عون: أنا لم أتراجع عن النسبية ولا أريد الستين لكن هل أترك الجمهورية فالتة؟
اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «التمديد لمجلس النواب هو دوس على الدستور»، ودعا خلال استقباله في قصر بعبدا، وفداً من «نادي الصحافة»، إلى «احترام موادّه وعدم التوسّع في تفسيرها وفق أهواء كل طرف أو جهة».
ورداً على سؤال قال «أنا لا أريد أن أدخل في نيات مَن يقول إننا إذا ما وصلنا إلى نهاية ولاية المجلس النيابي فإننا سنصل إلى نوع من الفوضى على مستوى المؤسسات الدستورية. بالنسبة لي، لدينا دستور واضح. أنا لا أريد قانون الستين، ولكن إذا لم نصل إلى حل ويتم الاتفاق على قانون جديد، فهل أترك الجمهورية فالتة؟ هناك حلّ وكان بالإمكان أن يطبق قبلاً لو حصل اتفاق. لكن حتى الساعة لم يقر القانون الجديد فليقل الشعب كلمته».
وتابع عون: «أنا لم أتراجع عن النسبية، لا بل إنني كنت أول من طرحها، وهم بدأوا بها في المشروع المختلط لأن البعض أخذ حقوقاً ومنعها عن الآخرين. ولنقل الأمر بصراحة، إن المناصفة ليست محترمة، لا بل المرابعة والمعاشرة… غير معترف بها. وأنا عندما ترشحت في الانتخابات النيابية في العام 2005، وجدت في جبيل وكسروان والمتن فقط قيمة مؤثرة للصوت المسيحي لم أجدها في أقضية أخرى. وهذه الحقيقة لا يجوز وصفها بالطائفية، لأنها مسألة متعلقة بالحقوق الوطنية للمسيحيين، مثلما هناك من حقوق للشيعة وللدروز ولسائر المسلمين. وهو ما ندافع عنه لدى الجميع. لقد قمنا بمحاولة أولى بالعودة إلى الأقضية، لكنها لم تكن كافية وإن زادت قليلاً نسبة أرجحية الصوت المسيحي. فنادينا بالقانون النسبي على أساس 15 دائرة، ولكن لا يعتقد أحد أنه بالنسبية سنستعيد الحقوق كافة. وحتى هذا الطرح لم يتمّ القبول به. فطرحنا مشاريع أخرى من بينها المشروع التأهيلي الذي اقترحه الرئيس بري فرفضوه. وكنا اتفقنا، قبل الرئاسة، على مشروعين، على أن نسير بالذي يتمّ التوافق عليه. أنا الآن مستمع إلى أن يأتوا هم إلي. فأنا لن أذهب إلى التحكيم بين أطراف لن يلتزموا، عندها أصبح فرداً من المختلفين. هذا ما وصلنا إليه حتى اليوم. لكن لديّ النية والإرادة لوضع قانون انتخابي جديد».
وشدد على أن «لا داعي للتهويل بالفراغ، لأنه إذا حل موعد انتهاء ولاية مجلس النواب من دون التوصل إلى قانون انتخابي جديد، فإننا سنعمل بهدي الدستور وما ينص عليه لجهة دعوة الشعب إلى الانتخابات ضمن مهلة تسعين يوماً، وتكون هذه الانتخابات على أساس القانون النافذ إذا لم يُقرّ المجلس قانوناً جديداً، على رغم أن الجميع وافق على ما ورد في خطاب القسم وفي البيان الوزاري لجهة إقرار قانون انتخابي جديد، لكن ثمة من عمل على التضامن مع الآخر كي يفشل الاقتراحات التي قدمت وحصل توزيع للأدوار تحقيقاً لهذه الغاية».
وأكد أن «ما قاله وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عن الموقف اللبناني من إعلان الرياض صحيح مئة في المئة»، مشيراً إلى أن «لبنان لا يمكنه أن يقف إلى جانب طرف، ونحن لسنا مستعدين للعب دور كهذا. من هنا كانت دعوتنا للمصالحة على أن نساعد في تحقيقها».
وأشار إلى أن «حلّ مسألة السلاح يتم من خلال الاتفاق على الاستراتيجية الدفاعية»، لافتاً إلى ان «الأمن مستقر في الداخل، لكنه غير مستقر على الحدود، ولا تزال ازمة الشرق الأوسط بلا حل. وقد أتت الفوضى الخلاقة وتمّت تسميتها بالربيع العربي، وصدق البعض ذلك، فانظروا إلى ما وصلنا اليه؟ وكل الدول تتكلم عن محاربة الإرهاب. ألا يعرفون في دول العالم مَن يمول هذا الإرهاب، ومن يسانده فكرياً ومالياً؟ أنتم ألا تعرفون؟ ربما لا تعرفون الحقيقة كاملة، لكنكم تعرفون قسماً كبيراً منها. ونحن في كل يوم نسمع مَن يكذب علينا والصدق غير موجود».
وعن انعكاسات ما جرى في السعودية داخل مجلس الوزراء، أجاب الرئيس عون: «لا اعتقد ذلك، فنحن متضامنون في ما يتعلق بالسياسة اللبنانية، ومتضامنون كذلك حول ما قلته في خطاب القَسَم، وما ورد في البيان الوزاري، إضافة إلى كلمتي امام القمة العربية. وكان الموقف واضحاً وهو يدعو الاطراف إلى الجلوس والمصالحة، على أن يتم تحديد ما هي المصالح الحيوية لكل طرف كي يحترمها الآخر. انا ادعو للمصالحة والتفاهم، لا ان أقف إلى جانب طرف من الاطراف، فلا يمكنني ذلك، لأنه إذا ما وقفت مع أي طرف أكون في الوقت عينه أؤذي الطرف الآخر. ونحن لسنا مستعدين للعب دور كهذا. من هنا كانت دعوتنا للمصالحة على أن نساعد في تحقيقها».
من ناحية أخرى، شدّد رئيس الجمهورية على أنه «مع الحرية المطلقة للصحافة، لا سيما أنها السلطة الرابعة، لكن سقف الحرية هو الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزه»، محذراً من «الأكاذيب والشائعات التي يُطلقها بعض النواب، مستغلّين حصانتهم من دون أن يقدّموا بيانات وأدلة على ما يدعون»، لافتاً إلى «الخطر الذي يُصيب الاستقرار الاجتماعي والنفسي من جراء إلقاء شائعات وأكاذيب»، داعياً الصحافة إلى «وضع حد لها والمساعدة على كشف الحقائق»، مؤكداً أن «العمل جارٍ لإنجاز قانون خاص للمحافظة على الشفافية سيزيد من حصانة الصحافيين والعاملين في حقل الإعلام».
وأكد أن «على رجال الصحافة مسؤولية في نقل حقيقة الواقع»، واعتبر ان «البعض لا يتحمل المسؤولية كما هو مطلوب، حين يعمد إلى اعتماد الاسلوب الفضائحي عن الآخرين». وسأل: «لماذا لا يعمد الصحافي إلى سؤال الوزير أو النائب عما اذا كان يملك البيّنة على ما يقول؟ مع الأسف ان معظم الذين يطلقون الشائعات لا يمتلكون البينات، وخصوصاً بعض النواب الذين يستغلون حصانتهم لرمي الأكاذيب التي تخلق عدم استقرار نفسي. ويحتار الشعب من يصدّق. فالنائب غير مسؤول عن كلامه ولا تتم محاسبته، لكن الناس يصدقون الكذبة وينتشر كلام أن كل الذين يتعاطون الشأن العام مثل بعضهم البعض. «كلهم يعني كلهم». لا، إن الأمر ليس كذلك، فهناك أوادم، وانتم الذين تعملون في الإعلام يجب أن تساعدونا على اكتشافهم».
إلى ذلك، شهد قصر بعبدا سلسلة لقاءات، تناولت مواضيع سياسية وثقافية وإنمائية.
وفي هذا السياق، استقبل الرئيس عون، الوزير السابق ماريو عون مع وفد من أهالي الدامور الذي نقل «دعم أبناء البلدة وتأييدهم لمواقف رئيس الجمهورية».
ثم عرض الوزير السابق عون أبرز مطالب البلدة، لا سيما لجهة «استحداث دوائر للإدارات والمؤسسات التي هي على تماس مباشر مع السكان، والتي من شأنها تثبيت الداموريين في أرضهم وتعزيز حضورهم في بلدتهم».
كذلك استقبل الرئيس عون، مطران جبل لبنان للسريان الارثوذكس جورج صليبا وسفير رومانيا فكتور مارسيا مع وفد من مؤسسة «ANCI» الرومانية ورئيس مجلس محافظة مارا موريش الرومانية غبريال فالير زيتيا والمسؤولين في «جامعة الحضارة العالمية المفتوحة»، الذين وجّهوا لرئيس الجمهورية دعوة لحضور الاحتفال لتدشين المكتبة الرومانية العربية في حرم جامعة الشرق الأوسط في السبتية -البوشرية غداً الخميس، برعاية البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني وحضوره ومجلس محافظة مارا موريش.
واستقبل الرئيس عون في حضور المساعدة الخاصة لرئيس الجمهورية كلودين عون روكز، الدكتور الأميركي بول كونت مع وفد من المشاركين في ندوة «الغذاء والسموم البيئية» التي عقدت في جامعة سيدة اللويزة، وأطلعوه على التوصيات التي صدرت عن الندوة، وأبرزها، المطالبة بـ«تعليق استعمال مادة الفلورايد في الملح المستورد في لبنان، في انتظار إقرار قانون بذلك من مجلس النواب، نظراً لأن الأبحاث المخبرية أثبتت أن الفلورايد مادة سامة».
على صعيد آخر، أبرق الرئيس عون إلى الملكة إليزابيث الثانية ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مديناً، «الاعتداء الأرهابي الذي وقع في مانشستر، وأكد «وقوف لبنان رئيساً وشعباً إلى جانب بريطانيا وشعبها الصديق، للتصدي لكل أشكال الإجرام والإرهاب»، مترحماً على «الضحايا الذين سقطوا»، متمنياً «الشفاء العاجل للجرحى».
واعتبر الرئيس عون أن «مانشستر كما بيروت وباريس وغيرها من مدن وعواصم العالم، كانت هدفاً لعمليات إرهابية، لأنها اختارت أن تقف في وجه موجة من الدمار والقتل وتقويض المفاهيم الإنسانية والروحية. ولا شك في أن السبيل الأضمن للتغلّب على هذه الموجة يبقى في التضامن والتكاتف لضرب الإرهابيين أينما وجدوا، ومنع امتداد نار الإرهاب التي لم تعد محصورة في الشرق الأوسط، بل وصلت كل أصقاع الكرة الارضية وقد حان الوقت لإطفائها».