محاولة أميركية «إسرائيلية» جديدة فاشلة لتفتيت سورية
اياد موصللي
ما يعلن عن الحشود العسكرية التي تقودها أميركا في الأردن لإجراء مناورات تشارك فيها قوات أميركية وبريطانية وأردنية تحت اسم «الأسد المتأهب» هو المرحلة الثانية من مخطط التآمر بحق سورية.. انّ كلّ الذي جرى من أعمال إرهابية تدميرية كانت أهدافه الرئيسة هو تدمير البلاد وتفتيتها وفق ما خططت المناهج الصهيونية وحسب المراحل المرسومة لتحقيق المشروع الاسرائيلي وإتمام مراحله وفق المخطط الموضوع.. نوايا «إسرائيل» التي أعلنتها بكلّ وضوح تقضي بإقامة دولة يهودية واعتبار فلسطين قاعدتها والتي حدودها كما رسموها من الغرب شمالاً الى النيل جنوباً هي الموطن التاريخي الأول وهي الوسيلة الوحيدة لانتظام اليهود في عداد الأمم الأخرى واحد أهدافهم قطع الصلة بين فلسطين وامتدادها المجاور عربياً.. ومن أجل تحقيق هذا المشروع والمخطط الموضوع له حدّدوا حدود فلسطين كما يلي:
«شمالاً يبتدئ من نقطة البحر الأبيض المتوسط على مقربة من جنوبي صيدا ثم يسير على سفوح التلال او الجبال اللبنانية حتى جسر القرعون ثم باتجاه البيرة فاصلاً بين حوضي وادي القرن ووادي التيم ومن هناك جنوباً فاصلاً بين السفوح الشرقية والغربية لجبل حرمون الشيخ حتى غرب بيت جن ثمّ شرقاً محاذياً القسم الشمالي من نهر المغنية حتى يصل الى الخط الحجازي ويكاد يتصل به من الجهة الغربية.
وأما شرقاً فيسير على مقربة من الخظ الحجازي حتى ينتهي في العقبة. واما جنوباً على خط الحدود مع الحكومة المصرية، وأما غرباً فالبحر المتوسط». ولا تقتصر الحدود الى هذه الأبعاد، بل يجاوزها التلمود الى اوسع منها سوف تمتدّ حدود أرض إسرائيل، وتصعد الى جميع الجهات ومن المقدّر لأبواب القدس ان تصل الى دمشق 1 .
وهذه المناورات محاولة أخيرة لإتمام إنجاز هذا المخطط كما يرسمون ويتوهّمون.. العرب باعوا فلسطين وتآمروا على بيعها ولكن السوريين يعرفون كيف يحمون بلادهم ويستعيدون ما سلب.
فالأعمال الإرهابية التي قامت بها العصابات التكفيرية في الشام والعراق واحتلت المدن ودمّرت الآثار والمعابد وقتلت رجال الدين وذبحت النساء والاطفال.. جميع هذه الأعمال هي منهج صهيوني محدّد يستعملون الإرهاب لكي يجعلوا السكان يهربون ويرحلون طلباً للسلامة..
الغاية الأساسية هي تفكيك الدولة.. تفتيت الشعب بإثارة النعرات العنصرية والمذهبية ومن ثم إنشاء كيانات سياسية ذات أبعاد طائفية مذهبية عرقية.. بحيث يؤدّي كلّ ذلك الى السيطرة التامة لـ«إسرائيل» على محيطها وفرض وحدانيتها القيادية كدولة مركزية.. وإذا عدنا الى البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون توضحت صورة المخطط الإداري الصهيوني للسيطرة على البلاد المجاورة ووضعها تحت هيمنتها حيث جاء ما يلي:
«إنّ غرضنا الذي نسعى إليه يحتم أن تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن، فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع تحوّلت الحرب الى صعيد اقتصادي وهنا لا مفرّ من أن تدرك الأمم من خلال ما تقدّم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوّق وفوز اليد العليا الخفية.
وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام. ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق. فيتسنى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماماً كما تحكم الدول رعاياها بالقانون المدني داخل حدودها».
فالذي أعدّ لسورية وأفشله الوعي الوطني والقومي والبطولة التي أبداها الجيش والقوى الرديفة والمقاومة والحلفاء جعل «إسرائيل» ومن معها وخلفها وفي المقدّمة أميركا يبحثون عن المخططات البديلة لتحقيق أهدافهم.. في التقسيم والتفتيت.. لأنّ تفتيت البلاد وشرذمة الشعب أهمّ قواعد حماية «إسرائيل» كما حدّدها بن غوريون قبل قيام دولة «إسرائيل» وهي:
1 ـ علاقات متينة مع الدول القوية التي تؤمّن الحماية الدائمة لـ«إسرائيل» مقابل ان تضمن «إسرائيل» مصالح هذه الدول.
2 ـ تكوين جيش قوي يضمن الحماية لدولة «إسرائيل» من ايّ خطر يتهدّدها.
3 ـ العمل على تفتيت الدول المجاورة وخلق دويلات طائفية صغيرة حول «إسرائيل» وإذا ما حققنا ذلك نضمن أمتنا وسلامنا الى الأبد…»
لذلك فإنّ الفشل الذي حصل في مخططاتهم حتى الآن في الشام والعراق دفع لوضع المخطط الجديد في الجنوب وجعلوا الأردن قاعدة العمل والانطلاق.. وما وجود الكيان الأردني منذ إنشائه حتى الآن الا من أجل ان يكون قاعدة لمثل هذه الأعمال والمخططات..
فالمخطط الإسرائيلي بني اساساً على فرض الإملاءات على الدول في المنطقة ورسم الخطوط الحمراء.
وقد اشتملت الخطوط الحمر التي لا تسمح «إسرائيل بتجاوزها، حدوث ثورات سواء كانت عسكرية أو شعبية، مما قد يحمل الى سدة الحكم في الدول المعنية، عناصر متعصّبة ومتطرفة. ونتيجة لذلك، يمتدّ نفوذ «إسرائيل» ليتجاوز دول الطوق، ويتعداها الى جميع الدول في منطقتنا، وإيران في طليعتها، ولحماية الأنظمة التي يعتمد عليها في الشرق الأوسط.
ويقول مايكل ليدن الموظف السابق في البنتاغون وهو من اليهود العقائديين البارزين: «انّ التدمير الخلاق هو الخصلة التي تميّزنا سواء داخل الكيان او في الخارج، اننا نهدم النظام القديم كلّ يوم.. لم يعد بإمكانهم ان يشعروا بالأمان ما دمنا موجودين ولا بدّ ان نحطمهم لدفع عجلة رسالتنا التاريخية».
فالذي يجرى هو محاولة الخروج من الفشل الذي مُني به المخطط التدميري لسورية في العراق والشام. انّ إثارة القلاقل والفتن تظهر بوضوح في المشاريع والمخططات الأميركية، الإعلان عن تسليح الأكراد هو محاولة لإثارة تركيا ودفعها لارتكاب حماقات كعادتها فتتدخل في بعض المناطق في المحافظات الشمالية هناك والبقاء تحت حجة مجابهة الخطر الكردي.. وخلق تصادم بين أبناء البلاد من العناصر غير الكردية مع الأكراد..
الحدود الجنوبية بين الأردن ومحافظة حوران والسويداء مشروع إسرائيلي قديم لوضع اليد عليها وقد حاولت ذلك عدة مرات وأجبرت على الانسحاب من المناطق التي احتلتها في القنيطرة والتي تسعى اليوم وتحت شتى الأعذار الى إعادة السيطرة على تلك المنطقة عبر الجماعات المسلحة التي اعدّتها وموّلتها وسلّحتها عبر السعودية ومثيلاتها لتربط منطقة الجولان المحتلّ بعضه ببعض، وهذا أحد أهداف المناورات والاستعدادات التي تحضرها أميركا وبريطانيا في الأردن لتمتدّ بعد ذلك الى تجاوز الحدود الشامية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وربط هذا كله بالحدود الللبنانية من جهة شبعا وجبل الشيخ. ثم السيطرة على المنطقة عبر تسليح الأكراد لتحريض تركيا وجعلها تتدخل عسكرياً.. وعبر المناورات العسكرية في الأردن تبني أميركا و«إسرائيل» مشروع التقسيم والتفتيت وتحقيق ما ترمي اليه.. لم تقم «إسرائيل» إلا على الخيانة والتواطؤ الذي بدأ من شريف مكة وابنيه فيصل وعبدالله الى اليوم في السعودية وقطر والبحرين التي تستقبل الآن وفداً اسرائيلياً رسمياً، ونسجل هنا ما قاله ديفيد بن غوريون نقلاً عن كتبهم: «سيأتي من نسلك ملوك يحكمون حيث تطأ قدم الإنسان… أعط كلّ الأرض التي تحت السماء وسوف يحكمون كلّ الأمم حسب رغبتهم.. وبعد ذلك سوف يسحبون الأرض كلها اليهم ويرثونها الى الابد…»
انّ التحضيرات في الأردن وإنشاء مجموعات من الخوارج ما هو إلا تكرار للتاريخ ولن يسجل النتائج المشرّفة الا صمود وثبات المؤمنين من أبناء الأمة.
وكما قال سعاده: لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.
انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب.
ـــــــــــ
1 – راجع التلمود والصهيونية 246 سفر دياريم