتراماً لمثابرته وصبره في كل ما أنتج وأبدع واكتشف، إذ زادت مؤلفاته على ثلاثين تنوعت في مجالات اهتماماته التاريخية والأثرية والسياحية النابعة من حب تراثه الوطني والقومي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى