نكبة فلسطين… صناعة الرجعيات العربية

معن حمية

تسعة وستون عاماً على نكبة فلسطين، والنكبة تستولد نكبات، ليس فقط بفعل احتلال يهودي قام على إرهاب منظمات شتيرن والارغون والهاغانا، بل أيضاً بفعل تواطؤ وتآمر أنظمة عربية، لا تزال حتى يومنا هذا تؤدّي كلّ الوظائف التي تمكّن العدو من تحقيق مشروعه وتثبيت احتلاله.

وليس افتئاتاً تحميل معظم الأنظمة العربية مسؤولية التآمر على فلسطين، فلو أنّ هذه الأنظمة وقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية لكانت فلسطين اليوم خالية من الإرهاب الصهيوني العنصري الاستيطاني، ولكان الفلسطينيون يقطنون بيوتهم ويزرعون أرضهم ولا يواجهون معاناة التشرّد في مخيمات اللجوء، ولما كان هناك أسرى ومعتقلون يُضربون عن الطعام لنيل الحرية من زنازين الجلاد الصهيوني.

ما من شك في أنّ معاناة الفلسطينيّين تتحمّل وزرها الرجعيات العربية التي ذهبت صاغرة إلى شراكة مستترة مع العدو الصهيوني فأعطته صكاً بقتل وتشريد مئات آلاف الفلسطينيين مقابل أن تحفظ عروش إماراتها وممالكها. وهذه الرجعيات لا يعوّل عليها بأن تؤدّي دوراً في عملية التحرير ولا في تثبيت حق العودة، لكن كان بإمكانها أن تقف على الحياد وتحجب أموالها النفطية عن العدو وداعميه، لكنها آثرت أن تعهد بحماية عروشها وأنظمتها للولايات المتحدة الأميركية، على غرار ما حصل على متن السفينة «كوينسي» عام 1954.

الرجعيات العربية المتواطئة لا تزال على علاقتها مع «إسرائيل»، تماماً كما كانت قبل سبعة عقود، لكنها في أيامنا هذه لم تعد تجد حرجاً في إخراج هذه العلاقة إلى العلن، فهي مسؤولة تنفخ في نار حروب التدمير والتفتيت التي تستهدف سورية والعراق وأكثر من بلد عربي.

لقد قدّمت الرجعيات العربية للعدو الصهيوني ما لم يكن يتوقعه، فقد تمّ استنساخ الهاغانا وشتيرن والارغون بمسمّيات جديدة مثل داعش والنصرة وأخواتهما، وتمّ إطلاق يد هذه المنظمات الإرهابية لتعيث قتلاً وتدميراً وإرهاباً، وذلك لإضعاف الدول التي رفضت أن تساوم على فلسطين وبقيت حاضنة للمقاومة وداعمة لها.

هنا يتضح بأنّ ما تتعرّض له سورية من حرب إرهابية يندرج في سياق استكمال مخطط اغتصاب فلسطين وتهويدها بالكامل، لأنّ سورية كانت ولا تزال ترفض أن ترى فلسطين من دون الفلسطينيين.

في ذكرى نكبة فلسطين لا بدّ من إعادة الاعتبار لخيار المقاومة، لأنّ تحرير فلسطين لا يتمّ إلا عن طريق المقاومة، والمطلوب إنجاز الوحدة الفلسطينية، على أساس برنامج وطني يؤطر المقاومين والمنتفضين والمضربين عن الطعام في مواجهة الاحتلال وأن تتمّ هذه الوحدة على أساس استراتيجية تلحظ هذه المرة في أولوياتها الأخطار الكامنة في الخطوط العربية الخلفية، لأنّ العرب المتأسرلين هم صانعو النكبات لا بل هم النكبيون بامتياز.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى