مطمر الكوستا برافا قنبلة موقوته تنتج السموم بلا حسيب أو رقيب فاعليات الشويفات تتمسك بقرار الإقفال واتحاد بلديات الضاحية يلتزم بقرار الحكومة عميدة البيئة في «القومي»: الحلّ المستدام يجب أن يستند إلى الهرم العلمي لمعالجة النفايات والقيام بفرزها من المصدر وهذا يتطلب خطة مدروسة لنشر الوعي لدى المواطنين
تحقيق: عبير حمدان
تتفوّق الجهات الرسمية المعنية بالشأن العام في لبنان على ذاتها حين تعمل على نقل المشكلة من مكان إلى آخر دون أن تعمل على معالجتها أو السعي لدراسة حلول ناجعة لها، ويبقى المواطن الضحية الأولى والأخيرة في ظلّ الصفقات المتبادلة بين الجهات السياسية النافذة والمتحكمة بمصائر البلاد والعباد.
حين تسلك الطريق البحري الممتدّ من آخر منطقة الأوزاعي وصولاً إلى خلدة من المستحيل أن تترك مجالاً للهواء كي يتسلل عبر نوافذ سيارتك لما يحمله من روائح كريهة منبعثة من مطمر الكوستا برافا وسموم قادرة على تدمير صحتك في ثوانٍ قليلة، بل إنّ هذه الروائح يبلغ مداها منطقة الشويفات وتتصاعد قدرتها نحو عرمون وبشامون وكافة القرى المحيطة وصولاً إلى منطقة عاليه.
أتى قرار إنشاء مطمر الكوستا برافا وفقاً لشروط صحية وبيئية صارمة وبإشراف مراقبين كحلّ موقت لمشكلة تراكم النفايات في الشوارع والأزقة، إلا أنّ المشكلة تفاقمت وتحوّلت إلى كارثة فعلية مما استدعى تحركاً رافضاً من قِبل الجمعيات البيئية والمجتمع المدني والقوى الحزبية وداعياً لإقفال المطمر بشكل نهائي، وبين مدّ الناس والفعاليات المتحدثة باسمها وجزر القرار الحكومي يستمرّ التجاذب على الأرض بانتظار تطبيق القرار القضائي القاضي بالإقفال في منتصف حزيران المقبل مع احتمال الإستئناف ضدّه كي لا تعود النفايات إلى الشوارع… وحتى تنجلي الصورة كان لا بدّ من جولة ميدانية نستطلع فيها نبض المقيمين في تلك البقعة الجغرافية حول هذا الملف وكيفية معالجته من وجهة نظرهم.
حسّان: ضرورة نشر الوعي
ترى عميدة شؤون البيئة في الحزب السوري القومي الإجتماعي ليلى حسّان أنّ الصوت الحقيقي والجادّ يصل ويؤثر بقوة، لذلك تصرّ على أن يرتفع الصوت المطالب بإقفال مطمر الكوستا برافا لما يسبّبه من ضرر صحي وبيئي، مشيرة إلى أنّ الحزب القومي كان ضدّ قرار إنشاء المطمر منذ البداية. وعن ذلك تقول: «نحن نطالب بإقفال المطمر على الفور وقد رفضناه منذ البداية لما سيسبّبه من ضرر للبيئة والصحة، فحين يتمّ ردم البحر بالنفايات يزداد الخطر على البيئة أكثر منه حين نقوم بطمرها في الأتربة، ثم هنالك خطر تسرّب الكميات الكبيرة من عُصارة النفايات إلى البحر مما يشكل خطراً فعلياً يساهم في تلوّث الحياة البحرية، وبالتالي هذا التلوّث ينتقل إلى الحياة البشرية عبر تناول الأسماك التي قد يتغذّى معظمها من رواسب النفايات».
وتضيف حسّان في إطار متصل: «إنّ تعريض البحر للتلوّث من خلال إنشاء المطمر يعارض إتفاقية برشلونة القاضية بحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوّث، أضف إلى ذلك كمية الغازات المنبعثة جراء تكدّس النفايات في منطقة الكوستا برافا تعرّض حوالي 500 ألف مواطن لخطر الإصابة بالأمراض. ومن الناحية السياحية هناك إساءة لوجه لبنان حيث أنّ المطمر ملاصق للمطار ولا يجب أن ننسى خطر طيور النورس التي يجذبها على سلامة حركة الطيران».
وتشير حسّان إلى الوضع الراهن الذي استدعى تحركاً فاعلاً من جميع فعاليات المنطقة بالقول: «كان القرار يقضي بفرز 60 من النفايات كمرحلة أولى، ولكن الواقع أنه يتمّ فرز 6 منها فقط، وقد أصبح عدد البلديات التي ترمي بنفاياتها فيه 36 بلدية بعد أن كان القرار المتخذ يسمح لخمس بلديات فقط بذلك، والكارثة الأعظم أنّ المراقبين المكلفين من قبل البلدية يقرّون بعدم جدوى المراقبة، ذلك أنّ الجهات المعنية باستلام تقاريرهم لم تكترث لها ولم تسع لمعالجة الوضع جدياً».
وعن الحلول المطلوبة تقول حسّان: «يجب أن يكون هناك حلّ مستدام للأزمة القائمة يتمّ فيه اعتماد الهرم العلمي لمعالجة النفايات والقيام بفرزها من المصدر، وهذا يتطلب خطة مدروسة لنشر الوعي لدى المواطنين، وفي المقابل نحن كمعنيين بسلامة البيئة نرفض كلياً التفكك الحراري أو المحارق حيث أنّ ما تنتجه من رماد سامّ وخطير جداً، خاصة إن لم يكن العمل في المحارق المفترضة متطوّراً كما يحصل في ألمانيا على سبيل المثال، وأجزم أنّ المحارق خطيرة جداً في بلد تغيب فيه الرقابة والمحاسبة ناهيك عن الكلفة العالية لصيانتها».
أبو فرج: أزمة وطنية
لا ينكر وكيل داخلية الشويفات في الحزب التقدمي الإشتراكي مروان أبو فرج أنهم كجزء من الحكومة التي شرّعت إنشاء المطمر كانوا شركاء في اتخاذ القرار، وعن هذه القضية وما آلت إليه الحال يقول: «نحن فريق موجود ضمن الحكومة التي أخذت على عاتقها مشروعاً وطنياً، وكانت لدينا طروحات لم تنل الموافقة إلى أن مشينا بالخيار المتمثل بإنشاء مطمر الكوستا برافا بمعايير صحية وبيئية، ولكن كما نعلم جميعنا أنه في لبنان لا تكون المتابعة جدية وفعلية، واليوم هناك مشاكل كثيرة تتفوّق على مشكلة النفايات التي لم تعد أولوية».
ويضيف في إطار متصل: «للأسف نحن اليوم عندنا رئيس جمهورية أتى بشعار التغيير والإصلاح، وبعد ستة أشهر من وصوله الى سدة الرئاسة لم نر أيّ تغيير أو إصلاح، صحيح شهدنا في هذا العهد ولادة الحكومة والبيان الوزاري مع الإشارة إلى كلّ المشاكل التي تستدعي حلولاً فعلية، ولكن حتى الآن يبقى كلّ ذلك مجرد شعارات، ومشاركتنا في الحكومة الحالية تقارب الرمزية».
وعن الجمعيات الأهلية والقوى الحزبية ومناصري البيئة يقول أبو فرج: «جميعنا نعلم أداء الوزير أكرم شهيّب الذي أخذ على عاتقه هذا الملف وذهبنا فيه حتى النهاية، ولكن حتى في النفايات رأينا التقسيم المناطقي والطائفي، وحين تمّ اتخاذ القرار بأن يكون المطمر بين الحدود اللبنانية والسورية جوبه بالرفض بحجج الرواسب التي قد تصل إلى المياه الجوفية، وإذا ما تكلمنا عن فكرة إنشاء معامل لفرز النفايات فهي تحتاج لدراسة فعلية ووقت والتزام، ويمكن أن يكون الحلّ بإنشاء محرقة بمعايير عالمية ويتمّ تلزيمها لشركة أجنبية بعيداً عن التنفيعات والمحاصصة».
ويتابع أبو فرج:» أنا مواطن من الشويفات وأعاني كما يعاني أهلها من الرائحة الكريهة والضرر الناتج عن تراكم النفايات، ولكن كلّ ما نشهده من تحركات خجولة لن يصل بنا إلى إقفال المطمر، المطلوب خطة فعلية تبدأ بالفرز من المصدر ومن ثم معالجة النفايات بالطريقة الصحيحة، وهذا كله يتطلب قراراً سياسياً، وأنا هنا أضع اللوم على البلدية بشخص رئيسها الذي أتى تحت شعار حلّ مشكلة النفايات ولكنه يتصرف على أساس الكيد السياسي، وهنا يقع اللوم على الناس الذين يخطئون في خياراتهم حين يمنحون أصواتهم وثقتهم لمن لا يلتزم بما يقوله ولا يتمكن من أخذ القرار الصحيح والصائب، وفي النهاية نحن أمام أزمة وطنية فعلية وإذا وصلنا إلى مرحلة تصبح فيها «الزبالة» بوسطة عين الرمانة فالأجدر أن نتحمّل الروائح الكريهة على أن نقول بعد عشر سنوات «تنذكر وما تنعاد» وتصبح النفايات السبب لعودة الحرب الأهلية».
منير الريشاني: فايروس الكوستا
في المقابل، يعتبر منير الريشاني المسؤول في الحزب الديمقراطي ومستشار النائب طلال أرسلان أنّ ما حصل هو عبارة عن عملية قرصنة ومؤامرة في حق المنطقة وأهلها، وعن ذلك يقول: «هذا ما جنته علينا في الشويفات الحكومة السابقة ولم تجن الشويفات على أحد، نحن لم نكن ممثلين في حكومة تمام سلام ولم نشارك في القرار لا من قريب ولا من بعيد. وتلك الحكومة مرّرت في الشويفات أكبر عملية غش وتضليل وقرصنة على أهل الشويفات، ونحن نعتبر أنّ هذه العملية التضليلية حوّلت المطمر الذي قيل إنه سيكون حديثاً وصحياً وخاضعاً للمراقبة البيئية من المختصّين في هذا المجال إلى مكبّ للنفايات وظهر أنّ الوزراء الذين اجتمعوا بالأمير طلال كذبوا في ادّعاءاتهم بأنّ النفايات ستشعل البلد وبأنّ المطمر لن يؤذي أحداً كونه سيكون صحياً ومراقباً».
وعن كيفية مواجهة المشكلة يقول الريشاني: «ما نشهده اليوم هو عبارة عن كارثة بيئية وصحية، وفي الوسط الطبي يتمّ التداول اليوم بوجود فايروس أطلق عليه الأطباء اسم الكوستا برافا، وأنا من الأشخاص المصابين بهذا الفايروس، المطلوب اليوم من كلّ فعاليات المنطقة وجمعياتها المدينية والبيئية والأحزاب الالتفاف حول الأمير طلال أرسلان لنكمل المشوار في مواجهة هذا المشروع وإلا سيسقط الجميع في مزبلة الكوستا برافا على مزابل التاريخ وسيندمون حيث لا ينفع الندم، هناك الكثير من الطروحات والبدائل ولكن لا أحد يصغي، وحين قصدنا رئيس الحكومة السابق تمام سلام قال لنا في حينه إنه في أدراج الوزارة هناك مشاريع كثيرة بديلة عن إنشاء مكب في الكوستا برافا ولكن لا نعلم لماذا لا يتمّ تنفيذها… اليوم هذه الغازات المنبعثة من المزبلة هي أخفّ خطر من السموم التي تنبعث من المطمر وليس لها رائحة. المطلوب اتحاد كلّ الأطراف المعنية والمتضرّرة بشكل مباشر لاجتثاث المشكلة من جذورها».
أشرف الجردي: مشكلة صحية وطنية
أما مدير مديرية الشويفات في الحزب السوري القومي الإجتماعي أشرف الجردي فيخرج من دائرة الإصطفاف السياسي ويضع مشكلة المطمر في خانتها الصحيحة ويقول: «إنّ مشكلة المكب قبل أن تكون مشكلة مدينة الشويفات هي مشكلة صحية وطنية خارج إطار الإصطفاف السياسي، والضرر الذي يسبّبه المكب يقع على جميع المواطنين في مدينة الشويفات ومحيطها، اضف إلى ذلك أنّ وجود مكب للنفايات على البحر هو بحدّ ذاته مشكلة بيئية. وهذا المكب بدأ العمل فيه على أساس أنه لاستيعاب نفايات أربع بلديات واليوم أصبح العدد 40 بلدية دون أن يتمّ اعتماد أدنى معايير الفرز الصحي».
ويشير الجردي إلى موقف الحزب منذ البداية، قائلاً: «سعى الحزب القومي منذ الساعات الأولى لفتح المطمر إلى إقفاله وإيجاد بدائل عنه، وقد تمّ إطلاق عريضة بالتعاون مع بعض الفرقاء الذين اتفقنا معهم على إقفال المكب، وترافق ذلك كله مع توزيع بيانات إرشادية للناس عن خطر المكب. ونحن في الحزب السوري القومي الإجتماعي ندعو البلدية وعلى الدوام أن ترفع الصوت، ونشدّد على ضرورة التصويت داخل المجلس البلدي لإقفال هذا المكب ذلك أنّ البلديات هي الجهة الرسمية المعنية بشكل مباشر بمشاكل الناس».
ويضيف: «اليوم يتمّ العمل على اقتراحات سيقوم الحزب بطرحها على الأفرقاء في المتحد للعمل في مواجهة هذا الأمر منها تحركات دورية على الموقع للضغط على تنفيذ قرار المحكمة القاضي بالإقفال في 12 حزيران 2017، وتفعيل العريضة داخل المتحد والبلديات المجاورة، وأخيراً المطالبة بحلّ مستدام يعتمد الهرمية في معالجة النفايات والفرز من المصدر».
عصام سليم: الحل بالفرز من المصدر
الناشط البيئي وممثل الحزب الشيوعي في المنطقة عصام سليم يشدّد من جهته على أهمية معالجة القضية عبر العمل على فرز النفايات من المصدر، مشيراً إلى أنّ المشكلة تكمن في السياسة والطبقة الحاكمة، ويقول: «حين تكون السلطة الحاكمة غير معنية بصحة الناس وجلّ اهتمامها تقاسم المغانم لن نجد حلولاً فعلية، هذه الطبقة السياسية ترى أنّ منطقتنا موبؤة حسب توصيف أحد الزعماء الموجودين في منطقة الجبل، ومن هنا وصلنا إلى إقامة هذا المكب. برأيي الفرز من المصدر هو الأساس ويتبعه خطة فعلية لمعالجة المشكلة، ما يحصل اليوم انه يتمّ طمر النفايات بطريقة عشوائية وبعد أن تتخمّر تخرج منها عُصارة، وهذه العُصارة أسمّيها مصنعاً للجراثيم وهي تصبّ في البحر دون أن يتمّ تكريرها كما كان يُقال لنا حيث أنّ معمل الغدير غير مفعّل».
ويتابع سليم: «هناك قرار قضائي يقضي بإقفال المطمر في منتصف حزيران، ولكن هناك من يقول إنه سيتمّ إدخال نفايات 80 بلدية إلى المطمر، مما يجعله غير قادر على استيعاب المزيد، وبالتالي يتمّ إقفاله بوضعه المفترض لناحية تكدّس النفايات دون أيّ معالجة، وهناك من يقول إنه سيتمّ إنشاء المحارق والعديد من السيناريوات المعلنة وغير المعلنة، ويبقى الخوف من الإرث الذي سيتركه المطمر للناس إذا ما تمّ إقفاله بحيث من الصعب معالجة ما يحتويه بشكل سليم ومن جهتي لا أعتبر أنّ المحارق هي الحلّ الصحي ذلك أنها تتطلب معايير عالمية من الصعب تحقيقها في بلد كلبنان».
منى الريشاني: ننتظر معجزة
ترى رئيسة رابطة سيدات الشويفات منى الريشاني أنّ الوضع القائم يتطلب معجزة حقيقية، مؤكدة أنه لم يكن هناك أيّ داعٍ لوجود مطمر نفايات قرب المطار وعلى شاطئ المتوسط، وتقول:» إنّ قرار إنشاء مطمر للنفايات على الشاطئ وقرب المطار يخالف كلّ الإتفاقيات الدولية، وقبل أن نشير إلى الضرر الشخصي علينا التفكير بالضرر العام المتمثل بتلويث البحر مما يخالف إتفاقية برشلونة، وهناك الخطر الذي يتربّص بحركة الطيران بسبب طيور النورس، أضيفي إلى ذلك أنّ الأرض هناك ستفقد قيمتها بعد أن تتكدّس فيها أطنان النفايات، ولا أدري كيف لحكومة مسؤولة أن تضع نفسها في هذا الموقف. أما في ما يتصل بالضرر الذي يطال الناس فهو كبير جداً، اليوم في مدينة الشويفات لا يمكن لأيّ مواطن فتح نوافذ منزله بسبب الروائح الكريهة وخطر تنشق السموم المنبعثة من مطمر الكوستا برافا».
وتضيف في نفس الإطار: «لا أدري لماذا يتمّ الضغط على مدينة الشويفات وأهلها على هذا النحو، حيث أنّ المسلخ فيها والنفايات فيها وكلّ ما هو مؤذ يجلبوه إليها، لقد حاولنا نحن والجمعيات البيئية والمجتمع المدني والقوى الحزبية وكافة فعاليات المدينة القيام بتحركات احتجاجية ولجأنا إلى القضاء ولكن حتى القرار القضائي بإقفال المطمر تمّ تأجليه، ولا ندري إذا كان هناك من سيستأنف ضدّه، حتى الآن لم نلق أيّ ردّ إيجابي رغم خطورة الوضع، وجلّ ما أتمناه أن تحصل معجزة تزيل هذا الخطر القاتل عن كاهل المدينة وأهلها، ومن موقعي أشكر أيّ منبر إعلامي يتابع هذه القضية ويسعى لإيصال شكوانا إلى كلّ المعنيين، على أمل أن يكون هناك حلّ جذري للمشكلة».
هشام الريشاني: القرار سياسي
يشير مسؤول لجنة الأشغال في بلدية الشويفات هشام الريشاني إلى أنّ البلدية ملزمة بقرار مجلس الوزراء ولكنها ضدّ المطمر منذ البداية، ويقول: «نحن في البلدية تابعون لوزارة الداخلية وملزمون بتنفيذ قرار مجلس الوزراء، لكننا كبلدية لم نكن مع مشروع إقامة المطمر منذ البداية، وقد رفع المجلس البلدية السابق شكوى في هذا الخصوص، ونحن كمجلس بلدي جديد منذ تسلّمنا مهامنا قدّمنا شكوى إلى UNDP ضدّ المطمر، وأتى الجواب أنه قرار مجلس وزراء ولا يمكنها التدخل فيه. ونحن منذ عشرة أشهر رفعنا الصوت وشاركنا في العديد من الاعتصامات وكلّ البلديات المستفيدة من المطمر وقعت بالموافقة على استمراره بينما بلدية الشويفات لم توقع. وأنا من المراقبين الذين تمّ تعيينهم من قبل مجلس البلدية وتسلّمت مهامي في 1/1/2017 بينما المطمر بدأ بالعمل منذ الشهر السادس من العام 2016 بمعنى أنه مضت ستة أشهر دون مراقبة، وقد قدّمنا كُتباً إلى مجلس الإنماء والإعمار بالمراقبة وفقاً لقرار مجلس الوزارء وتسلّمنا في اول العام الحالي وأرسلنا أول تقرير في 31 /1/2017 والثاني في 28/2/2017 والثالث في 31/3/2017 حول المخالفات ولم يتمّ الردّ على التقارير، وعليه اجتمع رئيس البلدية زياد حيدر بكلّ الأحزاب والجمعيات البيئية والأهلية في الشويفات وقرّرنا الاعتصام أمام المطمر ولم يكن هنا مشاركة من الأهالي، ورفعت بلدية الشويفات الأسبوع الماضي كُتبا لفخامة رئيس الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء ولوزير البيئة دعت فيها إلى إقفال مطمر الكوستا برافا.
ويؤكد الريشاني أنه لا يوجد أمام الجهات المعنية إلا العمل على إيجاد البديل وإقفال المطمر، ليس مقبولاً أن تتحمّل الشويفات نفايات 40 بلدية. وكمراقب أؤكد أنه تمّ نكش النفايات المطمورة في الموقف الملاصق للمنشأة، وحين ضجت الناس من الرائحة تمّ إيقاف النكش لكنهم سيعاودونه لاحقاً. وهناك حالات مرضية تتنشر بشكل كبير في المنطقة، والرائحة وصلت إلى منطقة عاليه، المطمر أوجده قرار سياسي ولن يزيله إلا قرار سياسي».
المختار إياد صعب: الشويفات مدينة منكوبة
يرى المختار إياد صعب أنّ القرار السياسي الذي سمح بإنشاء مطمر الكوستا برافا جعل من الشويفات مدينة منكوبة، ويضيف: «المسؤول عن هذه النكبة قرار سياسي اتخذته الحكومة اللبنانية وجميعنا نعرف أركانها الذين ساهموا في جعل المدينة في مواجهة السموم المتكدّسة عند الواجهة البحرية في الكوستا برافا، وما يُضاعف نكبتها تراشق الاتهامات بين الأطراف المعنية بدءاً بالبلدية مروراً بالجمعيات البيئية وصولاً إلى القوى الحزبية والمجتمع المدني. والمؤسف أنّ الاجتماع الذي عقدته البلدية مع كافة الأطراف في المنطقة تمّ التشويش عليه وإفشاله قبل أن يصل المجتمعون إلى نتيجة. من هنا أشدّد على ضرورة الخروج من فخ المزايدة وتبادل الاتهامات والعمل على التوافق الفعلي كي نقتلع المشكلة من جذورها».
ويضيف صعب: «هل يعقل أنّ منطقة تضمّ 65 بالمئة من عدد سكان لبنان يُقام فيها مطمر للنفايات، والهدف الحقيقي من وضعه في هذه المنطقة هو سرقة الرمل وتحويله الى مكب للتراب لاحقاً، ومن ثم ردم البحر ليصبح هناك مساحة أرض فيها ربح مادي لمن يستثمرها حوالي 5 مليار دولار. ولكن إلى أن نصل إلى هذه المرحلة سيمرّ زمن مشبع بالسموم ستكون أضراره قاتلة للبشر والطبيعة وكلّ شيء حي».
ويدعو صعب الدولة كي تتحمّل مسؤوليتها وتكفّ عن نقل المشكلة من منطقة إلى أخرى، والعمل بشكل جدّي على إيجاد البديل المتمثل بالفرز من المصدر وتخمير النفايات العضوية لتصبح نسبة العوادم 10 بالمئة وهذه الأخيرة يمكنها إعادة تصنيعها إذا كانت النوايا صادقة لناحية خدمة الناس والمجتمع. ويشير إلى أنّ المحارق ليست الحلّ الأفضل لأزمة النفايات لأنها لن تكون بمواصفات عالمية في ظلّ نهج العمل القائم في لبنان والسرقات ومنطق المحاصصة.
المختار نسيب الجردي: على الدولة تحمّل المسؤولية
يوضح المختار نسيب الجردي كيف أنّ الوعود المسبقة لم تتمّ ترجمتها بشكل واقعي على الأرض، وعن القضية موضوع النقاش يقول: «بالنسبة لنا نعتبر أنّ القرار الذي تمّ اتخاذه بوضع مطمر الكوستا فيه ظلم وتحامل على سكان الشويفات، وكلّ الوعود التي تمّ التسويق لها لناحية المواصفات العالمية المفروض توافرها فيه لم تكن إلا وسيلة لتمرير القرار. وأكتشفنا مع الوقت أنّ معظم نفايات لبنان تصبّ في الكوستا برافا دون أيّ معالجة فعلية، ولا نعلم لماذا تمّ إنشاء المطمر هنا ولم نحصل على جواب في هذا الإطار، وخشيتنا أن تتكرّر حكاية مطمر الناعمة في الشويفات. ومن موقعنا نطلب من الدولة تحمّل المسؤولية رأفة بهذا الشعب الذي يعاني الكثير ولا ينقصه المزيد».
ويضيف في إطار متصل: «يجب أن يكون هناك حل جذري للمشكلة ونحن في مدينة الشويفات نعمل مع القوى الحزبية والفعاليات السياسية والجمعيات البيئية والمجتمع المدني لرفع الصوت ومطالبة المعنيين بإيجاد الحلول كي نحمي أولادنا وأهلنا من خطر السموم حيث أنّ الحالات المرضية الى تصاعد ومن حقنا مواجهة الضرر ورفضه».
طارق أبو فخر: ترهيب مبرمج
يتحدث طارق أبو فخر باسم جمعية «شويفات منّا مزبلة» عن حجم الضرر الناتج عن المطمر، مشيراً إلى أنّ عصارة النفايات المتراكمة عبارة عن قنبلة موقوتة سنرى مفاعيلها قريباً، فيقول: «منذ البداية حاولنا الوقوف في وجه المشروع وشاركنا في الكثير من النشاطات في هذا الإطار وقمنا بزيارة الرئيس تمام سلام في حينه ولن أطيل السرد حول تلك المرحلة، المكب تمّ فرضه على المنطقة عبر الترهيب المبرمج فكانت النتيجة ما يعانيه أهلنا وأبناؤنا اليوم في الشويفات وتزايد الحالات المرضية بشكل مخيف».
ويضيف في إطار متصل: «حين تنوين التوجه إلى «مستعمرة» جهاد العرب تخضعين للتفتيش الدقيق وممنوع عليك التصوير وفي الداخل تتبدّى أمامك الكارثة الحقيقية المتمثلة في العصارة الناتجة عن تكدّس النفايات دون أن تكون هناك معالجة لتصفيتها لتتسرّب إلى الشاطئ، وأجزم أنّ كلّ نفايات لبنان يتمّ رميها في مكب الكوستا برافا، حتى أنه قد تمّ نبش النفايات التي كانت في الموقف الملاصق للمطمر قبل افتتاحه بقرار حكومي ليتمّ نقلها إليه الآن، لذلك انبعثت الرائحة الكريهة بقوة، الشعب وحده يدفع ثمن الصفقات السياسية، وهناك ماكينة إعلامية وسياسية ناشطة تعمل على إخافة الناس لتحول دون خروجهم إلى الشارع رفضاً لبقاء المطمر. اليوم بعد أن تمّ تفخيخ خلية الأزمة من الداخل، لذلك قمنا بإنشاء هيئة متابعة قضية مدينة الشويفات وعلى رأس جدول أعمالها مطمر الكوستا برافا وعبر منبركم نرفع الصوت عالياً وندرك أنه سيصل».
عمر الجردي: الهدف استثماري
يعتبر عمر الجردي أنّ الاعتراض ضرورة وواجب لمواجهة ما هو أكثر سوءاً في المستقبل وعن مشكلة المطمر يقول: «لقد كنت من أول الأشخاص الذين واكبوا موضوع مطمر الكوستا برافا منذ بدأ التسويق له، ولاحقاً حين تمّ اتخاذ قرار إقامته مع باقة من الوعود الحكومية التي ذهبت هباء، وصولاً إلى الوضع القائم اليوم والذي دفعنا كمجتمع مدني وفعاليات حزبية وبلدية العمل على إنشاء خلية لمعالجة الأزمة».
ويضيف في إطار متصل: «كلّ المراقبين البيئيين أجمعوا أن المكب ليس صحياً ولا يستوفي الشروط العالمية وهو غير قادر على إستيعاب أطنان النفايات المتفقدة إليه والتي لا يتم معالجتها كما يجب، وفي إعتقادي أن الهدف منه إستثمار المنطقة وتحقيق الربح المادي ذلك أن عدم فرز النفايات من مصدرها يجعل الفائدة منها إلى تصاعد. لقد اقترحت عريضة رافضة للمشروع وسعيت أن أحصل على رعاية قانونية لها ولكن للأسف لم أوفق في ذلك، حتى أني دعوت الناس للتوقيع عليها على الانترنت ولكن هناك حملة إعلامية ممنهجة تحول دون إيصال الواقع للناس كما هو، لعل الرائحة المنبعثة من المكب وحدها قادرة على حث الناس الى التحرك والمطالبة بإقفاله».
رشاد مشرفية: الكلمة للناس في النهاية
يؤكد رشاد مشرفية مجتمع مدني أنّ إرادة الناس ستنتصر في النهاية، ويقول: «نحن بانتظار تنفيذ القرار القضائي القاضي بإقفال المطمر، وحيث أنّ الدولة طلبت فترة سماح تمّ تأجيل تنفيذه حتى منتصف حزيران، وللأسف هناك بلديات استأنفت ضدّ هذا القرار ربما لأنها لا تملك أيّ بديل. المشكلة أنّ السلطة لا تستجيب لمطالب الناس، والمطلوب أن تقوم الحكومة بالتحرك لمعالجة المشكلة، والقرار المتخذ من الحكومة السابقة يقول في أحد بنوده أنّ المطمر تمّ إنشاؤه بناء على موافقة بلدية الشويفات وهذا غير صحيح لأنّ البلدية رفضته منذ البداية. ونحن كمجتمع مدني ندعو لإيجاد حلّ حقيقي بدءاً بالفرز من المصدر ويجب العمل على توعية الناس وتبسيط الأمور لناحية التدوير الذاتي للنفايات. المطلوب إدارة صحيحة لمعالجة الوضع المتفاقم وحين نصل إلى هذه المرحلة من الوعي والإدارة قد نجد الحلّ الذي يرضي الجميع».