ماتاريللا: إيطاليا تحافظ على التوازن الدقيق في المنطقة

تسلّم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوة رسمية من الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريللا إلى زيارة ايطاليا، نقلها إليه وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي انجيلينو الفانو الذي زار قصر بعبدا على رأس وفد ضمّ السفير الإيطالي في لبنان ماسيمو ماروتي.

ورحّب الرئيس عون بزيارة الوزير الإيطالي إلى لبنان، وحمّله تحياته إلى الرئيس الإيطالي وشكره على الدعوة التي وجّهها إليه واعداً بتلبيتها وتحديد موعدها عبر القنوات الدبلوماسية، مقدّراً الاهتمام الذي توليه إيطاليا للبنان والذي يتجلّى من خلال زيارات عديدة للبنان من مسؤولين إيطاليين وفي الاجتماعات الدورية. كما عبّر عن امتنان لبنان لمساهمة إيطاليا في القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» منذ إنشائها، فضلاً عن المشاركة الإيطالية الفاعلة في المشاريع الإنمائية والمساعدات الإنسانية.

وعرض الرئيس عون موقف لبنان من التطورات الإقليمية والدولية، متوقفاً عند الخطرين اللذين يواجههما لبنان، خطر الإرهاب الذي تتصدّى له القوى الأمنية اللبنانية ببسالة وتصميم، والخطر «الإسرائيلي» المستمر طالما لم تجد قضية الشرق الأوسط بعد حلاً دائماً وعادلاً لها. كما تناول تداعيات النزوح السوري إلى لبنان، مشدداً على دور المجتمع الدولي في تقديم المزيد من الدعم للبنان في هذا المجال، متمنياً التوصل قريباً إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي معاناة النازحين السوريين. وشدّد على ان تطوير علاقات لبنان مع ايطاليا نحو الأفضل هي هدف من أهداف السياسة اللبنانية الراهنة.

ونوّه الرئيس ماتاريللا في رسالته بالعلاقات الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ 70 عاماً والتي ساهمت في تعزيز علاقات التعاون بينهما. وقال: «يواصل لبنان لعب دوره في قلب الفسيفساء الصعبة التي يتكوّن منها الشرق الأوسط، وتساهم إيطاليا من جهتها في المحافظة على التوازن الدقيق في المنطقة، وذلك من خلال لعب دور ريادي ضمن القوات الدولية العاملة في الجنوب اللبناني اليونيفيل منذ سنوات عدة.

وأكد استمرار الدعم الإيطالي للبنان، منوّهاً بعلاقات الصداقة والتعاون والأخوة بين البلدين ومتوقفاً عند النموذج الذي يمثله لبنان للتعدّدية الحضارية والثقافية. وأشار إلى أن بلاده ماضية في تقديم الدعم للبنان لاسيما للقوى المسلحة من خلال الدورات التي تنظمها، إضافة إلى المشاريع التنموية والإنمائية.

وأعلن أن إيطاليا تُعتبر الشريك الأول تجارياً واقتصادياً للبنان بين الدول الأوروبية. وهي راغبة في تعزيز هذه الشراكة على نحو واسع. وتثمّن عالياً الرعاية التي يحيط بها لبنان النازحين السوريين وأن الأسرة الدولية ممتنة هي أيضاً لما يفعله لبنان في هذا المجال. وأعرب عن ثقة بلاده بأن لبنان بقيادة الرئيس عون سيتمكّن من مواجهة الصعاب والمضي قدماً بنجاح وطمأنينة.

كذلك عرض الوزير الإيطالي الضيف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية التطورات في لبنان والمنطقة.

وبحث وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي والوفد المرافق مع رئيس الحكومة سعد الحريري الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان وايطاليا.

ثم زار الوزير الإيطالي أيضاً قصر بسترس، حيث التقى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وأجريا محادثات ثنائية عرضا خلالها التعاون المشترك بين البلدين والأوضاع في المنطقة والجهود في إطار حل الأزمة السورية. وأعقب مؤتمر صحافي مشترك استهله الوزير باسيل بالقول إن البحث تناول «مخاوفنا الناتجة عن التداعيات السلبية للاضطرابات في المنطقة، لا سيما تلك الناجمة عن الأزمة السورية». واتفقنا على أن الحل السياسي الشامل وحده قابل للحياة في سورية، وأنه ينبغي أن يشمل العودة الآمنة للنازحين واللاجئين».

وجدّد باسيل تأكيد أن لبنان قد «وصل إلى نقطة الانهيار من حيث قدرته وحيداً على تحمّل الأعباء الاقتصادية، والديموغرافية، والاجتماعية، والسياسية، والأمنية، الناتجة عن التدفق الكثيف للسوريين إلى أراضينا».

وتابع «شاركنا شكوكنا بشأن النتائج الضعيفة التي حققها التحالف الدولي ضد «داعش»، ففي هذه الحرب الجماعية ضد الإرهاب، لا معنى للانتصارات على أرض الواقع إن لم تقترن بهزيمة مَن يموّلون ويرعون هذه المنظمات الإرهابية، لذلك نشدّد على أن لبنان منخرط تماماً في هذا المسعى: فهو في طليعة الخطوط الأمامية للمعركة العسكرية ضد داعش، من خلال قواته المسلحة، ومن خلال حمل رسالة التسامح والإنسانية للعالم، يقدم النموذج اللبناني الرسالة المضادة المثالية للأفكار المرضيّة التي تنشرها قوى الإرهاب».

وأشار إلى أن «القيادة السياسية اللبنانية تظهر استعدادها لإرساء أسس مستقرة لجهودنا الوطنية لتحقيق الرخاء الدائم. وهذا يتفق مع التزامنا بإصلاح نظامنا السياسي من خلال مكافحة الفساد وفرض قواعد صارمة للشفافية الكاملة في جميع القطاعات العامة. واتفقنا في هذا السياق على أن الاستغلال السليم لمواردنا من النفط والغاز يمثل معلماً بارزاً لرخاء لبنان. ونحن نرحّب باهتمام الشركات الإيطالية وخبرتها في هذا المجال».

وأكد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع ايطاليا، مستفيدين من ناحية أولى من كون إيطاليا أكبر شريك تجاري أوروبي للبنان ومن ناحية أخرى، من سبل التعاون الجديدة التي كان تمّ الاتفاق عليها بين لبنان والاتحاد الأوروبي في أولويات الشراكة للسنوات الأربع المقبلة.

وقال الوزير الإيطالي من جهته، إن ما يقوم به لبنان في اطار مكافحة الارهاب، ليس من أجله فقط إنما من أجل العالم بأسره. ودائماً يمكنه التعويل على مساعدة ايطاليا. وأعلن أنه وجّه دعوتين إلى الوزير باسيل لزيارة روما، على أن تكون الزيارة الأولى قريباً والثانية في تشرين الثاني المقبل خلال فاعليات الحوار المتوسطي الاوروبي.

وتفقد الوزير الإيطالي كتيبة بلاده العاملة في إطار القوات الدولية «اليونيفل» في الجنوب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى