كان الله عارياً

نضال القادري

كان الله عارياً في حلبا

وكان الزمان

نعناع صبح تفتّح فوق دم الخيزران

كنّا نحب الله في حلبا

وما كان

لخلفاء الله على الأرض ورع أو خوف

فنُحرنا يوم حرق الوطن من دون دخان

وسُلخنا، ساعة سلخ الوطن كالثيران!

هذا الأبيض كفني

وهذا المقتول أنا

وساعة تعطش الأرض تشرب من دمي

أنا لها / وهي لي

ولحمي زاد لأمسي

فلا يهمّني كيف أموت، ولكن

زنابقي تسأل الله: بأيّ ذنب قُتِلت!

وأيار يسأل عن شقائق النعمان

عن سيرة الخلفاء الراشدين

عن «الخلفاء المخصيين»

عن عمامة أبي لهب الذي قتل العشيرة

واغتصب نسور الله على الأرض

ومارس الفحش، والبطش، والرذيلة!

لبنان!! يسأل الفينيق أيّ رماد ستنفض عن جناحيك؟

وأنت الأبكم، الأصم، والأعمى!

أحد عشر كوكباً تواروا

وكوّرت زوابع اللحم الطري

فوق سجادة الدين الحنبلية

غابة ورد سخية ندية!

إذ لا فرق في دين الخلفاء

أن تموت اليوم شنقاً

على الطريقة الجديدة من أجل قضية،

أو نكاحاً أخوياً بنيران مَن ولدتهم أمك

أو في الغد بفتوى شرعية!

أحد عشر كوكباً تواروا

ولبنان لا شيء سوى شاهد زور ثقيل

تأكله حيتان الدراهم والفلوس

ينخره السوس

والمضاربون

والمقاولون

وكل على طائفة يدوس!

أحد عشر كوكبا تواروا

ولبنان لا شيء سوى مناورات

وساحات واستباحات ورذيلة.

وأثلاث، وأعشار ،

وبين الثلث الضامن

والثلث المعطل

تذبذب كذب وكذب وكذب

وشعب يُحرَق في الحطب!

بائس هذا الأبيض حلمي

أي ساسة في بلادي

أي جرب

«كل الرايات تخفق لأبي لهب»

للعشيرة

للسلالة الزرقاء من دون سبب!

الشعراء وحدهم ملائكة هذا الزمان

وحدهم يعرفون كيف تُكتب القصائد

وكيف تُوزع كالخبز على الجيران

كيف يكون «الله» كافراً في حلبا

ولم يلد ولم يولد / إلا في غير مكان!

كيف يكون الورد كافراً في حلبا

ويحلل ذبح الورد من الشريان؟

كيف وكيف وكيف؟

لماذا تُقتل العصافير في مهدها؟

وتحت سجادة أي دين؟

وأي رماد ستنفض عن جناحيك يا لبنان؟

في غرف النوم والصالونات

يمجد اسم الله

فاقرأ باسم ربك كل صباح

ما قاله السفراء

والسفهاء

والأجانب

والكلاب المنسيون

وحدّث بنعمة ربّك، وبارك

عمائم «الخلفاء المخصيين» إلى يوم الدين!

في دساكر الأمن الوطني

تتكدّس الغرف السوداء

كتبة ومأجورين

ومحققين

وكذابين

مالاً، ونساء، وبنين

ورذيلة

وقوّادين من فصيلة «كونداليزا»

وفي غابة الوطن

فهود الطريق الجديدة

يكسرون «الموناليزا»

يخترعون 40 حرامياً، وعلي بابا

يغنّون لبسمارك

وللصيف الساخن،

وقد أجاز الغناء مفتي البربارة

في السر.. في العلن.. وبصريح العبارة!

وعلى المسرح

أبي لهب وقيثارة، وزعران ينبحون

أيها العلمانيون:

أنتم الدخلاء

أنتم العملاء

أنتم اللقطاء!

ونحن نعرف أن كان الله عارياً في حلبا

وكان الزمان

نعناع صبح تفتّح فوق دم الخيزران

ونحن نعرف أن نحرنا عبادة كان

وتحطيماً للأوثان

هذا الإله يسكن في حارتكم

فلكم ربكم ولنا لبنان

وللقتل إله آخر لا نعرفه

ممنوع من حارتنا

وتعبدون ماله المتناثر في كل مكان!

أحد عشر كوكباً تواروا

ولبنان لا شيء سوى غابة ومغارة

للوحوش من كل الأجناس

وقل: «أعوذ برب الناس من شر الوسواس الخناس»

ألا سائل رب هذا الزمانْ

كيف لأبي لهب أن ينتصر؟

وقد بلغني على عجل

أنّ للعمائم المعلقة رباً أعمى

ولنا نصراً وتاجاً وصولجانْ

وأنّ في الزرازير جبناً وهي طائرة،

وفي النسور شموخ وهي تحتضر.

كتبت بمناسبة ذكرى مرور أحداث مجزرة حلبا التي سقط ضحيتها 11 مدنياً بسبب انتمائهم الفكري على يد الأقلام المتحجّرة في كهوف الجاهلية الطائفية!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى