أول غيث قطر… إبراهيم يتوصل لاختراق أول في ملف المخطوفين
كتب المحرر السياسي:
ملف التفاوض حول العسكريين المخطوفين بوساطة قطرية يتقدم ويحقق خطوة تمثل أول الغيث، كما قال مصدر على صلة بملف التفاوض لـ«البناء» بعد إشارة أولى إلى نجاح مهمة اللواء عباس إبراهيم بإحداث الاختراق الأول، حيث أفرج «داعش» عن المعاون أول كمال الحجيري الذي كان قد تمّ خطفه قبل شهرين بمعزل عن العسكريين المخطوفين وسلّمه إلى الموفد القطري. وقالت المصادر نفسها إنّ المسيرة لا تزال معقدة وشائكة وطويلة.
وعلى رغم هذا الاختراق، اخترق المشهد اللبناني الرتيب، وصول أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني الأميرال علي شمخاني إلى بيروت، حاملاً مشروع بلاده لتقديم ما يحتاجه الجيش اللبناني من سلاح وتجهيزات بلا شروط.
الزيارة وما تضمّنتها والتجاوب الحكومي اللبناني مع ما تضمّنته من استعدادات، تخطيا بعيون المتابعين في السفارات العربية والغربية، الإشارات التقليدية، فالأمر أكبر من اهتمام إيران وجديتها بمتابعة ما سبق وأعلنته مراراً من استعدادها لتسليح الجيش اللبناني، فلا يستدعي تأكيد الاستعداد كموقف سياسي مجيء الشخصية الأمنية الأولى في إيران والمسؤول عن ملفات العراق واليمن والبحرين وسورية ولبنان، كما تشير جداول زياراته ومواعيده لمجرّد تأكيد إعلامي، والأمر أبعد من شعور لبناني بالتخلي، بعد تعثر كلّ المشاريع وتبخر الآمال بتسليح فرنسي او أميركي وتمويل سعودي بدا كله أنه مجرّد موقف إعلامي أكثر مما هو التزام عملي سريع يحتاجه لبنان، فالحكومة اللبنانية لا تتفاعل إيجاباً وتعلن قبولاً لمستوى من العلاقة الحساسة مع إيران في لحظة دولية إقليمية حرجة تمرّ بها العلاقات الإيرانية – الأميركية والإيرانية – السعودية، لولا ضوء أخضر من واشنطن والرياض، أو أقله عدم ممانعة، ليصير الطبيعي أن يتساءل المتابعون، عما إذا الأمر الذي يجري بُعيْد انعقاد لقاءات نيويورك الأميركية والسعودية والبريطانية مع المسؤولين الإيرانيين، وبعدما كشفه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وأكده وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من وصول الملف النووي الإيراني إلى النهايات السعيدة، وبالتالي السؤال هل هذه بداية التفاهمات الكبرى، طالما أنّ واشنطن في ذروة قبولها بالإدارة السورية للملف اللبناني وصولاً إلى تسمية رئيس جمهورية مقاوم كالرئيس العماد إميل لحود، لم تتنازل عن حصرية مصادر تسليح الجيش اللبناني بربطه تدريباً وتسليحاً وتذخيراً بها، فكيف يكون لإيران هذا الدور من دون ممانعة؟
«الأمن القومي الإيراني» في لبنان وليس أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، هذا التعليق لمرجع ديبلوماسي لبناني سابق لخّص المشهد، عندما أضاف تمدّد «داعش» في لبنان خطاً أحمر اتفق عليه في نيويورك، وبالنتيجة ترجمة ذلك تحتاج جيشاً قوياً لكن من دون إثارة حفيظة المقاومة من جهة و«إسرائيل» من جهة مقابلة، فالغرب لا يستطيع تسليح الجيش وإثارة غضب «إسرائيل»، والتسليح الإيراني مصدر اطمئنان للمقاومة، ويصير السؤال المهم هنا هو هل أن من ينال تفويضاً بالرعاية لتسليح الجيش ينال ما دونه، ما دامت الرئاسة دونه.
كلّ ذلك خطف الأضواء عن متابعة الجلسة التشريعية التي تعقد اليوم لإقرار الصيغة التسووية لسلسلة الرتب والرواتب، التي بدا أنها ستنقل الملف الاقتصادي والمالي والاجتماعي من تأزم إلى تأزم من دون أن تفتح كوة في جدار السياسة المقفل.
وفيما تتجه الأنظار اليوم إلى ساحة النجمة حيث تنعقد الجلسة التشريعية بعد طول مقاطعة من «قوى 14 آذار» لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب، حوصر التفاهم الذي تم التوصل إليه باعتراضات واسعة من الهيئات الاقتصادية والنقابية على حد سواء، والإضراب العام الذي دعت إليه نقابة معلمي المدارس الخاصة اليوم، ليصبح بالتالي مصير السلسلة مجهولاً.
وبينما اعتبرت هيئة التنسيق النقابية السلسلة «غير منصفة للمعلمين الثانويين وغير متوازنة»، بحسب ما قالت أوساطها لـ«البناء»، أبلغت نقابة معلمي القطاع الخاص المعنيين اعتراضها الشديد على الصيغة أيضا لعدم إعطاء الدرجات الست لهذا القطاع الذي أعلن الإضراب العام والاعتصام في ساحة النجمة اليوم في محاولة لتسوية هذا الأمر.
كذلك برزت اعتراضات في السلك العسكري حيث اعتبرت أوساط هذا السلك أن هناك إجحافاً في حقهم وهذا ما طرح تساؤلات ما إذا كان سيصار إلى إجراء تعديلات إضافية على الصيغة أم أنها ستؤجل مرة أخرى مع العلم أن الصيغة تحظى بأكثرية نيابية ملحوظة.
وعلى ضوء هذه الاعتراضات برزت بعض الشكوك حول مصير السلسلة، لا سيما أن بري لوح أمام زواره مساء أمس، بإعادة السلسلة إلى اللجان إذا استمرت هذه الاعتراضات، منتقداً موقف رابطة المعلمين الثانويين بسبب احتجاجهم على إعطاء أساتذة التعليم الأساسي ست درجات، وقال أنا أفهم أن يعترض أحدهم على ما يحصل عليه لكن ليس على ما يقرر لغيره.
ومساء أملت هيئة التنسيق النقابية بعد اجتماع لها من المجلس النيابي «إقرار السلسلة التي تضمن حقوق القطاعات الوظيفية كافة بإعطاء جميع القطاعات نسبة زيادة واحدة 75 في المئة المتبقية من أصل 121 في المئة ».
وشددت على وحدة موقفها «بالحفاظ على وحدة التشريع بين القطاعين الرسمي والخاص وعلى تطبيق أحكام قانون السلسلة على المعلمين في المدارس الخاصة». وجددت رفضها تعديل القانون 223/2012، مؤكدة «الحفاظ على الفارق بين الفئة الثالثة للأستاذ الثانوي والفئة الرابعة للمعلم في التعليم الأساسي 6 درجات وفق الاتفاقات».
وأكد عضو رئيس نقابة المعلمين نعمة محفوض لـ«البناء» أن لا انقسام داخل هيئة التنسيق التي ستتوجه اليوم إلى الاعتصام في ساحة النجمة موحدة لتأكيد ضرورة إقرار السلسلة التي تضمن حقوق القطاعات الوظيفية كافة بإعطاء جميع القطاعات نسبة زيادة واحدة.
وبالتوازي أعلن الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية رفضهما لصيغة السلسلة، واعتبرت الهيئات أن السلسلة «ستوصلنا إلى كارثة مالية اقتصادية واجتماعية حقيقية». فيما رفض الاتحاد العمالي تحميل السلسلة «أعباء الرسوم والضرائب لتؤخذ من ذوي الدخل المحدود والعمال ولا تنصف العاملين في القطاع العام، خصوصا المتقاعدين والمتعاقدين والأسلاك الأمنية والعسكرية وموظفي الإدارة العامة».
تطور لافت في ملف المخطوفين
وفي تطوّر لافت في قضية العسكريين المخطوفين أوردت الوكالة الوطنية للإعلام أنّ الأمن العام اللبناني تسلّم مساء أمس اثنين من العسكريين المخطوفين في عرسال، واللذين كانا مع جبهة النصرة، بعدما كان قد تسلّم قبل ذلك من الوفد القطري الذي عاد من عرسال، المعاون أول كمال الحجيري الذي كان خطف أثناء تفقده مزرعة والده في وادي حميد.
وقالت مصادر معنية بهذا الملف إن تحريك المفاوضات يسير في شكل نشيط ولذلك بدأ مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم تحركاً باتجاه قطر وتركيا، مشيرة إلى وجود ايجابيات. لكن المصادر أوضحت أن الأمور تنتظر اتخاذ قرار في مجلس الوزراء يقر مبدأ المقايضة التي تحفظ هيبة الدولة وتراعي القوانين. ولاحظت المصادر أن الأمور تميل نحو توصل مجلس الوزراء إلى مخارج حول إجراء عملية تبادل مقبولة تعيد العسكريين إلى أهلهم. ورأت أن أجواء التوافق التي ظهرت في الفترة الأخيرة حول عدد من الملفات يمكن أن تنسحب على ملف العسكريين.
وكان أهالي العسكريين المخطوفين حاولوا توسيع تحركهم إلى نقطة المصنع الحدودية حيث حاولوا الاعتصام فيها لكن القوى الأمنية حضرت سريعاً وفضت الاعتصام ليعود الأهالي إلى ضهر البيدر. وزارهم بعد الظهر وفد ديني إسلامي مسيحي ونيابي، للتضامن مع الأهالي ودعوتهم إلى إعادة فتح الطريق بعدما أصبح البقاع كله في الأسر.
هبة إيرانية للجيش
في موازاة ذلك، وفيما يستمر التعثر في تنفيذ الهبات السعودية المخصصة لتسليح الجيش، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي شمخاني خلال زيارة خاطفة لبيروت التقى خلالها الرئيس بري ورئيس الحكومة تمام سلام والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن بلاده «قررت أن تقدم هبة عربون محبة وتقدير للبنان ولجيشه الباسل وهي عبارة عن بعض التجهيزات التي تساعد هذا الجيش في المواجهات البطولية التي يخوضها ضد الإرهاب الآثم». وأضاف: «طبعاً هذا الوعد ليس طويل الأجل وإنما ستقدم هذه الهبة بشكل عملي خلال زيارة رسمية يقوم بها وزير الدفاع سمير مقبل إلى إيران لاستلامها في شكل رسمي».
من جهته، أشار السيد نصر الله خلال استقباله شمخاني إلى أنه «في ظل التهديدات المعقدة وغير المسبوقة التي تشكل خطراً وجودياً على المنطقة وشعوبها، فإن أولويات حزب الله الآن هي لتفعيل المواجهة ضد الإرهاب التكفيري والعمل على منع انتقال الأزمة وعدم الاستقرار إلى المجتمع اللبناني، وتمتين وتعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية في لبنان».
وأكد السيد نصرالله أن «مواجهة الإرهاب التكفيري والتهديدات المتصاعدة تحتاج إلى إجراءات فعلية لا مسرحية وتجنب ازدواجية المعايير والتعاطي المشبوه مع هذا الإرهاب».
وربطت مصادر سياسية بين موافقة البعض في الحكومة على الهبة الإيرانية وبين الموقف الأميركي بهذا الخصوص. واستبعدت أن يكون هناك إجماع في الحكومة حول هذه الهبة «لأن الذين اعترضوا في الماضي على مساعدات مماثلة من إيران وروسيا لا يبدو أنه حصل تغيير في موقفهم»، مشيرة إلى أن وزراء دفاع سابقين زاروا كل من إيران وروسيا في سبيل تحديد الآليات اللازمة حول المساعدات التي كان أعلن عنها كل من البلدين تقديمها للجيش لكن جرى إفشالها من جانب البعض في الحكومة لأن هناك قراراً أميركياً معارضاً لذلك.
ومن المقرر أن يتوجه رئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان إلى موسكو قريباً للبحث في نوعية الأسلحة التي تعتزم روسيا تقديمها للبنان.
هل يؤيد جنبلاط ترشيح عون للرئاسة؟
في مجال آخر، نقل النائب أكرم شهيب رسالة خاصة جداً من النائب وليد جنبلاط إلى رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. وإذ رفض شهيب الكشف عن مضمون الرسالة أكد «أننا ندعو إلى تفاهم وتسوية للوصول إلى رئيس للحفاظ على السلم الأهلي».
وربطت مصادر مطلعة لـ«البناء» بين الرسالة وما تبعها من إعلان جنبلاط أنه «لم يعد بيضة القبان وأنه يحق للعماد عون الترشح لرئاسة الجمهورية». وسألت: «هل التطور في المواقف التي بدأت من «لا» للعماد عون لرئاسة الجمهورية، إلى من الطبيعي أن تكون لدى عون حيثية في الترشّح، وصولاً إلى أنه يحق له الترشح، يعني أن جنبلاط بات يؤيد ترشيح الجنرال لسدة الرئاسة»؟