ذكرى النكبة تتزامن مع معركة الأمعاء الخاوية ضدّ الاحتلال «الإسرائيلي» ومواقف حثّت على مواصلة العمل المقاوم حتى تحرير فلسطين
تزامنت الذكرى التاسعة والستين للنكبة مع استمرار إضراب الأسرى في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» لليوم التاسع والعشرين على التوالي، فامتزجت فعّاليات الذكرى مع الاعتصامات والمواقف المتضامنة مع انتفاضة الأسرى.
وقفة تضامنيّة في كفربدا
وفي السِّياق، نظّمت فصائل منظّمة التحرير الفلسطينية في تجمّعات الشريط الساحلي في جنوب لبنان وقفة تضامنيّة مع الأسرى وفي ذكرى النكبة، في تجمّع كفربدا، بمشاركة وفود من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والأحزاب اللبنانية الوطنية والإسلامية ووفد من بلدية الخرايب، إلى حشد من أبناء تجمّعات الشريط الساحلي.
وتخلل الوقفة شهادات من كبار سنّ حول ذكرياتهم عن طبيعة حياتهم في فلسطين قبل النكبة.
وفي الختام، تحدّث أمين سرّ اللجنة الشعبية في كفربدا غازي الحسين، فحيّا «الأسرى الصامدين في سجون الاحتلال والشعب الفلسطيني في كلّ أماكن تواجده القابض على حلم العودة وتحقيق الانتصار».
الأحزاب العربيّة
وفي المواقف بذكرى النكبة، أعلنت الأمانة العامّة للمؤتمر العام للأحزاب العربية، في بيان أمس، أنّ الذكرى التاسعة والستين لنكبة احتلال فلسطين تمرّ في ظروف وتحدّيات جسيمة، ليس على مستوى القضية الفلسطينية فحسب، بل على صعيد الأمّة وارتداد ذلك إقليميّاً ودوليّاً».
واعتبرت «أنّ الثابت الوحيد في ذلك هو أنّ من تآمر على فلسطين من قوى عربية رجعية وغربية استعمارية وصهيونية، هي ذاتها التي تتآمر اليوم على عدد من البلدان العربيّة في سورية والعراق واليمن ولبنان، مستخدمة شُذّاذ الأفاق وعصابات القتل والتكفير لتمزيق جسد الأمّة وارتكاب الجرائم بحقّها وتشريد سكّانها، كما حدث في فلسطين من مجازر يندى لها جبين الإنسانيّة لتشريد شعبنا في فلسطين قسرياً».
وأكّدت «أنّ احتلال فلسطين كان المقدّمة لفرض المشاريع الاستعمارية على أمّتنا الهادفة إلى تفتيتها، أملاً بكسر إرادة شعبنا الواحد ونضاله من أجل استعادة حقوقه»، مشددةً على «أنّ صمود شعبنا وإرادته وتمسّك عدد من الدول والقوى والأحزاب والهيئات بمشروع المقاومة حتى التحرير أفشل كلّ المخطّطات الرجعية الاستعمارية وكسر شوكة الاستعمار وأدواته من عصابات التكفير، ليؤكّد أنّ فلسطين ستبقى هي الحاضرة دوماً، وهي بوصلة الصراع التي لا مفرّ منها إلّا إليها، وما قوافل الشهداء وإرادة الأسرى في سجون الاحتلال وإضرابهم الأخير المفعم كرامة ورجولة وإباء، إلّا تأكيداً على ذلك».
منتدى العدالة لفلسطين
من جهته، عقد المنتدى العربي الدولي الثالث من أجل العدالة لفلسطين جلسته الأولى في فندق «البريستول» التي خُصّصت لدعم أسرى الحرية والكرامة في إضرابهم، في حضور شخصيات فلسطينيّة وعربيّة ودوليّة».
حضر الافتتاح الشيخ الدكتور حسن مرعي ممثّلاً مُفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، العميد جوزف غريب ممثّلاً قائد الجيش العماد جوزيف عون، العميد جمال الجاويش ممثّلاً مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بسام الهاشم ممثّلاً التيّار الوطني الحرّ وممثّلون عن سفارة الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية وسفارة فلسطين، وممثّلون عن الأحزاب والفصائل والجمعيات والروابط واللجان اللبنانية والفلسطينية.
افتتح رئيس «المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن» معن بشور أعمال الدورة بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً وإكباراً لشهداء فلسطين والأمّة، موجّهاً التحية «لكلّ من تضامن مع الأسرى بالكلمة أو الوقفة أو الإضراب عن الطعام، لا سيّما الرئيس سليم الحص».
الكلمة الأولى كانت لمنسّق عام المنتدى الدكتور علي فخرو من البحرين، ألقاها بالنيابة عنه الدكتور هاني سليمان فسأل: «هل بقي شيء لم تحصل عليه سلطة الكيان الصهيوني، بعد أن فُتحت لها الأبواب من قبل عرب يرون في الخلاف العربي – الإيراني أكبر وأشدّ خطراً من الخطر الصهيوني التاريخي المتنامي في هيمنته وجشعه واحتقاره لكلّ من هم أمامه»؟.
من جهته، دعا المنسّق العام للمؤتمر القومي – الإسلامي خالد السفياني من المغرب، إلى أن «تصبح معركة مقاطعة الكيان الصهيوني خبزاً يومياً لنا في أن يوضع حدّ نهائيّ لأيّ تطبيع أو تعامل مع الصهاينة ومع الكيان الغاصب، وفي أن تتكاتف جهود كلّ أحرار العالم من أجل تحرير فلسطين والتصدّي للإرهاب الصهيوني، وملاحقة المجرمين الصهاينة عن جرائمهم في مختلف المحافل الدولية منها والوطنية».
ثمّ توالى على الكلام عدد من المشاركين، كما وزّعت رسالة وجّهها الوزير السابق ميشال إدة للملتقى ثمّ عرضت أوراق العمل على المشاركين.
فصائل وجمعيات
من جهتها، رأت «جبهة التحرير الفلسطينية» في ذكرى نكبة فلسطين «ضرورة صوغ استراتيجية وطنية للاهتمام بقضية الأسرى كقضية مركزية تواجه سياسات الاحتلال بحقهم، وتأخذ في الاعتبار تحريرهم بكلّ الوسائل، وتعمل على ربط الأقوال بالأفعال».
ودعت إلى «العمل الجادّ من كلّ المؤسسات الوطنية والشعبية لتفعيل قضية الأسرى على كلّ الصُّعد، وإعادة الاعتبار إليها كحقّ وطني ثابت، وليس من بوّابة استبدالهم بأيّ ثابت وطني آخر، والعمل الجادّ والحقيقي على تدويل قضية الأسرى باعتبارهم أسرى حرية واستقلال، والتوجّه إلى المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية، والتحرّك على المستوى الدولي من أجل فضح سياسة الاحتلال بحقّ الأسرى، والتنسيق مع القوى الصديقة لشعبنا وأحرار العالم لنصرة قضيّتهم».
وطالبت «بإعادة الاعتبار إلى وثيقة الأسرى كخطّة إنقاذ وطنيّة متوافق عليها، من خلال تداولها في المحافل السياسيّة والوطنيّة والثقافيّة».
وثمّنت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في بيان، «الصمود الأسطوري والموقف الثوري لأمينها العام أحمد سعدات، والذي يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام، والذي يقدّم مجدّداً نموذجاً صلباً ووحدوياً حتى في أصعب الظروف».
وأكّدت الجبهة «وقوفها مع قائدها وقيادة الإضراب والحركة الأسيرة في معركة الحرية والكرامة التي تخوضها من أجل تحقيق المطالب الجماعية العادلة»، مشيرة إلى أنّ «محاولات الاحتلال إجهاض الإضراب من خلال فرض عقوبات جماعيّة بحق الأسرى المضربين، وإرهاقهم والنَّيل من عزيمتهم لن تحقّق مرادها، وأنّها ستزيدهم إصراراً على الاستمرار في هذه المعركة».
وأشارت إلى أنّها «دعت كافّة فروعها ومنظّماتها في الأرض المحتلّة والشتات إلى اعتبار معركة الأسرى هي الأولويّة رقم واحد حتى تحقيق النصر».
وختمت الجبهة بيانها «بضرورة استمرار حالة الحراك الشعبي والوطني على كافة الصعد، دعماً وإسناداً لقضيّة الأسرى ومعركة الكرامة»، داعيةً «في ذكرى النكبة وتهجير شعبنا الفلسطيني إلى اعتبار كافة المسيرات والفعّاليات تحت شعار: العودة والحرية».
بدوره، أكّد الإفتاء الفلسطيني في لبنان والشتات بعد اجتماعه الأسبوعي، برئاسة قائم مقام مُفتي فلسطين في لبنان والشتات الشيخ محمود سليم اللبابيدي، «ضرورة استمرار النضال والجهاد حتى تحرير كافّة الأرض وعودة أهلها إليها»، مشيراً إلى أنّ «اعتمادنا على أخوتنا العرب سابقاً كان خطأ فادحاً وسذاجة كبيرة، وللأسف تستمر اليوم هذه الخطيئة بالاعتماد على من لا يقدّم لفلسطين سوى البكاء والعويل والقوافي، حيث يذكّروننا بالبيت الشهير «كلّ يغني على ليلاه وعرض ليلى بالإسفلت يرتطم».
ورأى «أنّ نكبتنا الحقيقية اليوم تكمن في الوضع المزري للّاجئ الفلسطيني في بلاد الشتات الذي يُحرم من حقّ العيش الكريم، من التعليم والطبابة والعمل والأمن اللازم للحياة البسيطة، وأنّ من أراد دعم القضيّة الفلسطينية فليبدأ دعمه بالعمل الحقيقي والجدّي لتحسين أوضاع اللاجئيين الفلسطينيّين وضمان العيش الآدمي لهم».
وقال «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان: «دخلنا في السنة السبعين ما بعد النكبة وما زالت فلسطين ترزح تحت الاحتلال الصهيوني، غير أنّ الذي تغيّر هو أنّ حكّام العالم العربي الذين تآمروا على فلسطين وتركوها وحيدة تعاني ألم الاحتلال، ولم يبادروا إلى تحريرها، بل تواطأوا لترسيخ الاحتلال الصهيوني لها في السرّ، وباتوا اليوم يجاهرون بالتعاون مع العدو ويشكّلون معه حلفاً واحداً في مواجهة عدوّ اخترعوه للأمّة وحوّلوه من أخ في الدين وداعم لقضايانا إلى دولة تجب محاربتها، تارة تحت عنوان مذهبي وأخرى تحت عنوان قومي، في حين أنّ مشكلتهم الحقيقية مع هذه الدولة أنّها رفعت شعار تحرير فلسطين، كلّ فلسطين، ورفضت كلّ الحلول الاستسلامية، ودعمت سورية كي لا تسقط أمام الهجمة الكونيّة لأنّ بسقوطها يضعف محور المقاومة، ولن تقوم له قائمة إلى زمن طويل، هذه الدولة هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي حملت قضية فلسطين العربية واعتبرتها قضيّة الأمة، وليست قضية العرب فقط أو الفلسطينيّين وحدهم».
أضاف: «في ذكرى النكبة التاسعة والستين، يخوض الأسرى الأبطال اعتصاما مفتوحاً عن الطعام كي يأخذوا حقوقهم الإنسانية التي تقرّها شرائع حقوق الإنسان وسط صمت مطبق من حكّام العالم العربي وغليان في الشارع وعمى لدى مؤسسات حقوق الإنسان، وهذه نكبة جديدة ومن نوعٍ آخر، إلّا أنّ صمودهم سيؤدّي في نهاية المطاف إلى نَيْلهم حقوقهم المشروعة».
من ناحيتها، أصدرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد» تقريراً، في الذكرى 69 للنكبة بعنوان «تأكيد تمسّك الشعب الفلسطيني بحقوقة وتحذير من نكبات أخرى في أماكن اللجوء»، عرضت فيها «المأساة الإنسانيّة المدمِّرة» التى حلّت بالشعب الفلسطيني عام 1948، كما عرضت للنكبات التي يعيشها الفلسطينيّون في الشتات والأسرى في سجون الاحتلال «الإسرائيلي».
ودعت الاتحاد العالمي للبرلمانيّين والاتحاد العربي للبرلمانيين بإدانة اعتقال عدد من نوّاب المجلس التشريعي الفلسطيني، والعمل بشكل حثيث لإطلاق سراحهم. وطالبت الأمم المتحدة بالعمل على توفير حماية دوليّة للفلسطينيّين، مؤكدةً حق الشعب الفلسطيني في ملاحقة الاحتلال «الإسرائيلي» على جرائمه أمام المحاكم الدولية.
كما طالبت المجتمع الدولي بالعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة، والإيفاء بالتزاماته بإعمار القطاع، وطالبت المجتمع الدولي بالعمل على وقف مشاريع التوسّع الاستيطاني «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وتوفير المزيد من التمويل، كي تتمكّن وكالة «أونروا» من الوفاء بالتزاماتها الإنسانيّة اتجاه اللاجئين.
من جهته، رأى لقاء الجمعيّات والشخصيات الإسلامية في لبنان في بيان، «في ذكرى النكبة المشؤومة، تتواصل الهجمة الشرسة على مكامن القوة العربية، المتمثّلة في المقاومات العربية للعدو الصهيوني، فتتعرّض المقاومة الباسلة لشتّى أنواع التآمر من هذا الواقع العربي السيّئ، الذي صار يُشهر بلا حياء تطبيعه مع العدو وانفتاحه عليه وإقامة العلاقات السياسيّة والدبلوماسية والتجارية والاقتصادية، رغم أنّها حقّقت الانتصارات النوعيّة على العدو الصهيوني».
وشدّد على أنّ «المقاومة الفلسطينية تتعرّض للتآمر … ممّا صار يفرض على كلّ الفصائل الفلسطينية المصالحة والتقارب في ما بينها، وإعادة الوهج إلى العمل المقاوم».