الدعوة المنقوصة والمسارات المتناقضة
معن حمية
حرص رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، على أن تكون السعودية أول محطة في برنامج زياراته الخارجية. وقد أنجز الرئيس عون الزيارة وعاد مطمئناً إلى علاقات جيدة مع المملكة، بعدما سمع كلاماً من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، يؤكد الثقة الكبيرة برئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
الرئيس عون أبدى في مواقفه، خلال الزيارة وبعدها، حرصاً كبيراً على علاقة لبنان بالمملكة السعودية، وكان يفترض أن تظهر نتائج إيجابية للزيارة، من خلال بعض الخطوات والإجراءات التي تحدّث عنها الملك سلمان، لكن شيئاً بهذا الخصوص لم يحصل، حتى أنّ السياحة السعودية إلى لبنان، التي وعد سلمان بها لم تتحقق، في حين تبدّدت «الهبة السعودية» في معاملات حصر الإرث الملكي.
الملك سلمان وأثناء استقباله الرئيس عون أعلن أنّ «السعودية ترغب في المحافظة على العلاقات التاريخية مع لبنان وتطويرها»! لكن ماذا تفعل السعودية في سبيل هذه العلاقات، وهي لا تتقدّم خطوة واحدة باتجاه تطويرها؟
هناك مساران متناقضان في العلاقات السعودية اللبنانية.
ـ مسار بدأ مع دور سعودي ساهم في التوصل إلى اتفاق الطائف 1989، الذي أنهى الحرب في لبنان وأقام سلماً أهلياً، وأكد حق مقاومة الاحتلال الصهيوني.
ـ ومسار آخر بدأ في العام 2006، حين وصف الملك السعودي المقاومين بالمغامرين، وهذا التوصيف شكّل يومذاك دعوة صريحة للدول التي تدعم «إسرائيل» في حربها على لبنان، من أجل مواصلة الحرب حتى تصفية المقاومة.
حين تقرّر السعودية دوراً مكملاً لمسار إنتاج الطائف وتحقيق السلم الأهلي في لبنان، فإنّ العلاقة لا تحتاج إلى صيغ أو جهود لتعزيزها وتطويرها، أما وأنّ السعودية قرّرت مسار استعداء المقاومة، واستعداء سورية، والوقوف في ضفة أميركا و«إسرائيل»، فإنّ الكلام عن علاقات سعودية ـ لبنانية سليمة ومؤسسية، ليس دقيقاً، لأنّ مفهوم السعودية للعلاقات بين الدول، يقوم على مبدأ الرشوة والارتشاء، ولذلك تبخّرت «الهبة»، وبهتت السياحة، وازدادت نسب التحريض على المقاومة.
وعليه، فإنّ ردّ الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية للسعودية، جاء بتجاهل دعوته للقمة الإسلامية الأميركية التي دُعي إليها رؤساء عشرات الدول، واكتفت السعودية بدعوة رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي استبق الدعوة بتصعيد مواقفه ضدّ إيران وسورية والمقاومة، بما يتماشى مع مناخ القمة التي دُعي إليها، علماً أنّ الحريري حين عرض متأخراً الدعوة في مجلس الوزراء، تعهّد بعدم قبول أيّ قرار ضدّ أيّ فريق لبناني، وذلك بعد أن عرض رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو لما قد يصدر عن القمة من قرارات تستهدف المقاومة، وملمّحاً إلى أنّ عدم دعوة رئيس الجمهورية سابقة بروتوكولية كان يجدر التصدي لها، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها.
ورغم أنّ رئيس الجمهورية ليس معترضاً، وأنّ الوفد المرافق للحريري يضمّ وزير الخارجية جبران باسيل، فإنّ السؤال الجوهري المطروح «ما هي الاعتبارات التي تدفع السعودية إلى عدم توجيه الدعوة للرئيس عون؟».
الخشية كبيرة، من أن يكون هذا التصرف السعودي، مقدّمة لنهج سعودي يتعامل مع دويلات لبنانية وليس مع دولة مركزية واحدة…!
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي