ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.
إعداد: لبيب ناصيف
الوجه الحزبيّ المضيء في النبطية وساحل العاج… الأمين مصباح ضاهر
بعض الرفقاء تتلازم حياتهم مع حياة العمل الحزبيّ في المتّحد حيث يقيمون، بحيث لا يمكن، مثلاً، أن تذكر الحزب في «النبي عثمان» إلا وتذكر معه الأمناء علي نزهة، ديب كردية ومحسن نزهة.
هكذا الأمين مصباح ضاهر بالنسبة إلى الحزب في النبطية، نشوءاً ونشاطات، وفي أبيدجان، إلى جانب الرفقاء توفيق عسيران 1 ، كامل عميص 2 ، نصري أبو سليمان 3 ، علي شمس، قاسم ضاهر 4 ، نعيم أبو خليل 5 ، وغيرهم من الرعيل الذي أنار وجعل للحزب حضوره المشعّ في البلد الأفريقي.
عرفته جيداً أثناء تولّيّ مسؤولية عميد لشؤون عبر الحدود، في حين كان الأمين مصباح مسؤولاً عن الفرع الحزبي في أبيدجان، وله حضوره المتقدّم في الجالية.
ولد الأمين مصباح ضاهر في دكار ـ السنغال عام 1927، إنما سجّله المختار عندما حضر مع والدته إلى الوطن على أنه من مواليد لبنان عام 1929. اقترن من الآنسة صفاء عبد اللطيف قديح 6 من مواليد النبطية.
درس الأمين مصباح في النبطية، حائزاً الشهادة الابتدائية، فالتكميلية في مدرسة «الحكمة» ـ بيروت. بعدها انتقل إلى صيدا فدرس في كلّية «المقاصد» البكالوريا الفرع الأول ثمّ الفلسفة… بعد ذلك المحاسبة العامة والتاريخ والجغرافيا والأدب والفلسفة… هذا ما يقوله في تقرير قدّمه إلى لجنة تاريخ الحزب بتاريخ 16/2/2000. ويضيف:
«كنت أكتب من وقت إلى آخر في بعض الصحف، وبالأخص في مجلة كل شيء على أيام المرحوم سعيد سربيه… ولم أزل أكتب… وأسطّر في بعض الأحيان قسماً من المواضيع التاريخية والسياسية.
كنت شبلاً عام 1942 حين أقسمتُ اليمين وأنا في حالة مرض شديد في فصل الشتاء القارص بطلب منّي، ولكن أعيد قَسَمي عام 1943 عندما أصبحت في سنّ 16 على يد الرفيق غسان تويني والأمين فارس معلولي بحضور الرفيقين رفيق شاهين النائب لاحقاً وغالب رضا، في بيت رفيق شاهين في النبطية. فأُسّست أول مديرية مستقلة للحزب في النبطية، من الرفقاء: حسن قنديل 7 ، حسن الحسن 8 ، محمد أمين صباح 9 ، محيي الدين طه، غالب رضا، مصباح ضاهر، غالب شاهين، سليم الصباغ 10 ، محمد حسين ضاهر، محمد جواد صباح، حسين جواد صباح، حسين علي صباح، فهمي شاهين، علي شمس، نمر جابر ويوسف جابر.
عُيّنت مذيعاً وابتدأت نشاطاً مكثّفاً في قرى وبلدات النبطية: زبدين، أنصار، زوطر، ميفدون، كفرتبنيت، حبّوش، الزهراني، النبطية الفوقا، بريقع إلخ…
عام 1947 انتقلت إلى صيدا لأدرّس في كلّية «المقاصد»، وكُلّفت بمتابعة النشاط الحزبي مع المنفذ العام الرفيق محمد الشماع 11 ، ومع الرفقاء: يوسف مروة 12 ، غالب شاهين 13 ، فهمي شاهين 14 ، هشام أبو ظهر 15 ، كمال سنو 16 ، وأنيس صايغ 17 .
عام 1947 كنت في استقبال الزعيم في المطار ثم سرت مع الجموع إلى الغبيري وسمعت خطابه الذي كان له دويّه في كلّ أرجاء الأمة.
بعد استشهاد الزعيم بتّ مراقباً في كلّ تصرفاتي وأعمالي وحركاتي من قبل الدولة… وأصطدم بين الحين والآخر بقوى الأمن، ما جعلني أقرّر الرحيل وأسافر إلى فرنسا عام 1951 ومنها إلى غنوا في شاطئ العاج ملتحقاً بالمرحوم والدي، فأسّستُ مديرية فيها مع بعض الرفقاء وعيّنني المركز مديراً لهذه المديرية وبقيت فيها إلى عام 1972، ثم انتقلت إلى العاصمة أبيدجان لفتح متجر هناك. وبعدها اختارني المركز لأن أكون منفذاً عاماً، ثمّ منتدباً لأفريقيا الغربية كلّها…
بعد الانقلاب 1961 ـ 1962 أبديتُ نشاطاً بالتنقل في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة من أجل مساعدة الرفقاء الأسرى برسائل وعرائض متعدّدة موجّهة إلى النواب ورئيس الجمهورية، وذهبت إلى مونروفيا ـ ليبيريا، لأساعد الرفيق رجا اليازجي لمدّة شهرين في تنظيم شؤون المنفذية، ثم ذهبت مكلّفاً من قبل القوميين في المغترب لأقابل غبطة البطريرك معوشي في الديمان صيف 1963 من أجل موضوع أحكام الإعدام… وكان البطريرك متجاوباً معي حيث قال: أخبر المغتربين أنّ هذا لن يصير أبداً ما دمت حيّاً…».
وفاته
وافت المنيّة الأمين مصباح ضاهر صباح يوم الجمعة 21 تشرين الأول عام 2005، وشيّع في اليوم التالي إلى مثواه الأخير وسط حضور حزبيّ وشعبيّ حاشد، شاركت فيه منفذيات الجنوب، إلى حشد من أبناء النبطية والقرى المجاورة.
وقد جاء في نعي الحزب:
كان الأمين مصباح ضاهر وجهاً بارزاً للحزب في أوساط الجالية في ساحل العاج، ما جعله يتولّى مسؤوليات أساسية في فرع «الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم» في أبيدجان وفي شاطئ العاج، مشاركاً في عددٍ من مؤتمراتها.
تميّز الأمين مصباح بقدوته النضالية، ما أهّله لإقامة أوسع العلاقات في شاطئ العاج وخارجها، وصداقات كثيرة في الوطن وعبر الحدود، وكان يتمتّع بثقافة جيدة حزبية وعامة، وقد انكبّ في أواخر سنوات حياته على كتابة مذكّراته، إلا أنه لم يتمكّن من متابعتها فإصدارها في كتاب، كما كان يسعى ويتمنّى، وكنا ننتظر بدورنا.
أصدر في تشرين الأول من العام 2000 كتيّباً بعنوان «من نحن» باللغتين العربية والفرنسية تناول فيه ما قدّمته أمتنا للحضارة الإنسانية، وكتب مقدّمته أحد أركان «الجامعة اللبنانية الثقافية» في ساحل العاج الراحل فؤاد سلامة.
نبذة شخصية
الاسم الكامل: مصباح حسين علي ضاهر
الأم: ميرا ابراهيم غندور
الزوجة: صفاء عبد اللطيف قديح
الأولاد: إليسار، حسين، غسّان وحسن وجميعهم أصدقاء للحزب
تاريخ الانتماء: النبطية 1943
المسؤوليات الحزبية: مذيع في مديرية النبطية المستقلة عام 1944. مدير مديرية الطلبة في صيدا عام 1947. مدير مديرية غنوا شاطئ العاج في 1951. منفذ منفذية شاطئ العاج 1974. معتمد أفريقيا الغربية مستمرّاً في مسؤولية منفذ عام شاطئ العاج 1976. مُنح رتبة الأمانة عام 1973.
يورد الرفيق حسن قنديل في المقابلة التي أجرتها معه الرفيقة الإعلامية هناء الحاج، أن الأمين مصباح كان زميلاً له في الصف التكميلي البروفيه . «ذات يوم مرض بداء الكوليرا، فرحنا نزوره مع عدد من الرفقاء الطلبة، أمثال سليم الصباغ، محيي الدين طه، ومحمد نعمة، ونتحدث عن الحزب.
جواباً على سؤاله، أخبرتُ مصباح بأنني أقسمت اليمين، فأصرّ، رغم مرضه، على أداء القسم، فهو يريد أن يموت قومياً اجتماعياً. وتمّ ذلك، فقد أدّى القَسَم وهو على فراش المرض.
هوامش:
1 توفيق عسيران: من صيدا. تولّى مسؤولية الفرع الحزبي في أبيدجان في أوائل سبعينات القرن الماضي. نعدّ نبذة عنه.
2 كامل عميص: من صيدا. كان شريكاً للرفيق توفيق عسيران في المصنع الذي أسّساه معاً في أبيدجان، وانضمّ إليهما الأمين نصري أبو سليمان، مديراً وشريكاً. كان رفيقاً نشيطاً ومناقبياً.
3 نصري أبو سليمان: من بلدة المتين. مًنح رتبة الأمانة. وتولّى رئاسة المكتب السياسي إلى مسؤوليات حزبية. للاطّلاع على النبذة المعمّمة عنه الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
4 قاسم ضاهر: كان رفيقاً نشيطاً ورجل أعمال ناجحاً. تعرّض للاغتيال في أبيدجان. للاطّلاع على ما أوردناه عنه عند رحيله الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً. نعمل حالياً على إعداد نبذة غنيّة عنه.
5 نعيم أبو خليل: من بلدة القليلة صور . تولّى بنجاح مسؤولية مدير مديرية أبيدجان، ولما انتقل إلى ليبيريا تولّى بنجاح أيضاً مسؤولية مدير مديريتها المستقلة. مُنح مؤخراً رتبة الأمانة.
6 صفاء عبد اللطيف قديح: لا يسعني إلا أن أشير بتقدير كبير إلى شقيقتها الشاعرة المعروفة الراحلة إكرام قديح مكي، التي نعدّ نبذة عنها.
7 حسن قنديل: نشط حزبياً في الوطن وفي سيراليون، وكانت له مسؤولياته. مراجعة النبذة عنه في أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً.
8 حسن الحسن: كان مديراً عاماً للإذاعة، قريب للأمين مصطفى عزّ الدين.
9 محمد أمين صباح: نشط حزبياً في النبطية ثمّ في أبيدجان. تكلّم عنه الأمين نواف حردان في الجزء الأول من «على دروب النهضة». للاطّلاع على النبذة عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.
10 سليم صبّاغ: من الرفقاء الذين تحرّكوا جيداً في الخمسينات. شقيقه الرفيق الراحل الدكتور رامز صبّاغ.
11 محمد الشمّاع: للاطّلاع على النبذة المعمّمة عنه الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً.
12 يوسف مروّة: دكتور في الفيزياء. مقيم في كندا. له مؤلّفات عدّة أشهرها عن المخترع كامل الصباح.
13 غالب شاهين: النائب في إحدى الفترات.
14 فهمي شاهين: النائب في إحدى الفترات.
15 هشام أبو ظهر: الصحافيّ المعروف.
16 كمال سنّو: كان صحافياً معروفاً في الخمسينات والستينات. عمل في «النهار» وفي صحف أخرى.
17 أنيس صايغ: شقيق الدكتور فايز والرفيق يوسف. مؤلّف معروف. للاطّلاع على ما نشرنا عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.