آخر مستعمرة في الصحراء الغربية بإرادتنا نقرّر مصيرنا رغم التعتيم الإعلامي
سماهر الخطيب
في الوقت الذي تعاني فيه منطقتنا من حروب ومعارك ضارية في محاربة الإرهاب والصهيونية تتجه الأنظار نحو أقصى المغرب العربي، حيث يجب أن نضطلع بمسؤولية قضايانا وأن نقرّر مصيرنا بإرادتنا وأن نُبقي تقرير المصير من حقنا وحدنا حتى نستطيع تعيين الأهداف ورسم السياسات التي تتوافق مع مبادئنا، فكلّ قضية في العالم العربي هي بالمحصّلة تمسّنا وتنصهر في بوتقة اهتماماتنا وتوجهاتنا لما لها من صلات تاريخية وثقافية وتقارب في المصالح .
وتحت عنوان «آخر مستعمرة» وبدعوة من ممثلية البوليساريو في المشرق العربي والمتضامنين في لبنان أقيمت في بيروت ندوة عن الصحراء الغربية وقضية الدولة العربية الصحراوية .
بحضور العميد وائل الحسنية ممثل الحزب السوري القومي الاجتماعي، والوزير المستشار البشير مصطفى السيد ممثلاًً للدولة الصحراوية، والدكتور وائل العياشي ممثلاًً عن اللجنة الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، الدكتورة ليلى بديع ممثلة عن لجنة التضامن اللبنانية مع القضية الصحراوية، الدكتور بوجمعة صويلح، السفير الشيخ ماء العينين، المحامي محمود مرعي ممثلاً عن اللجنة السورية للتضامن مع الشعب الصحراوي، مصطفى محمد الأمين ممثل البوليساريو في المشرق العربي إضافة إلى حشد من شخصيات ديبلوماسية وسياسية وإعلامية أخرى.
كلمة السيد
افتتح الندوة الوزير السيد متحدثاً عن الوضع الراهن في الصحراء الغربية، موضحاً سبب الحرب مع الجيش المغربي بعد قيام المغرب في أواخر عام 1975 بضم الصحراء الغربية واقتسامها مع موريتانيا التي أبرمت بعد فترة اتفاق سلام مع جبهة البوليساريو لتتواصل الحرب مع الجيش المغربي مدعوماً من قبل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا إضافة إلى التمويل من قبل دول الخليج العربي إلى أن دخلت الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية بمساعٍ حميدة تحوّلت إلى وساطة قبول الطرفين بوقف لإطلاق النار في السادس من أيلول 1991 وإجراء استفتاء يختار فيه شعب الصحراء الغربية الانضمام إلى المغرب أو الاستقلال، إلا أنه وبعد مرور ربع قرن لم يتم هذا الاستفتاء بسبب رفض المملكة المغربية تطبيقه ولا تزال المنطقة بين اللاسلم واللاحرب. كما تطرأ إلى كون القضية الصحراوية مسجّلة لدى الأمم المتحدة منذ العام 1963 كقضية تصفية الاستعمار ضمن لائحة 17 بلداً الذين لم يتمكّنوا من نيل استقلالهم وإن هذا القرار الأممي يتكرّر منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، وأكد على استمرار كفاحهم ونضالهم حتى الحصول على استقلالهم من القوات المغربية واختتم كلامه مؤكداً تمسّك الجمهورية العربية الصحراوية بالمشتركات العربية وبالهوية العربية وبأن قضيتهم لن تُنسيهم القضية الأساسية وهي القضية الفلسطينية .
كلمة اللجنة الوطنية الجزائرية
أما كلمة اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، فألقاها الدكتور سعيد العياشي الذي أكد أحقية هذا الشعب بالاستقلال ونيل الحرية، وأعرب عن قلقه حيال زعزعة أمن المشرق العربي وتحويله ساحة حرب تتأثر فيها دول الجوار وإن الدولة الجزائرية هي داعمة ومؤيدة لكل فصائل المقاومة واًلتحرير انطلاقاً من ثورة تشرين الثاني التي هي شعلة الحرية والنضال، كما أنه تطرق إلى الموضوع السوري وإن الجزائر قيادة وشعباً هي قلب واحد مع الدولة السورية الشقيقة .
كلمة الحزب القومي
وألقى العميد وائل الحسنية كلمة الحزب السوري القومي الاجتماعي كلمة قال فيها «من دواعي سروري للمرة الثانية خلال فترة وجيزة أن أقف معكم على منبر جبهة البوليساريو. هذه الجبهة التي تستمدّ روحها وقوتها من قوة الشعب وصمود شعب الصحراء العربية.. هذا الشعب الذي انجبل بالمقاومة والكرامة والعزة والشرف والإباء. هذا الشعب الذي لم ينحن ولم يهن، لا بل حمل البندقية وانطلق للكفاح والصراع في وجه الانتداب وقاتل ضد الانتداب الاستعماري الإسباني ليفاجئ بأن احتلالاً آخر قد جثم على صدره فلم يستكن وذهب يقاتل هذا الاحتلال»..
وأضاف: «هذا الشعب يعيش أبسط شظف العيش. حتى الآن نحن ننعم بالكهرباء منذ سنوات، ولم تصل الكهرباء إليه إلا منذ سنة تقريباً. نحن نعيش في حالة من الرخاء النسبي رغم أيضاً صعوبات العيش في عالمنا، لكن هذا الشعب مازال يعيش في المخيمات وفي الصحراء، ولكن الكرامة والعزة والإباء والعنفوان لديه كان أكبر من كل ذلك، وقد تحدّى كل هذه الصعوبات وانطلق يقاوم. فاستمدت جبهة البوليساريو قوتها من قوة هذا الشعب ومن روحية هذا الشعب وكانت تقاوم من أجل كرامته ومن أجل أن لا تترك الاحتلال يجثم على مقدراته.
تحت أقدام أهلنا في الصحراء كنوز تستطيع أن تحيي مجتمعات، لكن هذا الشعب لا يستطيع أن يستخرج هذه الكنوز من قلب الصحراء لاستخدامها من أجل معيشته وحياته وكرامته، لأن الاحتلال واقف في المرصاد لكل عملية تنموية، ورغم ذلك نرى عزة الحياة هناك على أوسع أبوابها نرى المفكّرين والمثقفين والطلاب والمنتجين، رغم ما يعيشه هذا الشعب ورغم ما تعيشه هذه الجبهة».
وختم الحسنية قائلاً: «باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي عشق حب المقاومة والذي كان المقاوم الأول في وجه العدو الصهيوني في فلسطين، الحزب الذي منه سقط الشهيد الأول على بطاح فلسطين ومنه كانت الشهيدة سناء محيدلي، إلى هذه الثورة نهدي كل تحياتنا ونقول لها إننا معكم ونحيي شهداءكم ونحيي جرحاكم، ونقول عاشت الدولة العربية الصحراوية».
كلمات للمشاركين
وتناولت الدكتورة ليلى بديع الحديث عن «التاريخ الصحراوي والحدود الطبيعية للمملكة المغربية التي تتنافى مع احتلالها سواحل الدولة الصحراوية».
فيما أكد الدكتور بوجمعة صويلح عن «أحقية الشعب الصحراوي بنيل استقلاله من خلال ربط القضية الصحراوية بالقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة».
وتحدثت نانا الرشيد عن «دور المرأة الصحراوية وربط دورها بمعادلة الثقافة والمقاومة، وأهمية دور المرأة الصحراوية في هذه المعادلة».
وكان للسفير الشيخ ماء العينين حديث عن «السياسة المغربية التي تتبعها في نهب خيرات الساحل الصحراوي وانتهاكاتها الأمنية والعسكرية للأراضي الصحراوية لمنع إجراء الاستفتاء».
واختتمت الندوة بقصيدة شعرية من وحي المناسبة ألقتها نانا الرشيد.
في السياق، وعلى هامش الندوة أكد الوزير السيد للبناء «إن الهدف والغاية هما تقوية العلاقات مع العالم العربي، رغم غياب الحاضنة العربية، وكان التعويض بأفريقيا وأميركا اللاتينية، ولكن الخيار يبقى عربياً وإن التقصير الإعلامي ربما يعود إلينا كدولة بسبب الفقر والجهل والضغوط التي تتعرض لها الدولة الصحراوية من المغرب التي طوقتنا إعلامياً لكتم الصوت، ولكن رغم ذلك التطويق والتعتيم الإعلامي وجدنا دعماً لقضيتنا التي لو رفع عنها الستار لرجفت قلوب وتداعت مشاعر». وعن مصير الصراع قال «إننا قاومنا ونحارب بأرض صحراوية من دون ساتر ومن دون حماية طبيعية في مواجهة تحالفات كبرى، فالمغرب يحظى بدعم أميركا و« إسرائيل» والخليج العربي، ومع ذلك فرضنا توازناً عسكرياً واحتراماً نجم عنه تدخل الأمم المتحدة، وبالتالي نحن جاهزون لسلام ولاستفتاء فنحن دعاة السلام وإذا ما قوبلنا بالحرب فنحن جاهزون لها كوننا أصحاب حق». وعن موقفهم من القضايا العربية أكد بأن «فلسطين الجناح الغربي العربي، وبالتالي التوأم وبأننا على درب المقاومة في سورية والعراق واليمن».
وفي سؤال ممثل الجزائر الدكتور وائل العياشي عن موقف بلاده من هذه القضية وضرورة حلها سلمياً قال بأن «مساعي الجزائر هي مساع حميدة بين الطرفين لإنهاء هذا الصراع سلمياً حتى لا تتطور الأمور وتؤدي بالتالي إلى زعزعة المنطقة وتحويلها بؤرة صراع مسلح يطول أمده، ونحترم أي نتيجة يتم الوصول إليها ضمن الشرعية الدولية وليس هناك خلاف سياسي أو مطامع بكلا الطرفين».