الحريري يتفهّم قلق قانصو ويتعهّد بعدم القبول بما يؤذي الوحدة الداخلية في الرياض هل ينتظر اللبنانيون دعوة عون للقاء الرؤساء في بعبدا… وتوافق على قانون بري؟
كتب المحرّر السياسي
مرّ يومان من المهلة المقرّرة بأربعة أيام لمحادثات جنيف بين الحكومة السورية ووفود المعارضة، وقد استنزف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا نصف المهلة التي تنتهي غداً، بتقديم مبادرة مفصلة لصيغة تشاورية حول العناوين الدستورية، ثم إعلان سحبها من التداول، بالرغم من التفاعل معها إيجاباً مع بعض التحفظ من الوفد الرسمي السوري، ليبدو الأمر وفقاً لمصادر متابعة مجرد إتقان لإضاعة الوقت بسبب عدم الوضوح الأميركي في كيفية التعامل مع التقدّم المتسارع لكلّ من الجيش السوري والحشد الشعبي على طرفي الحدود السورية العراقية، وبالتالي مصير ما أعلنه الأميركيون عما سمّي بالحملة الجنوبية، والتي بات معلوماً انها تستهدف إكمال السيطرة على الخط الحدودي بين سورية والعراق انطلاقاً من نقطة التنف السورية العراقية الأردنية.
لبنانياً، شهد مجلس الوزراء عرضاً من رئيس الحكومة سعد الحريري للمشاركة اللبنانية في لقاءات الرياض لمناسبة زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من دون أن تتطرّق التعليقات والمواقف من الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية لتجاهل الدعوة السعودية لمقام رئاسة الجمهورية، بينما أبدى الوزير علي قانصو خشيته من وجود محاولات لتمرير مواقف تستهدف حزب الله، وضرورة تحسّب الوفد اللبناني لمخاطر التورّط في التزامات تسيء للوحدة الداخلية اللبنانية، ليجيب الرئيس الحريري قلق قانصو بالتفهّم والتعهّد بعدم قبول ما يسيء أو يؤذي الوحدة الداخلية.
على خط البحث عن قانون انتخاب جديد، يخيّم السكون رغم كثرة المواقف الداعية للتفاؤل، بينما وضع في التداول الحديث عن فرضية مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري قبل موعد الجلسة النيابية المقبلة في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، لإعلان التوافق على مشروع الرئيس بري بثنائية النسبية ومجلس الشيوخ، في ظلّ كلام لمصادر متابعة عن مساعٍ على هذا الخط لبلورة تفاهم نهائي يسبق الدعوة، وقد لفت الانتباه تقاطع هذه المعلومات مع ما ورد في نشرة أخبار قناة «أو تي في» عن ربط القانون الجديد بتفاهم الرئيسين عون وبري على النسبية.
الرهان على لقاء عون ـ بري
لم تبرز معطيات جديدة على صعيد قانون الانتخاب مع دخول المشاورات الانتخابية في دوامة مفرغة وفي غياب أي مؤشرات غيجابية توحي بإمكان التوافق على قانون جديد، قبل الجلسة النيابية في 29 الشهر الحالي وعلى رأس جدول أعمالها قانون التمديد، ليبقى الرهان والتعويل على تدخلٍ رئاسي حاسم لفكفكة العقد وإزالة العراقيل من أمام القانون الموعود، وسط حديثٍ عن وساطة تقوم بها بعض الجهات على خط بعبدا – عين التينة، الأمر الذي نفاه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار، حيث أكد أنه «لا يوجد سوى كل الخير بين الرابية وعين التينة والأمور لا تحتاج إلى أي وساطة من حزب الله»، لكن مصادر قناة «أو تي في» أشارت الى أن «الحل في مسألة قانون الانتخاب، يبدأ من اتفاق رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على صيغة النسبية. وهو سيشكل خطوة نحو الحل القريب»، بينما قالت مصادر نيابية مطلعةلـ«البناء» إن الرئيس بري سيتلقف بإيجابية أي دعوة من قبل رئيس الجمهورية لزيارة بعبدا للتشاور في قانون الانتخاب، ورئيس المجلس قام بما عليه وقدّم أكثر من مبادرة انتخابية وأجهضت وآخرها النسبية الكاملة ونظام المجلسين ولن يقدّم المزيد، لكن في الوقت عينه، لم يقفل أبواب الحوار في وجه أحد ويرحب بأي لقاءٍ رئاسي يمكننا من التوصل الى حلول للأزمة الراهنة قبل نفاد الوقت».
ونقل النواب عن الرئيس بري لـ»البناء» بعد لقاء الأربعاء أمس، أنه «لا يزال متفائلاً بإمكانية الوصول الى اتفاق على قانون جديد للانتخابات، وأن مصدر هذا التفاؤل هو استمرار التواصل بين الجميع لتحقيق هذه الغاية، وكذلك مخاطر الذهاب الى الفراغ الذي يصيب الجميع من دون استثناء».
كما نقلوا عنه أن «عدم الوصول الى اتفاق قبل نهاية ولاية المجلس تعني خسارة كبرى للبلد بأسره، لذلك فالرهان يبقى على إنجاز القانون الجديد في أقرب فرصة»، وأضاف: «سنبقى منفتحين في النقاش والتعاطي بمرونة تجاه كل ما يُطرح من صيغ وأفكار في إطار النسبية، رغم ما قيل ويُقال».
وأكد زوار عين التينة أن «تفاؤل بري مبنيّ أيضاً على إدراك الجميع الخطر المحدق بالبلد المتمثل بالفراغ. إذ لا يمكن لأحد أن يتحمل مسؤولية الانزلاق اليه، لأنه سينعكس بالتأكيد وبشكل سريع على باقي المؤسسات ما يدخل البلاد في شلل تام». كما لفتوا الى أن «الرئيس بري طرح مبادرته، لكنه سحبها بعد أن لمس عدم تجاوب بعض القوى معها، ولم تلق آذاناً صاغية».
وقال مصدر في كتلة التنمية والتحريرلـ«البناء» إن «المشاورات مستمرة بين القوى السياسية، لكن من يتمسك بالمشروع التأهيلي الذي لا يزال محط رفض معظم الأطراف، هو مَن يعرقل التوصل الى حل توافقي ويصد الأبواب أمام إقرار قانون جديد ويعرض المؤسسات للخطر والعهد بأكمله للفشل»، ودعت المصادر للاستفادة من المهلة المتبقية قبل أن ننزلق الى الهاوية، مضيفة: «لا يمكن التعامل مع قانون الانتخاب بهذا الأسلوب الاستخفافي وبالنكايات السياسية»، مشيرة الى أن «فتح العقد الاستثنائي بات محسوماً، لإقرار قانون انتخاب جديد في حال تمّ التوصل إليه أو تعديل المهل القانونية لإجراء الانتخابات على القانون الحالي وفقاً للدستور إذا تعذر غنتاج قانون، وإلا الفراغ سيكون حتمياً في 19 حزيران».
جلسة للحكومة في السراي
وحضر قانون الانتخاب من خارج جدول الأعمال في جلسة مجلس الوزراء أمس في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أكد «أنني كنت في السابق ضد النسبية الكاملة والآن أصبحت معها، ونبذل المساعي كلها لإنتاج قانون جديد يكون لمصلحة اللبنانيين كلهم وليس لفئات أو لأحزاب معينة».
ولم يقارب مجلس الوزراء الملفات الساخنة كموضوع الكهرباء والكسارات والمقالع والتجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، غير أن مصادر وزارية، أكدت لـ»البناء» أن هذا «الملف كان محور البحث بين رئيس الجمهورية وسلامة الذي زار بعبدا بالتزامن مع الجلسة، حيث أطلع سلامة عون على الأوضاع المالية الراهنة وعمل مصرف لبنان في المحافظة على الاستقرار المالي». كما لفتت المصادر الى أن «لا خلاف بين مكونات الحكومة حول التجديد للحاكم، بل إن هذا القرار يُتخذ في جلسة في بعبدا يترأسها رئيس الجمهورية»، مؤكدة أن «التوافق حاصل على موضوع التجديد لسلامة لمدة ست سنوات بانتظار أن يتخذ في الجلسة التي ستعقد في بعبدا الأربعاء المقبل».
وأقرّ مجلس الوزراء بنود جدول الأعمال كلها المؤلف من 53 بنداً. وتطرق الى مسألة مشاركة رئيس الحكومة في القمة العربية الإسلامية الأميركية في جدة في 21 أيار الحالي، ووضع الحريري مجلس الوزراء بمشاركته في القمة، وسجلت الجلسة اعتراض عدد من وزراء 8 آذار، بحسب ما علمت «البناء»، لا سيما من رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه، الذي أكد «أننا لن نقبل بأي اتهام يصدر عن القمة ضد حزب الله». بينما رد الحريري بالقول بأن مشاركته في القمة تمّ التفاهم عليها مع الرئيس عون وأننا لن نقبل ولن نلتزم بأي قرار يتخذ ضد أحد المكوّنات اللبنانية وموقفنا هناك سينسجم مع البيان الوزاري للحكومة».
وستحاول بعض الجهات في القمة استغلال فرصة انعقادها للتحريض على المقاومة واستدراج قرار يدين تدخلها في سورية في إطار الضغط على حزب الله بالتوازي مع قرب صدور قرار العقوبات الاقتصادية من الكونغرس الأميركي المجحفة بحق لبنان، قال مصدر وزاري ودبلوماسي سابقلـ«البناء» إن «توجيه الدعوة الى رئيس الحكومة في ظل وجود رئيس للجمهورية ومن دون علمه وهو رئيس البلاد، يعد خطأً بروتوكولياً من الدولة صاحبة الدعوة ومتعمّداً وخارجاً عن الأصول والأعراف الدبلوماسية». وأوضحت المصادر أن «وزارة الخارجية غير مسؤولة ولا يمكنها الاعتراض، لكن لبنان يقبل الدعوة أو يرفضها وبالتالي التلبية تتطلب التفاهم بين رئيسي الجمهورية والحكومة بأن يمثل لبنان رئيس الحكومة».
وأشارت المصادر الى أن «رئيس الحكومة رئيس لكل لبنان وهناك بيان وزاري يؤكد حق الشعب اللبناني بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وفي حال صدر أي قرار ضد المقاومة في مؤتمر القمة، فمن واجب رئيس الحكومة التصدي له والتأكيد بأن حزب الله أحد المكوّنات الأساسية في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء، وأن جزءاً من أرضنا لا زال تحت الاحتلال وأن البيان الوزاري للحكومة يؤكد حق المقاومة في تحريره والدفاع عن لبنان الى جانب الجيش اللبناني».